المتشابه من القرآن هو ما خفي بنفس اللفظ ولا يرجى دركه أصلا، كالمقطعات في أوائل السور. الآيات المتشابهات هي الآيات القرآنية المتشابهة التي تحمل أكثر من تفسير، يقول الله تعالى في سورة آل عمران {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ} ، في هذه الآية بداية ونهاية فرع من علوم القرآن الكريم نجده يبدأ منها وينتهي عندها، إذ احتوت كلماتها على المحكم ويقابله المتشابه، والراسخون في العلم يقابلهم الذين في قلوبهم زيغ، ومن هذه الاية كانت بداية تعريف كل من المحكم والمتشابه، وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (العلم ثلاثة فما سوى ذلك فهو فضل : آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة).
المحكم والمتشابه
اختلف العلماء في تحديد معنى المحكم والمتشابه، فالبعض اعتبر أن المحكم هو الواضح الدلالة، ولا يحتاج إلى بيان، والمتشابه هو الخفي الدلالة، ويحتاج إلى بيان، والبعض الآخر اعتبر (المحكم) ما يمكن معرفة معناه ودلالاته بالتفسير والتأويل، والمتشابه اختص الله به فلا تعلم دلالته ولا معناه، لا بالتفسير ولا بالتأويل.
قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: وقد اختلف في تعيين (المحكم والمتشابه) على أقوال:
فقيل: المحكم ما عرف المراد منه، إما بالظهور وإما بالتأويل، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل السور.
وقيل: المحكم ما وضح معناه والمتشابه نقيضه.
وقيل: المحكم ما لا يتحمل من التأويل إلا وجها واحدا، والمتشابه ما احتمل أوجها.
وقيل: المحكم ما كان معقول المعنى، والمتشابه بخلافه، كإعداد الصلوات واختصاص الصيام برمضان دون شعبان، قاله الماوردي.
وقيل: المحكم ما استقل بنفسه والمتشابه ما لا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره.
وقيل: المحكم ما تأويله تنزيله، والمتشابه ما لا يدرى إلا بالتأويل.
وقيل: المحكم ما لم تتكرر ألفاظه ومقابله المتشابه.
وقيل: المحكم الفرائض والوعد الوعيد، والمتشابه القصص والأمثال.
وقال ابن عباس: المحكمات: ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه... والمتشابهات: منسوخه ومقدمه ومؤخره وأقسامه وأمثاله، وروي عن مجاهد قال: المحكمات ما فيه الحرام والحلال وما سوى ذلك منه متشابه يصدق بعضه بعضا...، وروي عن الضحاك قوله: المحكمات ما لم ينسخ منه، والمتشابهات ما قد نسخ.
وعرف الزركشي في البرهان في علوم القرآن المحكم بأنه ما أحكمته بالأمر والنهي وبيان الحلال والحرام، والمتشابه ما يشتبه اللفظ فيه في الظاهر مع اختلاف المعاني، ويقال للغامض متشابه، واختلفوا فيه، فقيل: هو المشتبه الذي يشبه بعضه بعضا، وقيل: هو المنسوخ غير المعمول به، وقيل: القصص والأمثال، وقيل: فواتح السور، وقيل: ما لا يدرى إلا بالتأويل وهذه الأقوال بالرغم من تعددها فهي دالة على المراد، ومعبرة، وواضحة، فالمتشابه ما كان غامض الدلالة، محتاجا لتأويل، محتملا عدة أوجه، لا مجال للترجيح بينها بمجرد العقل، ولابد فيها من دليل نقلي...
ونقل صاحب البرهان عن ابن حبيب النيسابوري تعدد الأقوال في هذه المسألة، من حيث كون القرآن محكما ومتشابها أو مشتملا على المحكم والمتشابه، فاعتبر البعض أن القرآن محكم، لقوله تعالى: {كتاب أحكمت آياته} والبعض قال: إنه متشابه، والصحيح أنه منه المحكم ومنه المتشابه، كما جاء في القرآن نفسه...
وذهب بعض المتكلمين إلى أن القرآن يجب أن يكون معلوما وإلا بطلت فائدة الانتفاع به، ونقل الراغب الأصفهاني قولهم هذا، وناقش الزركشي كلام من قال: ما الحكمة في إنزال المتشابه ممن أراد لعباده البيان والهدى، فأجاب بأن الأمر لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: إن كان يمكن علمه فله فائدتان:
الفائدة الأولى: حث العلماء على النظر الموجب للعلم بغوامضه والبحث عن دقائق معانيه، فإن استدعاء الهمم لمعرفة ذلك من أعظم القرب.
