كتاب تنبيهات حول بعض المخالفات الواقعة في المقابركتب إسلامية

كتاب تنبيهات حول بعض المخالفات الواقعة في المقابر

لا ريب أن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة شاملة، تناولت جوانب الحياة كافة بما يكفل سعادة العباد في الدنيا والآخرة، واشتملت على تنظيم أمور الحياة بما يحقق استقامة العباد على ما ينبغي أن يكونوا عليه. ومما جاءت به شريعة الإسلام ما يتعلق بأحكام وآداب المقابر، فراعت ما ينبغي من البعد عن حصول الشركيات والبدع التي تنجم عما يحدثه الناس في هذا الباب، وراعت الشريعة – أيضًا – مقصدًا جليلاً يتمثل في احترام القبور؛ لحرمة الأموات المسلمين، إذ المسلم محترم حيًا وميتًا. وقد لاحظت في مرات عديدة وقوع عدد من المخالفات من بعض الناس لدى مجيئهم لقبر أحد من ذويهم أو معارفهم، أو لدى زيارتهم للقبور، ورغبة في التواصي بالحق وبيانه فقد حررت هذه الأسطر رجاء النفع بها. أسأل الله أن يكتب التوفيق للجميع، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم مدنية من جناته جنات النعيم، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يباعدنا عن أسباب سخطه وأليم عقابه، وأن يرزقنا الخاتمة الحسنة والعاقبة الحميدة في الأمور كلها، وأن يجعل قبورنا إذا صرنا إليها وإخواننا المسلمين رياضًا من رياض الجنة. إنه سبحانه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. مشروعية زيارة القبور وتشييع الجنائز للرجال دون النساء وبيان فضل ذلك اتفق أهل العلم على مشروعية زيارة القبور واتباع الجنائز، وذلك بالنسبة للرجال دون النساء، وسيأتي ذكر النصوص الدالة على هذا، مع بيان شيء من حكمة منع النساء من زيارة القبور وتشييع الجنائز. أما المشروعية في حق الرجال: فلما روى الإمام مسلم رحمه الله في «صحيحه»([1]) عن النبي ﷺ‬ أنه قال: «كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها». وفي لفظ: «فإنها تذكر الآخرة»([2]). وفي رواية: «فإنها تذكر الموت». وفي رواية ([3]): «فإنها ترقق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هجرًا([4])». وفي رواية ([5]): «فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة»... «وترغب في الآخرة»([6]). ومما جاء في فضل اتباع الجنازة وتشييعها: ما رواه البخاري ومسلم - واللفظ له ([7]) - عن أبي هريرة t عن النبي ﷺ‬ قال: «من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط، فإن تبعها فله قيراطان» قيل: وما القيراطان؟ قال: «أصغرهما مثل أحد». ومما ثبت في فضل شهود الجنازة عند دفنها: ما رواه الإمام مسلم ([8]) عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ‬، رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ‬ قال: «من صلى على جنازة فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط مثل أحد». وبهذا يعلم ما في هذه الأعمال من الثواب العظيم، كما أن فيها قيامًا بحق المسلم، حيث يستمر هذا الحق حتى بعد الموت. بما يحمل المسلم على الحرص على نيل هذا الثواب والقيام بواجب الأخوة الإسلامية. ففي «الصحيحين» عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: «حق المسلم على المسلم ست» قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: «إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه»([9]). * وأما النساء فقد ثبت في الشرع المطهر منعهن من زيارة القبور ومن اتباع الجنائز، هكذا صح عن المعصوم ﷺ‬ من غير وجه: فقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان وغيرهم ([10]) عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ «لعن زوارات القبور»، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. يقع من بعض الناس أخطاء ومخالفات لدى زيارتهم للقبور أو عند مجيئهم لأجل دفن الموتى، وتقع منهم هذه المخالفات في الغالب الأعم عن غير قصد، أو لظنهم أن ذلك هو الصواب، أو لذهولهم عما ينبغي في تلك المواقف بسبب حزنهم واضطرابهم لأجل ميتهم. ونحن نجمل عددًا من تلك المخالفات في ضوء ما قرره أهل العلم رحمهم الله تعالى في الأسطر التالية: فمن جملة ذلك: أولاً: عدم معرفة الحكم الشرعي فيما ينبغي لدى مرور الجنازة، فبعض الناس يظن الوقوف واجبًا، وبعضهم يمنعه ويحرمه. والصواب: أنه إذا مر بالجنازة فالمستحب للمسلم أن يقف حتى ولو كانت الجنازة لكافر، بهذا صح الخبر عن سيد البشر([12]) ﷺ‬. قال الإمام الترمذي رحمه الله: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن واقد، وهو ابن عمرو بن سعد بن معاذ، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب t أنه ذكر القيام في الجنائز حتى توضع فقال علي: قام رسول الله ﷺ‬ ثم قعد. قال الترمذي رحمه الله عقب تخريجه هذا الحديث: حديث علي حديث حسن صحيح، وفيه رواية أربعة من التابعين بعضهم عن بعض، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، قال الشافعي: وهذا أصح شيء في هذا الباب، وهذا الحديث ناسخ للأول «إذا رأيتم الجنازة فقوموا». وقال أحمد: إن شاء قام وإن شاء لم يقم، واحتج بأن النبي ﷺ‬ قد روي عنه أنه قام ثم قعد. وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم. قال أبو عيسى: معنى قول علي: «قام رسول الله ﷺ‬ في الجنازة ثم قعد» يقول: كان رسول الله ﷺ‬ إذا رأى جنازة قام ثم ترك ذلك بعد، فكان لا يقوم إذا رأى الجنازة». انتهى كلام الإمام الترمذي ([13]). وهذا الوقوف