كتاب نحو مجتمع آمنكتب إسلامية

كتاب نحو مجتمع آمن

خلق الله تعالى الإنسان وأوجده فى هذه الحياة وجعله مؤلفًا من عناصر ثلاثة، تمثلت فى عقله وبدنه وروحه، وأسكنه الأرض لمهمة بعينها، وألزمه لأجل تحقيق هذه المهمة ثلاثة أمور هى جوهر وجوده ووظيفته على الأرض؛ وهى عبادة الله، وعمارة الأرض، وتزكية النفس. وتكمن أهمية عبادة الله فى أنها تنبع من كونها الغاية التى خلق الله تعالى الخلق لأجلها فقال عز من قائل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، حتى إنه تعالى بعث الرسل لأجل تحقيق هذه الغاية من خلق الإنسان فقال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)، وما إن تتحقق هذه المهمة - شريطة أن تكون خالصة لله تعالى - فإن آثارها تبدو على الخلق ظاهرة، متمثلة فى صلاح الفرد والمجتمع، بل والكون كله، وتكون سبيل سعادة الإنسان فى الدارين؛ لأنها الزمام الذى يكبح جماح النفس البشرية من أن تنزع إلى المعاصى أو التطرف أو المغالاة، يقول تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، فالعبادة الحق هى الضمانة للإنسان من أن تنحرف نفسه البشرية إلى مهاوى الضلال والتطرف. والعبادة حينما تكون خالصة لله تعالى دون أن تعتريها آفات النفس البشرية تكون سببًا لرخاء البشرية اقتصاديًّا وتحقق البركة لقوله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)، ولها آثارها على الفرد بأن تعود عليه بطمأنينة قلبه وراحته ورضاه: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فالعبادة هى جوهر العلاقة بين العبد وربه ووسيلة تواصل لا سبيل إلى قطعها إلا بعزوف المرء عنها أو اتباعه مناهج هى أبعد ما تكون عن روح العبادة التى لا تقف عند الحركات بل تتخطاها إلى الخشوع والخضوع لله تعالى والذل والانكسار بين يديه، فهذا هو جوهر العبادة التى تكون سببًا لقبول الأعمال. وعبادة الله تلك توصلنا إلى الوظيفة الثانية أو المهمة الثانية للإنسان وهى تزكية النفس، فقال تعالى: (هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ). وبما أن التزكية تكون سببًا للوصول إلى الجنة فى الآخرة، فهى أيضًا تكون سببًا للوصول إلى جنة الدنيا وزهرتها، لأنها تهذب سلوك الإنسان بعد أن هذبت أخلاقه، فكان انعكاس صلاحها على جميع أفعال المرء المسلم فى حياته أمرًا واقعًا لا محالة، وأصبحت أفعالاً تساهم فى البناء والعمران، والتى توصلنا إلى المهمة الثالثة للإنسان وهى عمارة الأرض. ولقد اعتنى الإسلام بعمارة الأرض وأولاها اهتمامًا مشهودًا، فالمتأمل فى فقه العمارة فى الإسلام يجد أن الإسلام اهتم بالإنسان أولاً وبإعمار نفسه وتزكيتها ثانيًا حتى يصل إلى إعمار الكون حوله، فإعمار النفوس هو الأساس الذى يُبنى عليه إعمار الأرض؛ لأنه لا يمكن التأسيس لأى حضارة راقية إلا بإعمار وتزكية الجانب الخلقى للإنسان قال تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). ولأجل عمارة الأرض فقد حذر الإسلام فى تشريعه القانونى من الإفساد فى الأرض، ورغب فى الإصلاح وحذر من سفك الدماء، واعتبر أن سفك دم شخص واحد كسفك دماء الناس جميعًا، قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، ولذا كانت العقوبة التى أقرها التشريع الإسلامى رادعة وقوية على كل مفسد فى الأرض، حتى لا يشيع الفساد فى الأرض، وحتى لا يشيع القتل والدمار الذى يلحق البلاد والعبادقال تعالى:(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ). لكن فى مقابل هذه العقلية المفسدة فقد أشاع الإسلام ثقافة الإحياء وحثَّ عليها فقال تعالى: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، لأجل