الفائدة الثاني: إظهار فضل العالم على الجاهل، ويستدعيه علمه إلى المزيد في الطلب في تحصيله ليحصل له درجة الفضل...
الحالة الثانية: إن كان لا يمكن علمه فله فائدتان:
الفائدة الأولى: إنزاله ابتلاء وامتحانا بالوقف فيه والتعبد بالاشتغال من جهة التلاوة وقضاء فرضها... ويجوز أن يمتحنهم بالإيمان بها حيث ادعوا وجوب رعاية الأصلح...
الفائدة الثانية: إقامة الحجة بها عليهم، وذلك لأن القرآن نزل بلغة العرب فإذا عجزوا عن الوقوف على ما فيها مع بلاغتهم وأفهامهم دلّ ذلك على أن الذي أعجزهم عن الوقوف هو الذي أعجزهم عن تكرر الوقوف عليها.
ولا شك أن هناك حكمة من إيراد الآيات المتشابهات، ولا يمكن أن يكون الأمر من غير غاية، ومن الإعجاز أن تخفى غايات المتشابه، وأن يقع الاختلاف في تحديد مراده، لأن العقول البشرية لا يمكن أن تدرك كنه بعض الحقائق المتعلقة بالله وبالكون، وبالغيب وبالحياة الآخرة، ولابد من بعض الغموض، وهو غموض نسبي، بسبب عجز العقول عن الفهم، ولا يكلف الإنسان بإدراك ما لا يطيق من معرفة الأمور التي لا يدركها العقل.
وليس من حق الإنسان أن يطلب معرفة كل شيء، وهذا أمر فيه استحالة، فالحياة أكثر تعقيدا مما يتصوره العقل، وعلى الإنسان أن يسلم فيما لا يقدر على إدراكه، وأن يؤمن بحكمة الله، وأن ما جاء به هو الحق، والخطاب القرآني موجه لكل الناس وفي جميع الأزمان، ولا يمكن أن يدرك كل مخاطب حكمته وأسراره، وأن يحيط بكل شيء...
وذهب الخطابي إلى أن المتشابه على ضربين:
أحدهما: يعرف معناه إذا رد إلى المحكم واعتبر به.
والآخر: لا سبيل إلى الوقوف على حقيقته، وهذا النوع هو الذي يتبعه أهل الزيغ فيطلبون تأويله ولا يبلغون كنهه، فيرتابون فيه فيفتنون...
وقال ابن الحصار: قسم الله آيات القرآن إلى محكم ومتشابه، وأخبر عن المتشابه أنها أم الكتاب، لأن إليها ترد المتشابهات وهي التي تعتمد في فهم مراد الله من كل ما تعبدهم به من معرفته وتصديق رسله وامتثال أوامره واجتنابه نواهيه.
ومنشأ التشابه يعود إلى خفاء وغموض المعنى المقصود، والخفاء يعود إلى أسباب ثلاثة:
خفاء في اللفظ: مثل فواتح السور، أو في المفرد بسبب اشتراكه بين عدّة معان، مثل العين: تأتي للجارحة، ونبع الماء، والذهب، والفضة، وغير ذلك.
خفاء في المعنى: مثل ما جاء في القرآن والسّنّة وصفا لله تعالى أو لأهوال القيامة، أو لنعيم الجنة، وعذاب النار، فإنّ العقل البشري لا يمكن أن يحيط بحقائق صفات الخالق، ولا بأهوال القيامة، ولا بنعيم أهل الجنة وعذاب النار.
خفاء في اللفظ والمعنى معا: مثل قول الله تعالى: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها} [البقرة: 189] فقد كان العرب في الجاهلية إذا أحرموا وأرادوا دخول بيوتهم - وكانوا من أهل البيوت لا من أهل الخيام - نقبوا نقبا في ظهور بيوتهم يدخلون ويخرجون منه، وإن كانوا من أهل الأخبية خرجوا من خلف الأخبية، فنزل: {وأتوا البيوت من أبوابها} [البقرة: 189]. فمنشأ الخفاء في اللفظ الاختصار، كأنّ المعنى: وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها إذا كنتم محرمين. ومنشأ الخفاء في المعنى: أنه لابد من معرفة عادة العرب في الجاهلية، وإلا لتعذّر فهمه.