المشروع عند مرور الجنازة ليس تعظيمًا للجنازة، ولكن لأن للموت رهبة وعظمة لا يحسن أن يتغافل عنها الشخص، وهذا اختيار سماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز – تغمده الله برحمته - ([14]). ثانيًا: بعض الناس يصلي على الميت ويحضر دفنه على سبيل المجاملة، أو على اعتبار أنه عرف اجتماعي أن يحضر لموت قريبه أو زميله أو نحو ذلك. والواقع أن الثواب المرتب على الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه إنما يكون لمن احتسب أجر ذلك عند الله تعالى وأحسن نيته بطلب الثواب من الله، فإن الأعمال بالنيات. وقد روى البخاري في صحيحه»([15]) عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: «من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتى يصلي عليها، ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط». قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «والتقييد بالإيمان والاحتساب لابد منه؛ لأن ترتيب الثواب على العمل يستدعي سبق النية فيه، فيخرج من فعل ذلك على سبيل المكافأة المجردة، أو على سبيل المحاباة»([16]). ثالثًا: يقع من بعض من يشهد دفن الجنازة، وخاصة الذين يتولون الدفن ومن حولهم – يقع من بعضهم – لغط ومزادة في الكلام، حيث يريد كل أن يفرض رأيه وأن يعمل ما يظنه هو الصواب، وربما أفضى ذلك إلى الخصومة، وخاصة إذا تكلم من لا علم عنده بكيفية الدفن وإنزال الميت في قبره. وهذا الذي تقدم لا ريب أنه خطأ فاحش، فمثل ذلك الموقف المفترض أن تخيم عليه السكينة والخشوع، مع الاعتبار والدعاء للميت، ألا ترى كيف وصف البراء بن عازب t حضورهم إحدى الجنائز مع النبي ﷺ‬، حيث وصف جلوسهم وانتظارهم تجهيز القبر وجلوسهم حول النبي ﷺ‬ بقوله: «وجلسنا حوله كأن على رؤسنا الطير»([17]). يعني لو رأتهم طير لحطت على رؤوسهم وما طارت لخشوعهم وسكينتهم وامتناع أدنى صوت منهم، حتى تظنهم الطير شيئًا جامدًا لا يتحرك من شدة خشوعهم وسكينتهم. ثم إن من المفترض – أيضًا – أن يسمع الناس لأهل العلم إن كان معهم أحدٌ منهم، فإن الدفن وإنزال الميت في قبره ووضعه فيه إلى آخر ذلك... كل هذا عبادة ينبغي أن تؤدي على الوجه المشروع والمأثور عن المعصوم ﷺ‬، وأدرى الناس بذلك هم طلبة العلم وأهله. رابعًا: يخطئ بعض الناس برفعه القبر أكثر من شبر، فقد أمر النبي ﷺ‬ بتسوية القبور المشرفة. كما أن قبره الشريف عليه الصلاة والسلام لم يرفعه الصحابة إلا نحوًا من شبر، ثبت هذا في «صحيح ابن حبان»([18])، حيث أسند عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ‬ ألحد ([19])، ونصب عليه اللبن نصبا، ورفع قبره من ألأرض نحوًا من شبر. والحكمة في ذلك: أن رفع القبور وتعظيم ظاهرها، أو جعلها شاخصة بشكل مبالغ فيه يؤدي إلى الفتنة بها وبمن فيها؛ كما هو واقع اليوم في أنحاء كثيرة من بلاد الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإنما كان بدء الشرك في الناس بسبب غلوهم في تعظيم القبور، وقد نبه العلماء لهذه المسألة وبينوا خطر الغلو فيها، ومن ذلك ما أوضحه شيخ الإسلام الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في «كتاب التوحيد» حيث عقد لذلك بابًا فقال: «باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين». وعقد بابًا آخر فقال: «باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله»، ثم ساق الأدلة المبينة لهذه المسألة العظيمة، فراجعه فإنه مفيد بإذن الله. خامسًا: يظن بعض الناس أن لرش الماء على القبر بعد الفراغ من الدفن تأثيرًا على الميت أو أنه يبرد عليه أو نحو ذلك. وواقع الأمر أن رش الماء على القبر بعد الفراغ من الدفن إنما هو لأجل أن يلتزق التراب به فلا تذوره الرياح. قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في كتابه «المُغني»([20]): «ويستحب أن يرش على القبر ماءٌ ليلتزق ترابه». اهـ. وهكذا الشأن في وضع الحصباء والنصيبتين من اللبن على طرفيه، إنما ذلك لأجل أن تعرف حدود القبر ويتميز عن مساحة الأرض من جوانبه على مرور السنين، فلا يوطأ ولا يهان، وهذا ما يشير إليه فعله عليه الصلاة والسلام عندما فرغ من قبر عثمان بن مظعون t وسأذكر حديثه بعد أسطر بعون الله.
خالد بن عبد الرحمن الشايع - خالد بن عبد الرحمن بن حمد الشايع داعية إسلامي سعودي ودكتور في الشريعة الإسلامية، من مواليد عام 1386 هـ . ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ موت کا منظر ❝ ❞ Cuộc sống c otilde i Barzakh ❝ ❞ تنبيهات حول بعض المخالفات الواقعة في المقابر ❝ ❞ لمحات من حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع بناته ❝ ❞ القنوات الفضائية وآثارها العقدية والثقافية والاجتماعية والأمنية ❝ ❞ مقاصد أهل الحسبة والأمور الحاملة لهم على عملهم في ضوء ال والسنة ❝ ❞ شبکه هاى ماهواره اى ويیامدهای آن ❝ ❞ الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم ❝ ❞ استدراك وتعقيب على الشيخ شعيب الأرناؤوط في تأويله بعض أحاديث الصفات ❝ الناشرين : ❞ موقع دار الإسلام ❝ ❞ دار بلنسية ❝ ❞ دار بنلسيه للنشر والتوزيع ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : لا ريب أن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة شاملة، تناولت جوانب الحياة كافة بما يكفل سعادة العباد في الدنيا والآخرة، واشتملت على تنظيم أمور الحياة بما يحقق استقامة العباد على ما ينبغي أن يكونوا عليه.

