يرى الغزالي أن العلوم على نوعين، الأول: علوم المعاملة، ثم الثاني: علوم المكاشفة، دي محطات رئيسية يختلف فيها المنهج السلفي تمامًا عما عاداه، وبالذات المنهج الصوفي الذي ينتسب إليه الغزالي رحمه الله تعالى.
فالغزالي يرى أن العلوم على نوعين: الأول علوم المعاملة، والثاني علوم المكاشفة.
أما علوم المعاملة: فهي عنده العلم الظاهر، كالأحكام الفقهية ونحو ذلك.
أما علوم المكاشفة فهي العلم الباطن المتفجر من داخل القلب، وليس عن طريق الحواس الظاهرة، هذا علم لا يأتي عن طريق الحواس الظاهرة، كالعلوم الأخرى وإنما هو علم ينبع من داخل القلب، ويتفجر كالينبوع من داخل القلب، ولا يتفجر عن طريق الحواس الظاهرة، عبر عنه في بعض كتبه بأنه عبارة عن نور يظهر في القلب عند تطهيره وتزكيته من صفته المذمومة، وينكشف من ذلك النور أمور كثيرة، حتى تحصل المعرفة الحقيقية بذات الله -سبحانه وتعالى- وبصفاته الباقيات التامات وبأفعاله وبحكمه في خلق الدنيا والآخرة، والمعرفة بمعنى النبوة، ومعنى النبي ومعنى الوحي، كل هذا يأتي عن طريق الكشف، المكاشفة، والمعرفة بكيفية ظهور الملك للأنبياء وبكيفية وصول الوحي إليهم، والمعرفة بملكوت السماوات والأرض.
ثم قال أيضًا: ونعني بعلم المكاشفة أن يرتفع الغطاء، حتى تتضح له جلية الحق في هذه الأمور اتضاحًا يجري مجرى العيان الذي لا يشك فيه، يراها بقلبه كأنه يراها بعينه، يقول: وهذا ممكن في جوهره الإنسان، يعني الإنسان مخلوق وعنده هذه الملكة، أنه إذا طهر قلبه من الآفات فيستطيع أن يرى حقائق الأشياء بدون كسب كما في وسائل العلم الأخرى الحفظ والمذاكرة وحفظ المجالس وقراءة الكتب وكذا، فيأتي بدون أن تثبت ده بينبع من القلب وليس من طريق الحواس الظاهرة.
يقول إن هذا ممكن في جوهر الإنسان، لولا أن مرآة القلب قد تراكم صدؤها وخبثها بقاذورات الدنيا، فبقدر ما ينجلي القلب ويحاذي فيه شطر الحق، أي الله -سبحانه وتعالى- يتلألأ فيه حقائقه، فإذا أزيلت هذه القاذورات وتطهر القلب من تراكم هذا الصدأ فإنه يصير عند الغزالي طبعًا، عند الغزالي يصير ممكنًا أن يطلع الإنسان على اللوح المحفوظ، وأن يعرف مقادير الخلائق حسب ما هو مدون في اللوح المحفوظ، بل يصبح الإنسان قادرًا على معرفة ما سيكون في المستقبل، ويستطيع أيضًا أن يكشف ما في ضمائر الناس واعتقاداتهم، وما تخفيه صدورهم.
قراءة و تحميل كتاب موقف شيخ الاسلام من البدع والمبتدعة 2 PDF مجانا