تحقيق السلم الاجتماعي، ولم يكن هذا قاصرًا على الإسلام فحسب بل إن كل الأديان جاءت لتحقيق السلم الاجتماعى فى مجمل رسالاتها, ووقفت ضد كل ما يهدد هذا السلم سواء جاءه التهديد من الداخل أو الخارج، وهذا ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة من إشاعة مبدأ تعزيز السلم، ومحاربة كل ما يهدده حتى لو تستر هذا التهديد بستار الدين أو اتخذه قناعًا يخفى خلفه مآربه السيئة، بل إن الإسلام اعتبر المشاركة أو الدعوة إلى تكدير السلم وإشاعة الإرهاب والفوضى والإفساد فى الأرض من الذنوب بل من الآثام التى لا تلحق بالجناة فقط إنما كل من أيد وارتضى هذه الخطايا فهو كمن شهدها أو شارك فيها. ولأجل تحقيق وظيفة الإنسان فى الأرض التى فى مجملها تؤدى إلى تعزيز السلم الاجتماعي، لا بد أن يتحرر الدين من هؤلاء الذى يتسترون خلفه ويرتدون قناعه، بأن تقابل أفعالهم برفض تام من المجتمع كله، وأن يضطلع ولاة الأمر الممثلين فى مؤسسات الدولة والممثلين فى علماء الأمة بدورهم الكبير فى التصدى للمفسدين وتحقيق هذا السلم المجتمعي. هذا الكتيب يبين الدور الأمني لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك من خلال مقدمة، ومحورين، وخاتمة. ففي المقدمة عرض خطَّةَ البحث وتساؤلاته. وأما المحور الأول: خصَّصه لبيان مفاهيم الأمر والمعروف والمنكر وأهمية كلٍّ منهما في الشَّريعة الإسلاميَّة والضَّوابط والشُّروط التي تتعلَّق بذلك، ثم عرض لواقع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأمَّا المحورُ الثَّاني: فاستهدف منه بيانَ الدَّور الأمنيّ للهيئة، كما تضمَّن البحثُ الإجابةَ على التَّساؤلات التَّالية: • ما مفهوم الأمن والمعروف والمنكر؟ • إلى أيّ مدى كان اهتمام الإسلام بهذا الأمر؟ • ما ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشروطهما؟ • ما مدى علاقة الهيئة بقضيَّة الأمن؟ • كيف تحقِّقُ الهيئةُ دورَها في إيجاد الأمن الاجتماعيِّ؟ • ما المهامُّ الرئيسة والرَّسميَّة التي تضطلع بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما علاقتها بكل من الأمن والهيئة؟
سليمان بن محمد الصغير - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الصدق الفضيلة الجامعة ❝ ❞ نحو مجتمع آمن ❝ ❞ لكي تقر عينك ❝ ❞ التقنية والعمل الدعوي ❝ ❞ القرآن معجزة أمنية ❝ الناشرين : ❞ دار ابن الأثير للنشر والتوزيع ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : خلق الله تعالى الإنسان وأوجده فى هذه الحياة وجعله مؤلفًا من عناصر ثلاثة، تمثلت فى عقله وبدنه وروحه، وأسكنه الأرض لمهمة بعينها، وألزمه لأجل تحقيق هذه المهمة ثلاثة أمور هى جوهر وجوده ووظيفته على الأرض؛ وهى عبادة الله، وعمارة الأرض، وتزكية النفس.
وتكمن أهمية عبادة الله فى أنها تنبع من كونها الغاية التى خلق الله تعالى الخلق لأجلها فقال عز من قائل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، حتى إنه تعالى بعث الرسل لأجل تحقيق هذه الغاية من خلق الإنسان فقال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)، وما إن تتحقق هذه المهمة - شريطة أن تكون خالصة لله تعالى - فإن آثارها تبدو على الخلق ظاهرة، متمثلة فى صلاح الفرد والمجتمع، بل والكون كله، وتكون سبيل سعادة الإنسان فى الدارين؛ لأنها الزمام الذى يكبح جماح النفس البشرية من أن تنزع إلى المعاصى أو التطرف أو المغالاة، يقول تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، فالعبادة الحق هى الضمانة للإنسان من أن تنحرف نفسه البشرية إلى مهاوى الضلال والتطرف.