ومما جاءت به شريعة الإسلام ما يتعلق بأحكام وآداب المقابر، فراعت ما ينبغي من البعد عن حصول الشركيات والبدع التي تنجم عما يحدثه الناس في هذا الباب، وراعت الشريعة – أيضًا – مقصدًا جليلاً يتمثل في احترام القبور؛ لحرمة الأموات المسلمين، إذ المسلم محترم حيًا وميتًا.

وقد لاحظت في مرات عديدة وقوع عدد من المخالفات من بعض الناس لدى مجيئهم لقبر أحد من ذويهم أو معارفهم، أو لدى زيارتهم للقبور، ورغبة في التواصي بالحق وبيانه فقد حررت هذه الأسطر رجاء النفع بها.

أسأل الله أن يكتب التوفيق للجميع، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم مدنية من جناته جنات النعيم، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يباعدنا عن أسباب سخطه وأليم عقابه، وأن يرزقنا الخاتمة الحسنة والعاقبة الحميدة في الأمور كلها، وأن يجعل قبورنا إذا صرنا إليها وإخواننا المسلمين رياضًا من رياض الجنة. إنه سبحانه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مشروعية زيارة القبور وتشييع الجنائز للرجال دون النساء وبيان فضل ذلك
اتفق أهل العلم على مشروعية زيارة القبور واتباع الجنائز، وذلك بالنسبة للرجال دون النساء، وسيأتي ذكر النصوص الدالة على هذا، مع بيان شيء من حكمة منع النساء من زيارة القبور وتشييع الجنائز.