أنواع المتشابه
قسم الراغب الأصفهاني في كتابه: (المفردات في غريب القرآن) الآيات إلى ثلاثة أضرب، محكم على الإطلاق، ومتشابه على الإطلاق، ومحكم من وجه متشابه من وجه، والمتشابه ثلاثة أضرب أيضا:
الضرب الأول: متشابه من جهة اللفظ فقط، وهذا التشابه يرجع إلى الألفاظ المفردة من حيث الغرابة أو الاشتراك، كما يرجع أحيانا إلى جملة الكلام المركب سواء من حيث الاختصار أو البسط أو النظم... وقد ألف فيه كتب كثيرة قديما وحديثا ومنها على سبيل المثال كتاب اللؤلؤ والمرجان في متشابه القرآن.
الضرب الثاني: متشابه من جهة المعنى. ويشمل هذا المتشابه ما تعلق بأوصاف الله تعالى وأوصاف القيامة، لأن تلك الأوصاف لا تتصور لنا ولا تحصل في نفوسنا...
الضرب الثالث: متشابه من جهة اللفظ والمعنى معا، وهو أقسام:
الأول: من جهة الكمية كالعموم والخصوص كقوله تعالى: {فاقتلوا المشركين} [التوبة: 5].
الثاني: من جهة الكيفية كالوجوب والندب كقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} [النساء: 3].
الثالث: من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ، كقوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته} [آل عمران: 102].
الرابع: من جهة المكان والأمور نزلت فيها كقوله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر} [التوبة: 37]. ويشترط لفهم الآية معرفة عادات الجاهلية.
الخامس: من جهة الشروط التي يصح بها الفعل أو يفسد، كشروط الصلاة والنكاح، وأكد الأصفهاني أن كل ما ذكره المفسرون عن المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم.
وينقسم المتشابه من جهة أخرى إلى ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه كوقت الساعة، وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة، وضرب متردد بين الأمرين، ويختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم، ويخفى على غيرهم وهو المشار إليه بقوله ﷺ: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل).
آيات الصفات
أبرز ما وقع الاختلاف فيه في موضوع الآيات المتشابهة آيات الصفات، وأكثر العلماء يقولون إن آيات الصفات التي توهم التشبيه هي من المتشابه كقوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم}، وقوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه}، وقوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى}. وذهب جمهور أهل السلف وأهل الحديث إلى الإيمان بما جاء في القرآن، وإثبات المعنى الحقيقي الظاهر، وتفويض الكيفية إلى الله، وعدم الخوض في تفسير هذه الآيات وتأويلها فيقولون {آمنا به كل من عند ربنا}. والخلف يؤولون، فيقولون: إن اليد هي القدرة، والاستواء الاستيلاء، والوجه هو الذات; وهكذا يعتبرون تلك الآيات من المتشابه. وقد وجد من العلماء من لم يعدوا آيات الصفات من المتشابه إنما المتشابه عند أكثرهم هو ما يكون خاصا بالغيب الذي لا نعلمه، ولم يعلمه لنا، كحقيقة الروح، وما يكون من نعيم اليوم الآخر، والعقاب والثواب فيه; من حيث إنه لا يعرف مآله إلا الله تعالى، وما أخبره الله تعالى إن هو إلا تقريب، ففي الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وهؤلاء الذين نفوا أن آيات الصفات من المتشابه، لهم ثلاثة مناهج:
كتاب الإيقاظ لتذكير الحفاظ بالآيات المتشابهة الألفاظ pdf للكاتب جمال عبد الرحمن , رأينا في الكثير من آيات الكتاب الكريم آيات تكررت وترددت في كثير من مواضع الكتاب الكريم وهذا يدفع إلى الحفاظ والإتقان في الحفظ ليسهل عليهم التفرقة بين الآيات المتشابهة في التلاوة وقد كان القصد من هذا المؤلف استنتاج علامات وإشارات تعين الحافظ والقارئ على فصل الشبهات استمتع بقراءة كتاب الإيقاظ لتذكير الحفاظ بالآيات المتشابهة الألفاظ اونلاين او قم بتحميله مجانا
قراءة و تحميل كتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم مجلد 1 PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب العلاج بالقرآن : ماهيته . أهميته . ضوابطه PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب القصص القرآني دراسة لأسلوب القصص القرآني قصة يوسف عليه السلام نموذجاً PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب اسئلة القران المجيد واجوبتها من غرائب أي التنزيل 1236 سؤال وجواب PDF مجانا