والعبادة حينما تكون خالصة لله تعالى دون أن تعتريها آفات النفس البشرية تكون سببًا لرخاء البشرية اقتصاديًّا وتحقق البركة لقوله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)، ولها آثارها على الفرد بأن تعود عليه بطمأنينة قلبه وراحته ورضاه: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فالعبادة هى جوهر العلاقة بين العبد وربه ووسيلة تواصل لا سبيل إلى قطعها إلا بعزوف المرء عنها أو اتباعه مناهج هى أبعد ما تكون عن روح العبادة التى لا تقف عند الحركات بل تتخطاها إلى الخشوع والخضوع لله تعالى والذل والانكسار بين يديه، فهذا هو جوهر العبادة التى تكون سببًا لقبول الأعمال.

وعبادة الله تلك توصلنا إلى الوظيفة الثانية أو المهمة الثانية للإنسان وهى تزكية النفس، فقال تعالى: (هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ). وبما أن التزكية تكون سببًا للوصول إلى الجنة فى الآخرة، فهى أيضًا تكون سببًا للوصول إلى جنة الدنيا وزهرتها، لأنها تهذب سلوك الإنسان بعد أن هذبت أخلاقه، فكان انعكاس صلاحها على جميع أفعال المرء المسلم فى حياته أمرًا واقعًا لا محالة، وأصبحت أفعالاً تساهم فى البناء والعمران، والتى توصلنا إلى المهمة الثالثة للإنسان وهى عمارة الأرض.

ولقد اعتنى الإسلام بعمارة الأرض وأولاها اهتمامًا مشهودًا، فالمتأمل فى فقه العمارة فى الإسلام يجد أن الإسلام اهتم بالإنسان أولاً وبإعمار نفسه وتزكيتها ثانيًا حتى يصل إلى إعمار الكون حوله، فإعمار النفوس هو الأساس الذى يُبنى عليه إعمار الأرض؛ لأنه لا يمكن التأسيس لأى حضارة راقية إلا بإعمار وتزكية الجانب الخلقى للإنسان قال تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

ولأجل عمارة الأرض فقد حذر الإسلام فى تشريعه القانونى من الإفساد فى الأرض، ورغب فى الإصلاح وحذر من سفك الدماء، واعتبر أن سفك دم شخص واحد كسفك دماء الناس جميعًا، قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، ولذا كانت العقوبة التى أقرها التشريع الإسلامى رادعة وقوية على كل مفسد فى الأرض، حتى لا يشيع الفساد فى الأرض، وحتى لا يشيع القتل والدمار الذى يلحق البلاد والعبادقال تعالى:(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

لكن فى مقابل هذه العقلية المفسدة فقد أشاع الإسلام ثقافة الإحياء وحثَّ عليها فقال تعالى: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، لأجل تحقيق السلم الاجتماعي، ولم يكن هذا قاصرًا على الإسلام فحسب بل إن كل الأديان جاءت لتحقيق السلم الاجتماعى فى مجمل رسالاتها, ووقفت ضد كل ما يهدد هذا السلم سواء جاءه التهديد من الداخل أو الخارج، وهذا ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة من إشاعة مبدأ تعزيز السلم، ومحاربة كل ما يهدده حتى لو تستر هذا التهديد بستار الدين أو اتخذه قناعًا يخفى خلفه مآربه السيئة، بل إن الإسلام اعتبر المشاركة أو الدعوة إلى تكدير السلم وإشاعة الإرهاب والفوضى والإفساد فى الأرض من الذنوب بل من الآثام التى لا تلحق بالجناة فقط إنما كل من أيد وارتضى هذه الخطايا فهو كمن شهدها أو شارك فيها.

ولأجل تحقيق وظيفة الإنسان فى الأرض التى فى مجملها تؤدى إلى تعزيز السلم الاجتماعي، لا بد أن يتحرر الدين من هؤلاء الذى يتسترون خلفه ويرتدون قناعه، بأن تقابل أفعالهم برفض تام من المجتمع كله، وأن يضطلع ولاة الأمر الممثلين فى مؤسسات الدولة والممثلين فى علماء الأمة بدورهم الكبير فى التصدى للمفسدين وتحقيق هذا السلم المجتمعي.


هذا الكتيب يبين الدور الأمني لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك من خلال مقدمة، ومحورين، وخاتمة.

ففي المقدمة عرض خطَّةَ البحث وتساؤلاته. وأما المحور الأول: خصَّصه لبيان مفاهيم الأمر والمعروف والمنكر وأهمية كلٍّ منهما في الشَّريعة الإسلاميَّة والضَّوابط والشُّروط التي تتعلَّق بذلك، ثم عرض لواقع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأمَّا المحورُ الثَّاني: فاستهدف منه بيانَ الدَّور الأمنيّ للهيئة، كما تضمَّن البحثُ الإجابةَ على التَّساؤلات التَّالية:

• ما مفهوم الأمن والمعروف والمنكر؟
• إلى أيّ مدى كان اهتمام الإسلام بهذا الأمر؟
• ما ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشروطهما؟
• ما مدى علاقة الهيئة بقضيَّة الأمن؟
• كيف تحقِّقُ الهيئةُ دورَها في إيجاد الأمن الاجتماعيِّ؟
• ما المهامُّ الرئيسة والرَّسميَّة التي تضطلع بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما علاقتها بكل من الأمن والهيئة؟