أما المشروعية في حق الرجال:

فلما روى الإمام مسلم رحمه الله في «صحيحه»([1]) عن النبي ﷺ‬ أنه قال: «كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها».

وفي لفظ: «فإنها تذكر الآخرة»([2]).

وفي رواية: «فإنها تذكر الموت».

وفي رواية ([3]): «فإنها ترقق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هجرًا([4])».

وفي رواية ([5]): «فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة»... «وترغب في الآخرة»([6]).

ومما جاء في فضل اتباع الجنازة وتشييعها:

ما رواه البخاري ومسلم - واللفظ له ([7]) - عن أبي هريرة t عن النبي ﷺ‬ قال: «من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط، فإن تبعها فله قيراطان» قيل: وما القيراطان؟ قال: «أصغرهما مثل أحد».

ومما ثبت في فضل شهود الجنازة عند دفنها:

ما رواه الإمام مسلم ([8]) عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ‬، رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ‬ قال: «من صلى على جنازة فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط مثل أحد».

وبهذا يعلم ما في هذه الأعمال من الثواب العظيم، كما أن فيها قيامًا بحق المسلم، حيث يستمر هذا الحق حتى بعد الموت. بما يحمل المسلم على الحرص على نيل هذا الثواب والقيام بواجب الأخوة الإسلامية.

ففي «الصحيحين» عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: «حق المسلم على المسلم ست» قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: «إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه»([9]).

* وأما النساء فقد ثبت في الشرع المطهر منعهن من زيارة القبور ومن اتباع الجنائز، هكذا صح عن المعصوم ﷺ‬ من غير وجه:

فقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان وغيرهم ([10]) عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ «لعن زوارات القبور»، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

يقع من بعض الناس أخطاء ومخالفات لدى زيارتهم للقبور أو عند مجيئهم لأجل دفن الموتى، وتقع منهم هذه المخالفات في الغالب الأعم عن غير قصد، أو لظنهم أن ذلك هو الصواب، أو لذهولهم عما ينبغي في تلك المواقف بسبب حزنهم واضطرابهم لأجل ميتهم.

ونحن نجمل عددًا من تلك المخالفات في ضوء ما قرره أهل العلم رحمهم الله تعالى في الأسطر التالية:

فمن جملة ذلك:

أولاً: عدم معرفة الحكم الشرعي فيما ينبغي لدى مرور الجنازة، فبعض الناس يظن الوقوف واجبًا، وبعضهم يمنعه ويحرمه.

والصواب: أنه إذا مر بالجنازة فالمستحب للمسلم أن يقف حتى ولو كانت الجنازة لكافر، بهذا صح الخبر عن سيد البشر([12]) ﷺ‬.

قال الإمام الترمذي رحمه الله: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن واقد، وهو ابن عمرو بن سعد بن معاذ، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب t أنه ذكر القيام في الجنائز حتى توضع فقال علي: قام رسول الله ﷺ‬ ثم قعد.

قال الترمذي رحمه الله عقب تخريجه هذا الحديث: حديث علي حديث حسن صحيح، وفيه رواية أربعة من التابعين بعضهم عن بعض، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، قال الشافعي: وهذا أصح شيء في هذا الباب، وهذا الحديث ناسخ للأول «إذا رأيتم الجنازة فقوموا». وقال أحمد: إن شاء قام وإن شاء لم يقم، واحتج بأن النبي ﷺ‬ قد روي عنه أنه قام ثم قعد. وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم. قال أبو عيسى: معنى قول علي: «قام رسول الله ﷺ‬ في الجنازة ثم قعد» يقول: كان رسول الله ﷺ‬ إذا رأى جنازة قام ثم ترك ذلك بعد، فكان لا يقوم إذا رأى الجنازة». انتهى كلام الإمام الترمذي ([13]).

وهذا الوقوف المشروع عند مرور الجنازة ليس تعظيمًا للجنازة، ولكن لأن للموت رهبة وعظمة لا يحسن أن يتغافل عنها الشخص، وهذا اختيار سماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز – تغمده الله برحمته - ([14]).

ثانيًا: بعض الناس يصلي على الميت ويحضر دفنه على سبيل المجاملة، أو على اعتبار أنه عرف اجتماعي أن يحضر لموت قريبه أو زميله أو نحو ذلك.

والواقع أن الثواب المرتب على الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه إنما يكون لمن احتسب أجر ذلك عند الله تعالى وأحسن نيته بطلب الثواب من الله، فإن الأعمال بالنيات.

