كتاب حكم اعتقاد العامة عند السلف

امتازت مناهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الدين أصوله وفروعه بخصائص جعلتها أكثر موافقة للحق وإصابة له، نذكر في هذا الموقع، طرفا منها: أولا: وحدة المصدر: وهو أن السلف لا يتلقون أمور دينهم إلا عن مشكاة النبوة، لا عقل ولا ذوق ولا كشف، بل هذه إن صحت كانت معضدة لحجة السمع (الكتاب والسنة) فكيف بمن عارض بها دلائل الكتاب والسنة، وأكثرها جهالات وخيالات فاسدة. وبهذا نفهم كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر على عمر بن الخطاب رضي الله عنه النظر في صحيفة من التوراة، وهو الكتاب المنزل من السماء، وإن شابه التحريف فهو أفضل من كثير من الأقيسة العقلية، والخيالات الصوفية ((اعتقادات المسلمين والمشركين للرازي)) (72) ((التعرف لمذهب أهل التصوف لأبي محمد الكلاباذي)) (21) بتحقيق د. عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور، دار إحياء الكتب العربية (عيسى البابي الحلبي وشركاه) 1380هـ - 1960م القاهرة (بدون رقم الطبعة)، ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (10/18). : روى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن ثابت أنه قال: ((جاء عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، قال: فسري عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين)) رواه أحمد في ((مسنده)) (3/470) (15903). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/179): رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه جابر الجعفي وهو ضعيف. . وفي رواية ((... أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية.. . والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني)) رواه أحمد في ((مسنده)) (3/387) (15195). قال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (2/122): إسناده على شرط مسلم. وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (1/136) - كما ذكر ذلك في المقدمة. وحسنه الألباني في ((تخريج كتاب السنة)) (50). ... فهذا موسى عليه السلام لو قدر وجوده بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ما جاز لأحد متابعته وترك ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، بل ما جاز له – أي موسى – ترك متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فكيف تتلقى أمور الديانة – أصولها وفروعها – عن عقل أو ذوق أو وجد أو نحو ذلك؟ قال ابن عبد البر (رحمه الله): (ليس في الاعتقاد كله، في صفات الله وأسمائه، إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه) ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/117). . ثانيا: منهج توفيقي: فهو منهج يقوم على التسليم المطلق لنصوص الكتاب والسنة، لا يردون منها شيئا، ولا يعارضونها بشيء، لا بعقل، ولا ذوق، ولا منام، ولا غير ذلك، بل يقفون حيث تقف بهم النصوص، ولا يتجاوزونها إلى إعمال رأي أو قياس أو ذوق.. ملتزمين قوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [ الحجرات: 1] وقال الربيع بن خثيم رحمه الله: "يا عبد الله، ما علمك الله في كتابه من علم فأحمد الله، وما استأثر عليك به من علم فكله إلى عالمه، لا تتكلف، فإن الله يقول لنبيه: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ ص: 86] ((الاعتصام للشاطبي)) (2/336) وانظر ((جامع بيان العلم لابن عبد البر)) (2/118). وقال الأوزاعي رحمه الله: (كان مكحول والزهري يقولان: أمروا هذه الأحاديث كما جاءت ولا تناظروا فيها) ((الاعتصام للشاطبي)) (2/336) وانظر ((جامع بيان العلم لابن عبد البر)) (2/118). أما غير أهل السنة فقد أصلوا لأنفسهم قواعد، حاكموا إليها النصوص، فما وافق منها تلك القواعد قالوا به معضدين لا محتجين، وما خالف ردوه: إما بتضعيف – إن كان حديثا – أو تأويل، وإن أحسنوا المعاملة فوضوا العلم به وعزلوه عن سلطان الحكم والاحتجاج، حتى أحدثوا في دين الله تعالى من المقالات الشنيعة ما ضاهوا، أو سبقوا به اليهود والنصارى وعباد الأصنام. قال يونس بن عبد الأعلى: (سمعت الشافعي، يوم ناظره حفص الفرد، قال لي: يا أبا موسى.. . لقد سمعت من حفص كلاما لا أقدر أن أحكيه) ((جامع بيان العلم لابن عبد البر)) (2/116). وقال ابن عيينة: (سمعت من جابر الجعفي كلاما خشيت أن يقع علي وعليه البيت) ((جامع بيان العلم لابن عبد البر)) (2/116). ثالثا: تجنب الجدل والخصومات في الدين: وبناء على ما سبق كان للسلف موقف واضح وصريح من الجدل والخصومات في مسائل الاعتقاد، حتى عدوا الكلام والتمحل فيها من البدع، التي شددوا النكير على مقترفيها، وقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع صبيغ بن عسل مشهورة معروفة: وهي (أن صبيغا قدم المدينة وكانت عنده كتب، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فبعث إليه، وقد أعد له عراجين النخل، فلما دخل عليه جلس، فقال له عمر رضي الله عنه: من أنت؟ فقال: أنا عبد الله صبيغ، فقال عمر رضي الله عنه: وأنا عبد الله عمر، ثم أهوى إليه فجعل يضربه بتلك العراجين، فما زال يضربه حتى شجه، فجعل الدم يسيل على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد والله ذهب الذي كنت أجد في رأسي) يعتبر كتاب حكم اعتقاد العامة عند السلف من المراجع الهامة لدى الباحثين المنشغلين بدراسة المفكرين والعلماء؛ حيث يندرج كتاب حكم اعتقاد العامة عند السلف ضمن نطاق كتب الشخصيات والأعلام والعلماء والفروع ذات الصلة مثل التراجم وفلسفة التاريخ والفكر الاجتماعي. ومعلومات الكتاب هي كما يلي: كتاب لفضيلة الشيخ حفظ الله يبين فيه حكم ما يعتقده العامة عند السلف الصالح وقد وردت نصوص للسلف تضمنت، الوصية بلزوم ما عليه العامة والخوف على اعتقاد هؤلاء العوام من التغير ونقول أخرى أورد فيها السلف أقوالاً للعامة في مسائل من أهم مسائل الاعتقاد، أوردوها مستحسنين لها، مشيدين بها.
عبد الله بن عبد العزيز العنقري - الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله العنقري التميمي. من مواليد مدينة ثرمداء سنة 1917 في الرياض. درس في ثرمداء وأصبح تاجر كبير وهو مؤسس شركة العنقري للمشروعات والتجارة التي كانت من أوائل شركات المشروعات في المملكة وعندما أصبح في أوائل الخمسينات من عمره قرر أن يترك العمل ليتفرغ لدينه وعين ابنه محمد رئيساً للشركة. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ صيانة المرأة عن الامتهان ❝ ❞ شرح الفتن من صحيح البخاري ❝ ❞ شرح مسائل الجاهلية ❝ ❞ عقيدة الإمام الشافعي ❝ ❞ المخالفات العقدية التي وسم اصحابها بالأشرار في السنة النبوية ❝ ❞ حكم اعتقاد العامة عند السلف ❝ ❞ شرح رسالة الرد على الرافضة ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.