للكاتب/المؤلف : سليمان بن محمد الصغير .
دار النشر : دار ابن الأثير للنشر والتوزيع .
عدد مرات التحميل : 7182 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الإثنين , 25 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 315.5 كيلوبايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

خلق الله تعالى الإنسان وأوجده فى هذه الحياة وجعله مؤلفًا من عناصر ثلاثة، تمثلت فى عقله وبدنه وروحه، وأسكنه الأرض لمهمة بعينها، وألزمه لأجل تحقيق هذه المهمة ثلاثة أمور هى جوهر وجوده ووظيفته على الأرض؛ وهى عبادة الله، وعمارة الأرض، وتزكية النفس.
وتكمن أهمية عبادة الله فى أنها تنبع من كونها الغاية التى خلق الله تعالى الخلق لأجلها فقال عز من قائل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، حتى إنه تعالى بعث الرسل لأجل تحقيق هذه الغاية من خلق الإنسان فقال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)، وما إن تتحقق هذه المهمة - شريطة أن تكون خالصة لله تعالى - فإن آثارها تبدو على الخلق ظاهرة، متمثلة فى صلاح الفرد والمجتمع، بل والكون كله، وتكون سبيل سعادة الإنسان فى الدارين؛ لأنها الزمام الذى يكبح جماح النفس البشرية من أن تنزع إلى المعاصى أو التطرف أو المغالاة، يقول تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، فالعبادة الحق هى الضمانة للإنسان من أن تنحرف نفسه البشرية إلى مهاوى الضلال والتطرف.

والعبادة حينما تكون خالصة لله تعالى دون أن تعتريها آفات النفس البشرية تكون سببًا لرخاء البشرية اقتصاديًّا وتحقق البركة لقوله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)، ولها آثارها على الفرد بأن تعود عليه بطمأنينة قلبه وراحته ورضاه: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فالعبادة هى جوهر العلاقة بين العبد وربه ووسيلة تواصل لا سبيل إلى قطعها إلا بعزوف المرء عنها أو اتباعه مناهج هى أبعد ما تكون عن روح العبادة التى لا تقف عند الحركات بل تتخطاها إلى الخشوع والخضوع لله تعالى والذل والانكسار بين يديه، فهذا هو جوهر العبادة التى تكون سببًا لقبول الأعمال.

وعبادة الله تلك توصلنا إلى الوظيفة الثانية أو المهمة الثانية للإنسان وهى تزكية النفس، فقال تعالى: (هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ). وبما أن التزكية تكون سببًا للوصول إلى الجنة فى الآخرة، فهى أيضًا تكون سببًا للوصول إلى جنة الدنيا وزهرتها، لأنها تهذب سلوك الإنسان بعد أن هذبت أخلاقه، فكان انعكاس صلاحها على جميع أفعال المرء المسلم فى حياته أمرًا واقعًا لا محالة، وأصبحت أفعالاً تساهم فى البناء والعمران، والتى توصلنا إلى المهمة الثالثة للإنسان وهى عمارة الأرض.

ولقد اعتنى الإسلام بعمارة الأرض وأولاها اهتمامًا مشهودًا، فالمتأمل فى فقه العمارة فى الإسلام يجد أن الإسلام اهتم بالإنسان أولاً وبإعمار نفسه وتزكيتها ثانيًا حتى يصل إلى إعمار الكون حوله، فإعمار النفوس هو الأساس الذى يُبنى عليه إعمار الأرض؛ لأنه لا يمكن التأسيس لأى حضارة راقية إلا بإعمار وتزكية الجانب الخلقى للإنسان قال تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

ولأجل عمارة الأرض فقد حذر الإسلام فى تشريعه القانونى من الإفساد فى الأرض، ورغب فى الإصلاح وحذر من سفك الدماء، واعتبر أن سفك دم شخص واحد كسفك دماء الناس جميعًا، قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، ولذا كانت العقوبة التى أقرها التشريع الإسلامى رادعة وقوية على كل مفسد فى الأرض، حتى لا يشيع الفساد فى الأرض، وحتى لا يشيع القتل والدمار الذى يلحق البلاد والعبادقال تعالى:(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