وقد روى البخاري في صحيحه»([15]) عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: «من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتى يصلي عليها، ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط».

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «والتقييد بالإيمان والاحتساب لابد منه؛ لأن ترتيب الثواب على العمل يستدعي سبق النية فيه، فيخرج من فعل ذلك على سبيل المكافأة المجردة، أو على سبيل المحاباة»([16]).

ثالثًا: يقع من بعض من يشهد دفن الجنازة، وخاصة الذين يتولون الدفن ومن حولهم – يقع من بعضهم – لغط ومزادة في الكلام، حيث يريد كل أن يفرض رأيه وأن يعمل ما يظنه هو الصواب، وربما أفضى ذلك إلى الخصومة، وخاصة إذا تكلم من لا علم عنده بكيفية الدفن وإنزال الميت في قبره.

وهذا الذي تقدم لا ريب أنه خطأ فاحش، فمثل ذلك الموقف المفترض أن تخيم عليه السكينة والخشوع، مع الاعتبار والدعاء للميت، ألا ترى كيف وصف البراء بن عازب t حضورهم إحدى الجنائز مع النبي ﷺ‬، حيث وصف جلوسهم وانتظارهم تجهيز القبر وجلوسهم حول النبي ﷺ‬ بقوله: «وجلسنا حوله كأن على رؤسنا الطير»([17]).

يعني لو رأتهم طير لحطت على رؤوسهم وما طارت لخشوعهم وسكينتهم وامتناع أدنى صوت منهم، حتى تظنهم الطير شيئًا جامدًا لا يتحرك من شدة خشوعهم وسكينتهم.

ثم إن من المفترض – أيضًا – أن يسمع الناس لأهل العلم إن كان معهم أحدٌ منهم، فإن الدفن وإنزال الميت في قبره ووضعه فيه إلى آخر ذلك... كل هذا عبادة ينبغي أن تؤدي على الوجه المشروع والمأثور عن المعصوم ﷺ‬، وأدرى الناس بذلك هم طلبة العلم وأهله.

رابعًا: يخطئ بعض الناس برفعه القبر أكثر من شبر، فقد أمر النبي ﷺ‬ بتسوية القبور المشرفة.

كما أن قبره الشريف عليه الصلاة والسلام لم يرفعه الصحابة إلا نحوًا من شبر، ثبت هذا في «صحيح ابن حبان»([18])، حيث أسند عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ‬ ألحد ([19])، ونصب عليه اللبن نصبا، ورفع قبره من ألأرض نحوًا من شبر.

والحكمة في ذلك: أن رفع القبور وتعظيم ظاهرها، أو جعلها شاخصة بشكل مبالغ فيه يؤدي إلى الفتنة بها وبمن فيها؛ كما هو واقع اليوم في أنحاء كثيرة من بلاد الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وإنما كان بدء الشرك في الناس بسبب غلوهم في تعظيم القبور، وقد نبه العلماء لهذه المسألة وبينوا خطر الغلو فيها، ومن ذلك ما أوضحه شيخ الإسلام الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في «كتاب التوحيد» حيث عقد لذلك بابًا فقال: «باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين». وعقد بابًا آخر فقال: «باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله»، ثم ساق الأدلة المبينة لهذه المسألة العظيمة، فراجعه فإنه مفيد بإذن الله.

خامسًا: يظن بعض الناس أن لرش الماء على القبر بعد الفراغ من الدفن تأثيرًا على الميت أو أنه يبرد عليه أو نحو ذلك.

وواقع الأمر أن رش الماء على القبر بعد الفراغ من الدفن إنما هو لأجل أن يلتزق التراب به فلا تذوره الرياح.

قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في كتابه «المُغني»([20]): «ويستحب أن يرش على القبر ماءٌ ليلتزق ترابه». اهـ.

وهكذا الشأن في وضع الحصباء والنصيبتين من اللبن على طرفيه، إنما ذلك لأجل أن تعرف حدود القبر ويتميز عن مساحة الأرض من جوانبه على مرور السنين، فلا يوطأ ولا يهان، وهذا ما يشير إليه فعله عليه الصلاة والسلام عندما فرغ من قبر عثمان بن مظعون t وسأذكر حديثه بعد أسطر بعون الله.


للكاتب/المؤلف : خالد بن عبد الرحمن الشايع .
دار النشر : دار بلنسية .
عدد مرات التحميل : 7180 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الإثنين , 25 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 2.4 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

 : قال المُصنِّف حفظه الله : «لاحظت في مرات عديدة وقوع عدد من المخالفات من بعض الناس لدى مجيئهم لقبر أحد من ذويهم أو معارفهم، أو لدى زيارتهم للقبور، ورغبةً في التواصي بالحق وبيانه فقد حرَّرتُ هذه الأسطر رجاء النفع بها».

