زغل العلم ابن تيمية

يكفي كي تعرف قدر الإمام الذهبي أن ابن حجر نفسه لما شرب من ماء زمزم شربه بنية أن ينال منزلة الحافظ الذهبي في علم الحديث، ما تريد أكثر من ذلك حتى تعلم معنى كلمة الذهبي، كان من أهل الاستقراء التام للرجال أولو العلم.
القصة أن بين وقت والثاني يطلع ناس ينبشون هذا الموضوع ويأتوا بالرسالة أو النصيحة الذهبية، يزعمون أن الإمام الذهبي رحمه الله كتب هذه الرسالة يخاطب بها ابن تيمية، طبعًا متوقع من يكون أكثر فرح بهذه الرسالة الذهبية؟ الكوثري، محمد زاهد الكوثري العدو اللدود لشيخ الإسلام ابن تيمية، هو فرح جدًا بهذه المخطوطة وسن سنة سيئة بأن بعثها من رقادها ونشرها وأودعها خزانة دار الكتب المصرية مخصوص فرحًا بالذهبي يشتم ابن تيمية هذه الشتائم.
فنبدأ أولًا بذكر الرسالة رسالة النصيحة الذهبية إلى ابن تيمية، هذا ما وجد بخط ابن القاضي شعبة، رسالة كتب بها الشيخ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية، كتبتُها، هذا كلام ابن القاضي شهبة، كتبتها من خط قاضي القضاة برهان الدين بن جماعة رحمه الله.
وكتبها هو من خط الشيخ الحافظ أبي سعيد بن العلائي، وهو كتبها من خط مرسلها الشيخ شمس الدين، طبعًا الجزئية هذه بالذات موضوع الخط أنه يقول خط فلان عن خط فلان إلى آخره سنقف عندها وقفة، لأن هذا أمر يطرقه احتمالات عدة، على أسوأ الاحتمالات أنها فعلًا بخط الذهبي، لكن ليس يكون شرط أن الذهبي كتبها، لأن طبيعة العالم، فلم يكن عندهم تصوير، لم يكن موجود عندهم.
فكان عادي جدًا لما عالم يقع على نص معين والوثيقة ليست له فيكتبها بخطه، ويحافظ عليها حتى لما يفرغ يتفرغ للرد عليها، فهذه وسيلة من وسائل تقييد العلم كي لا يضيع، أو الوثيقة نفسها فممكن لما رآها الذهبي كتبها بخطه وتركها كعادة أي عالم إلى أن يأتي فرصة ليرد بها على هذا ال...، هذا احتمال.
يوجد احتمالات أخرى سنناقشها فيما بعد إن شاء الله.
الحمد لله على ذلتي يا رب ارحمني وأقلني عثرتي، واحفظ علي إيماني. واحزناه على قلة حزني، وا أسفاه على السنة وذهاب أهلها، وا شوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء، واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم، وأهل التقوى، وكنوز الخيرات، آه على وجود درهم حلال، وأخ مؤنس.
طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتباً لمن شغلته عيوب الناس عن عيبه.
ثم حصل التفات، دخل في الموضوع مباشرة، طبعا مع أن السنة في الرسالة دائمًا السائل من فلان إلى فلان، فهنا لم يكن ذكر مِن مَن إلى من، هذا دخل في الموضوع مباشرة بالجملة التي قالها، ثم مباشرة قال: وتباً لمن شغلته عيوب الناس عن عيبه.
 إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك، وتذم العلماء، وتتبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تذكروا موتاكم إلا بخير، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا».
فطبعًا عورات الناس، هو شيخ الإسلام لم يكن يتتبع عورات الناس على مستوى المعاصي أو الذنوب أو كذا، لكن شيخ الإسلام كان يتتبع عورات أهل البدع، العورات العلمية، يرد عليهم ويكشف زيفهم ودجلهم، وباطلهم، فهذه وجه نظر أعداء شيخ الإسلام، أن جهاده وبيانه ودفاعه عن السنة والتصدي لأهل البدع وتحذيره منهم يسمونه تتبع لعورات الناس.
أما نحن فنسميه نصيحة للمسلمين، ونسميه أيضًا ما أبلغ من النصيحة للمسلمين، سميناه إصلاح ذات البين، هذه صورة من صور إصلاح ذات البين أنك تدخل لتجمع المسلمين على الهدى كما ضرب المثل بالإمام أحمد، جهاده ضد المعتزلة وصبره على فتنتهم هذه صورة من صور إصلاح ذات البين.
بعكس الناس الذين يظنوا أن إصلاح ذات البين بعدم تفريق الناس، اترك الأشعري على أشعريته والصوفي على صوفيته ولا تفرق الأمة، فهذا إفساد لذات البين، أما إصلاح ذات البين هو جمعهم على الحق.
لأن هذا هو مقصد الشرع الشريف، فهذا سميناه ليس فقط نصيحة للمسلمين، هذا اسمه إصلاح لذات بين المسلمين التي قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال:1]. ومن يتخيل أن مثل هذا الكلام يوجده لمثل ابن تيمية؟ ويوجه من الذهبي؟ فانظروا للكلام ماذا يقولون. مع علمك بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تذكروا موتاكم إلا بخير فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا».
بلى أعرف أنك تقول لي لتنصر نفسك: إنما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شموا رائحة الإسلام، ولا عرفوا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو جهاد. بلى والله عرفوا خيراً كثيراً مما إذا عمل به العبد فاز، وجهلوا شيئاً كثيراً مما لا يعنيهم و «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه». يا رجل بالله عليك.