هذه الآيات التي يحتاج إلى معرفتها راغب في معرفة الأحكام الشرعية القرآنية، وقد قيل: إنها خمسمائة آية، وما صح ذلك، وإنما هي مائتا آية أو قريب من ذلك.
وإن عدلنا عنه وجعلنا الآية كل جملة مفيدة يصح أن تسمى كلاما في عرف النحاة، كانت أكثر من خمسمائة آية. وهذا القرآن من شكّ فيه فليعد.
ولا أعلم أن أحدا من العلماء أوجب حفظها غيبا، بل شرط أن يعرف مواضعها حتى يتمكن عند الحاجة من الرجوع إليها، فمن نقلها إلى كراسة وأفردها كفاه ذلك.
ولم أستقص فيه نوعين من آيات الأحكام:
أحدهما: ما مدلوله بالضرورة كقوله سبحانه وتعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ [سورة البقرة: آية 43] للأمان من جهله، إلا أن تشتمل الآية من ذلك على ما لا يعلم بالضرورة بل بالاستدلال، فأذكرها لأجل القسم الاستدلالي منهما كآية الوضوء والتيمم.
وثانيهما: ما اختلف المجتهدون في صحة الاحتجاج فيه على أمر معين وليس بقاطع الدلالة ولا واضحها، فإنّه لا يجب على من لا يعتقد فيه دلالة أن يعرفه إذ لا ثمرة لإيجاب معرفة الاستدلال به، وذلك كالاستدلال على تحريم لحوم الخيل بقوله تعالى:
لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً [سورة النحل: آية 8] وهذا لا تجب معرفته إلا على من يحتج به من المجتهدين إذ لا سبيل إلى حصر كل ما يظنّ أو يجوز فيه استنباط الأحكام من خفيّ معانيه، ولا طريق إلى ذلك إلا عدم الوجدان وهي من أضعف الطرق عند علماء البرهان.
وليس القصد إلا ذكر ما يدل على الأحكام دلالة واضحة، لتكون عناية طالب الأحكام به أكثر وإلا فليس يحسن من طالب العلم أن يهمل النظر في جميع كتاب الله تعالى مقدما للعناية فيه، شاملا للطائف معانيه، مستنبطا للأحكام والآداب من ظواهره وخوافيه، فإنه الأمان من الضلال، والعمود الأعظم في جميع الأحوال، والأنيس في الوحدة، والغوث في الشدّة، والنور في الظّلمة، والفرج للغمة، والشفاء للصدور، والفيصل عند اشتباه الأمور. فلا ينبغي أن يغفل عنه لحظة، ولا أن يزهد منه في لفظة.
وقد أفرد السيد الإمام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير- رحمه الله تعالى- فضائل القرآن والتنبيه على الاعتماد عليه في مصنف مفرد.
وها أنا أفسر تلك الآيات المشار إليها بتفسير وجيز جامع لما له وعليه، ولم آخذ فيها من الأقوال المختلفة إلا الأرجح، ومن الدلائل المتنوعة إلا الأصح الأصرح.
ولعمري لا يوجد قط تفسير موجز بهذا النمط.
وكانت بدايته في أول شهر صفر ونهايته فيه من حدود سنة سبع وثمانين ومائتين وألف الهجرية على صاحبها الصلاة والتحية. وسميته «نيل المرام من تفسير آيات الأحكام» .
وألفت بعد ذلك تفسيرا لمقاصد القرآن المسمى ب «فتح البيان» جامعا للرواية والدراية والاستنباط والأحكام. فإن كنت ممن يريد الصعود على معارج التحقيق، والقعود في محراب التدقيق، فعليك بذلك التفسير ولعلك لا تجد مثله في إخوانه إن شاء الله القدير.
والله سبحانه أسأل أن يجعل هذا المختصر خالصا لوجهه الكريم وينفع المسلمين بلطفه العميم.
قراءة و تحميل كتاب روائع التفسير الجامع لتفسير الإمام المجلد الاول PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب تدبر القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب نظرية الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم من خلال الأساس في التفسير PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب لعلهم يتفكرون قراءة تفكرية في آيات ال العزيز PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب موازنة بين الضبط في الرسم المصحفي والرسم القياسي PDF مجانا