الحمد لله الذي خلق السمع والأبصار والأفئدة والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى نعمة البصر، وهي وإن كانت نعمة في ذاتها فإنها ربما أوردت صاحبها المهالك إذا أطلقها في غير ما أحل الله.
ولتوسع الناس في أمر النظر المحرم وكثرته، أقدم للأحبة القراء الجزء الثالث عشر من سلسلة: "أين نحن من هؤلاء؟ " تحت عنوان "سهم إبليس وقوسه" فيه أطايب الكلام من قول الله جل وعلا وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - وذكر حال السلف في مجاهدة أنفسهم وحفظ أبصارهم.
نزه الله أسماعنا وأبصارنا وجوارحنا عن كل ما نهى عنه وجعلها عونا على الطاعة ومتعنا بها حتى نلقاه.
لقد أسبغ الله جل وعلا علينا نعما ظاهرة وباطنة لا تعد ولا تحصى ومن أعظم وأشرف تلك النعم نعمة البصر، قال تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك: 23].
ومن عظيم قدرها أن أبدل الله من سلب منه عينيه فصبر الجنة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ثم صبر، عوضته منها الجنة" (1).
ونعمة الصبر من أعظم النعم إذا استخدمها العبد في طاعة الله سبحانه، أما إذا كان خلاف ذلك، فإنها تكون سببا للحسرة في الدنيا، والعذاب في الآخرة، ولذا جاء الأمر الإلهي للمؤمنين كافة بغض البصر وحفظه قال الله جل وعلا {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}
[النور: 30، 31].
قال ابن كثير: وهذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على محرَّم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعًا (2).
قراءة و تحميل كتاب مجموعة الحديث للشيخ محمد بن عبد الوهاب PDF مجانا