لا ريب أن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة شاملة، تناولت جوانب الحياة كافة بما يكفل سعادة العباد في الدنيا والآخرة، واشتملت على تنظيم أمور الحياة بما يحقق استقامة العباد على ما ينبغي أن يكونوا عليه.

ومما جاءت به شريعة الإسلام ما يتعلق بأحكام وآداب المقابر، فراعت ما ينبغي من البعد عن حصول الشركيات والبدع التي تنجم عما يحدثه الناس في هذا الباب، وراعت الشريعة – أيضًا – مقصدًا جليلاً يتمثل في احترام القبور؛ لحرمة الأموات المسلمين، إذ المسلم محترم حيًا وميتًا.

وقد لاحظت في مرات عديدة وقوع عدد من المخالفات من بعض الناس لدى مجيئهم لقبر أحد من ذويهم أو معارفهم، أو لدى زيارتهم للقبور، ورغبة في التواصي بالحق وبيانه فقد حررت هذه الأسطر رجاء النفع بها.

أسأل الله أن يكتب التوفيق للجميع، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم مدنية من جناته جنات النعيم، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يباعدنا عن أسباب سخطه وأليم عقابه، وأن يرزقنا الخاتمة الحسنة والعاقبة الحميدة في الأمور كلها، وأن يجعل قبورنا إذا صرنا إليها وإخواننا المسلمين رياضًا من رياض الجنة. إنه سبحانه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 مشروعية زيارة القبور وتشييع الجنائز للرجال دون النساء وبيان فضل ذلك
اتفق أهل العلم على مشروعية زيارة القبور واتباع الجنائز، وذلك بالنسبة للرجال دون النساء، وسيأتي ذكر النصوص الدالة على هذا، مع بيان شيء من حكمة منع النساء من زيارة القبور وتشييع الجنائز.

أما المشروعية في حق الرجال:

فلما روى الإمام مسلم رحمه الله في «صحيحه»([1]) عن النبي ﷺ‬ أنه قال: «كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها».

وفي لفظ: «فإنها تذكر الآخرة»([2]).

وفي رواية: «فإنها تذكر الموت».

وفي رواية ([3]): «فإنها ترقق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هجرًا([4])».

وفي رواية ([5]): «فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة»... «وترغب في الآخرة»([6]).

ومما جاء في فضل اتباع الجنازة وتشييعها:

ما رواه البخاري ومسلم - واللفظ له ([7]) - عن أبي هريرة t عن النبي ﷺ‬ قال: «من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط، فإن تبعها فله قيراطان» قيل: وما القيراطان؟ قال: «أصغرهما مثل أحد».

ومما ثبت في فضل شهود الجنازة عند دفنها:

ما رواه الإمام مسلم ([8]) عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ‬، رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ‬ قال: «من صلى على جنازة فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط مثل أحد».

وبهذا يعلم ما في هذه الأعمال من الثواب العظيم، كما أن فيها قيامًا بحق المسلم، حيث يستمر هذا الحق حتى بعد الموت. بما يحمل المسلم على الحرص على نيل هذا الثواب والقيام بواجب الأخوة الإسلامية.

ففي «الصحيحين» عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: «حق المسلم على المسلم ست» قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: «إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه»([9]).

* وأما النساء فقد ثبت في الشرع المطهر منعهن من زيارة القبور ومن اتباع الجنائز، هكذا صح عن المعصوم ﷺ‬ من غير وجه:

فقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان وغيرهم ([10]) عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ «لعن زوارات القبور»، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

يقع من بعض الناس أخطاء ومخالفات لدى زيارتهم للقبور أو عند مجيئهم لأجل دفن الموتى، وتقع منهم هذه المخالفات في الغالب الأعم عن غير قصد، أو لظنهم أن ذلك هو الصواب، أو لذهولهم عما ينبغي في تلك المواقف بسبب حزنهم واضطرابهم لأجل ميتهم.

ونحن نجمل عددًا من تلك المخالفات في ضوء ما قرره أهل العلم رحمهم الله تعالى في الأسطر التالية:

فمن جملة ذلك:

أولاً: عدم معرفة الحكم الشرعي فيما ينبغي لدى مرور الجنازة، فبعض الناس يظن الوقوف واجبًا، وبعضهم يمنعه ويحرمه.