لكن فى مقابل هذه العقلية المفسدة فقد أشاع الإسلام ثقافة الإحياء وحثَّ عليها فقال تعالى: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، لأجل تحقيق السلم الاجتماعي، ولم يكن هذا قاصرًا على الإسلام فحسب بل إن كل الأديان جاءت لتحقيق السلم الاجتماعى فى مجمل رسالاتها, ووقفت ضد كل ما يهدد هذا السلم سواء جاءه التهديد من الداخل أو الخارج، وهذا ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة المنورة من إشاعة مبدأ تعزيز السلم، ومحاربة كل ما يهدده حتى لو تستر هذا التهديد بستار الدين أو اتخذه قناعًا يخفى خلفه مآربه السيئة، بل إن الإسلام اعتبر المشاركة أو الدعوة إلى تكدير السلم وإشاعة الإرهاب والفوضى والإفساد فى الأرض من الذنوب بل من الآثام التى لا تلحق بالجناة فقط إنما كل من أيد وارتضى هذه الخطايا فهو كمن شهدها أو شارك فيها.

ولأجل تحقيق وظيفة الإنسان فى الأرض التى فى مجملها تؤدى إلى تعزيز السلم الاجتماعي، لا بد أن يتحرر الدين من هؤلاء الذى يتسترون خلفه ويرتدون قناعه، بأن تقابل أفعالهم برفض تام من المجتمع كله، وأن يضطلع ولاة الأمر الممثلين فى مؤسسات الدولة والممثلين فى علماء الأمة بدورهم الكبير فى التصدى للمفسدين وتحقيق هذا السلم المجتمعي.


 هذا الكتيب يبين الدور الأمني لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك من خلال مقدمة، ومحورين، وخاتمة. 

 ففي المقدمة عرض خطَّةَ البحث وتساؤلاته. وأما المحور الأول: خصَّصه لبيان مفاهيم الأمر والمعروف والمنكر وأهمية كلٍّ منهما في الشَّريعة الإسلاميَّة والضَّوابط والشُّروط التي تتعلَّق بذلك، ثم عرض لواقع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 

 وأمَّا المحورُ الثَّاني: فاستهدف منه بيانَ الدَّور الأمنيّ للهيئة، كما تضمَّن البحثُ الإجابةَ على التَّساؤلات التَّالية: 

 • ما مفهوم الأمن والمعروف والمنكر؟
• إلى أيّ مدى كان اهتمام الإسلام بهذا الأمر؟ 
• ما ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشروطهما؟
 • ما مدى علاقة الهيئة بقضيَّة الأمن؟
 • كيف تحقِّقُ الهيئةُ دورَها في إيجاد الأمن الاجتماعيِّ؟ 
• ما المهامُّ الرئيسة والرَّسميَّة التي تضطلع بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما علاقتها بكل من الأمن والهيئة؟ 



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل نحو مجتمع آمن
سليمان بن محمد الصغير
سليمان بن محمد الصغير
Suleiman bin Muhammad al Saghir
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الصدق الفضيلة الجامعة ❝ ❞ نحو مجتمع آمن ❝ ❞ لكي تقر عينك ❝ ❞ التقنية والعمل الدعوي ❝ ❞ القرآن معجزة أمنية ❝ الناشرين : ❞ دار ابن الأثير للنشر والتوزيع ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب إسلامية متنوعة

الأخطاء العقدية في ترجمات السنة النبوية: أسبابها والتدابير الواقية منها PDF

قراءة و تحميل كتاب الأخطاء العقدية في ترجمات السنة النبوية: أسبابها والتدابير الواقية منها PDF مجانا

علماء وحكماء من الغرب انصفوا الإسلام PDF

قراءة و تحميل كتاب علماء وحكماء من الغرب انصفوا الإسلام PDF مجانا

التأصيل مبدأ وغاية PDF

قراءة و تحميل كتاب التأصيل مبدأ وغاية PDF مجانا

النفحات الزكية من المراسلات العلمية PDF

قراءة و تحميل كتاب النفحات الزكية من المراسلات العلمية PDF مجانا

فقد آذنته بالحرب PDF

قراءة و تحميل كتاب فقد آذنته بالحرب PDF مجانا

الإتحاف في الاعتكاف PDF

قراءة و تحميل كتاب الإتحاف في الاعتكاف PDF مجانا

عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل وأثر ذلك في حفظ السنة النبوية فارح PDF

قراءة و تحميل كتاب عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل وأثر ذلك في حفظ السنة النبوية فارح PDF مجانا

فتح القريب المجيب على الكتاب المسمى بالتقريب PDF

قراءة و تحميل كتاب فتح القريب المجيب على الكتاب المسمى بالتقريب PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..