والصواب: أنه إذا مر بالجنازة فالمستحب للمسلم أن يقف حتى ولو كانت الجنازة لكافر، بهذا صح الخبر عن سيد البشر([12]) ﷺ‬.

قال الإمام الترمذي رحمه الله: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن واقد، وهو ابن عمرو بن سعد بن معاذ، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب t أنه ذكر القيام في الجنائز حتى توضع فقال علي: قام رسول الله ﷺ‬ ثم قعد.

قال الترمذي رحمه الله عقب تخريجه هذا الحديث: حديث علي حديث حسن صحيح، وفيه رواية أربعة من التابعين بعضهم عن بعض، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، قال الشافعي: وهذا أصح شيء في هذا الباب، وهذا الحديث ناسخ للأول «إذا رأيتم الجنازة فقوموا». وقال أحمد: إن شاء قام وإن شاء لم يقم، واحتج بأن النبي ﷺ‬ قد روي عنه أنه قام ثم قعد. وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم. قال أبو عيسى: معنى قول علي: «قام رسول الله ﷺ‬ في الجنازة ثم قعد» يقول: كان رسول الله ﷺ‬ إذا رأى جنازة قام ثم ترك ذلك بعد، فكان لا يقوم إذا رأى الجنازة». انتهى كلام الإمام الترمذي ([13]).

وهذا الوقوف المشروع عند مرور الجنازة ليس تعظيمًا للجنازة، ولكن لأن للموت رهبة وعظمة لا يحسن أن يتغافل عنها الشخص، وهذا اختيار سماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز – تغمده الله برحمته - ([14]).

ثانيًا: بعض الناس يصلي على الميت ويحضر دفنه على سبيل المجاملة، أو على اعتبار أنه عرف اجتماعي أن يحضر لموت قريبه أو زميله أو نحو ذلك.

والواقع أن الثواب المرتب على الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه إنما يكون لمن احتسب أجر ذلك عند الله تعالى وأحسن نيته بطلب الثواب من الله، فإن الأعمال بالنيات.

وقد روى البخاري في صحيحه»([15]) عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: «من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتى يصلي عليها، ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط».

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «والتقييد بالإيمان والاحتساب لابد منه؛ لأن ترتيب الثواب على العمل يستدعي سبق النية فيه، فيخرج من فعل ذلك على سبيل المكافأة المجردة، أو على سبيل المحاباة»([16]).

ثالثًا: يقع من بعض من يشهد دفن الجنازة، وخاصة الذين يتولون الدفن ومن حولهم – يقع من بعضهم – لغط ومزادة في الكلام، حيث يريد كل أن يفرض رأيه وأن يعمل ما يظنه هو الصواب، وربما أفضى ذلك إلى الخصومة، وخاصة إذا تكلم من لا علم عنده بكيفية الدفن وإنزال الميت في قبره.

وهذا الذي تقدم لا ريب أنه خطأ فاحش، فمثل ذلك الموقف المفترض أن تخيم عليه السكينة والخشوع، مع الاعتبار والدعاء للميت، ألا ترى كيف وصف البراء بن عازب t حضورهم إحدى الجنائز مع النبي ﷺ‬، حيث وصف جلوسهم وانتظارهم تجهيز القبر وجلوسهم حول النبي ﷺ‬ بقوله: «وجلسنا حوله كأن على رؤسنا الطير»([17]).

يعني لو رأتهم طير لحطت على رؤوسهم وما طارت لخشوعهم وسكينتهم وامتناع أدنى صوت منهم، حتى تظنهم الطير شيئًا جامدًا لا يتحرك من شدة خشوعهم وسكينتهم.

ثم إن من المفترض – أيضًا – أن يسمع الناس لأهل العلم إن كان معهم أحدٌ منهم، فإن الدفن وإنزال الميت في قبره ووضعه فيه إلى آخر ذلك... كل هذا عبادة ينبغي أن تؤدي على الوجه المشروع والمأثور عن المعصوم ﷺ‬، وأدرى الناس بذلك هم طلبة العلم وأهله.

رابعًا: يخطئ بعض الناس برفعه القبر أكثر من شبر، فقد أمر النبي ﷺ‬ بتسوية القبور المشرفة.

كما أن قبره الشريف عليه الصلاة والسلام لم يرفعه الصحابة إلا نحوًا من شبر، ثبت هذا في «صحيح ابن حبان»([18])، حيث أسند عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ‬ ألحد ([19])، ونصب عليه اللبن نصبا، ورفع قبره من ألأرض نحوًا من شبر.

والحكمة في ذلك: أن رفع القبور وتعظيم ظاهرها، أو جعلها شاخصة بشكل مبالغ فيه يؤدي إلى الفتنة بها وبمن فيها؛ كما هو واقع اليوم في أنحاء كثيرة من بلاد الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وإنما كان بدء الشرك في الناس بسبب غلوهم في تعظيم القبور، وقد نبه العلماء لهذه المسألة وبينوا خطر الغلو فيها، ومن ذلك ما أوضحه شيخ الإسلام الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في «كتاب التوحيد» حيث عقد لذلك بابًا فقال: «باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين». وعقد بابًا آخر فقال: «باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله»، ثم ساق الأدلة المبينة لهذه المسألة العظيمة، فراجعه فإنه مفيد بإذن الله.

خامسًا: يظن بعض الناس أن لرش الماء على القبر بعد الفراغ من الدفن تأثيرًا على الميت أو أنه يبرد عليه أو نحو ذلك.

وواقع الأمر أن رش الماء على القبر بعد الفراغ من الدفن إنما هو لأجل أن يلتزق التراب به فلا تذوره الرياح.

قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في كتابه «المُغني»([20]): «ويستحب أن يرش على القبر ماءٌ ليلتزق ترابه». اهـ.

وهكذا الشأن في وضع الحصباء والنصيبتين من اللبن على طرفيه، إنما ذلك لأجل أن تعرف حدود القبر ويتميز عن مساحة الأرض من جوانبه على مرور السنين، فلا يوطأ ولا يهان، وهذا ما يشير إليه فعله عليه الصلاة والسلام عندما فرغ من قبر عثمان بن مظعون t وسأذكر حديثه بعد أسطر بعون الله.



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل تنبيهات حول بعض المخالفات الواقعة في المقابر
خالد بن عبد الرحمن الشايع
خالد بن عبد الرحمن الشايع
Khalid bin Abdul Rahman Al Shaya
خالد بن عبد الرحمن بن حمد الشايع داعية إسلامي سعودي ودكتور في الشريعة الإسلامية، من مواليد عام 1386 هـ . ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ موت کا منظر ❝ ❞ Cuộc sống c otilde i Barzakh ❝ ❞ تنبيهات حول بعض المخالفات الواقعة في المقابر ❝ ❞ لمحات من حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع بناته ❝ ❞ القنوات الفضائية وآثارها العقدية والثقافية والاجتماعية والأمنية ❝ ❞ مقاصد أهل الحسبة والأمور الحاملة لهم على عملهم في ضوء ال والسنة ❝ ❞ شبکه هاى ماهواره اى ويیامدهای آن ❝ ❞ الطفولة في حياة المعصوم صلى الله عليه وسلم ❝ ❞ استدراك وتعقيب على الشيخ شعيب الأرناؤوط في تأويله بعض أحاديث الصفات ❝ الناشرين : ❞ موقع دار الإسلام ❝ ❞ دار بلنسية ❝ ❞ دار بنلسيه للنشر والتوزيع ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب إسلامية متنوعة

ترجمة السنة النبوية إلى اللغة السويدية : عرض وتقييم عام PDF

قراءة و تحميل كتاب ترجمة السنة النبوية إلى اللغة السويدية : عرض وتقييم عام PDF مجانا

الكشاف التحليلي لصحيفة أم القرى القسم الأول 1343 1373ه 1924 1953م PDF

قراءة و تحميل كتاب الكشاف التحليلي لصحيفة أم القرى القسم الأول 1343 1373ه 1924 1953م PDF مجانا

الرسالة التبوكية PDF

قراءة و تحميل كتاب الرسالة التبوكية PDF مجانا

أعلام الشافعية من أهل البيت PDF

قراءة و تحميل كتاب أعلام الشافعية من أهل البيت PDF مجانا

الجمعة .. آداب وأحكام دراسة فقهية مقارنة PDF

قراءة و تحميل كتاب الجمعة .. آداب وأحكام دراسة فقهية مقارنة PDF مجانا

الإقناع أن آل النبي هم الأتباع PDF

قراءة و تحميل كتاب الإقناع أن آل النبي هم الأتباع PDF مجانا

خطاب السماحة PDF

قراءة و تحميل كتاب خطاب السماحة PDF مجانا

المفيد على التوحيد الذي هو حق الله على العبيد PDF

قراءة و تحميل كتاب المفيد على التوحيد الذي هو حق الله على العبيد PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..