لقد عرض القرآن الكثير من شؤون المرأة في أكثر من عشر سور منها سورتان عرفت إحداهما بسورة النساء الكبرى وهي سورة النساء، والأخرى عرفت بسورة النساء الصغرى وهي سورة الطلاق.
وعرض لهما في سورة البقرة والمائدة والنور والأحزاب والمجادلة والممتحنة والتحريم. وقد دلت هذه العناية على المكانة التي ينبغي أن توضع فيها المرأة في نظر الإسلام وأنها مكانة لم تحظ المرأة بها لا في شرع سماوي سابق ولا في قوانين بشرية تواضع عليها الناس فيما بينهم.
وعلى الرغم من هذا فقد كثر كلام الناس حول وضع المرأة في الإسلام وزعموا أن الإسلام اهتضم حقها واسقط منزلتها وجعلها متاعاً في يد الرجل يزعمون هذا والله تعالى هو الذي يقول في القرآن: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
ولو وقفنا وقفة المتأمل عند هذا التعبير الإلهي وهو قوله تعالى:{ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } النساء، لعرفنا كيف سما القرآن بالمرأة حتى جعلها بعضاً من الرجل وكيف حد من طغيان الرجل فجعله بعضاً من المرأة.
وإذا كانت المرأة مسؤولة مسؤولية خاصة فيما يختص بعبادتها فهي في نظر الإسلام أيضاً مسؤولة مسؤولية عامة فيما يختص بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والإرشاد إلى الفضائل والتحذير من الرذائل. وقد صرح القرآن بمسؤوليتها في ذلك الجانب وقرن بينها وبين أخيها الرجل في تلك المسؤولية فقال تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ .
وكعادته يفتح العقاد عقولنا علي قضية المرأة و لكن من خلال عقل العقاد الذي تعودت من ان اري من خلاله اشياء جديدة كانه تليسكوب يقرب البعيد و يوضحه .
يقول العقاد في مستهل كتابه : " تدور مسألة المرأة في جميع العصور علي جوانب ثلاثة ، تنطوي فيها جميع المسائل الفرعية التي تعرض لها في حياتها الخاصة او حيتها الاجتماعية.
و هذه الجوانب الثلاثة الكبري هي :
اولا : صفتها الطبيعية ، و تشمل الكلام علي قدرتها و كفايتها لخدمة نوعها و قومها .
ثانيا : حقوقها وواجباتها في الاسرة و المجتمع .
ثالثا : المعاملات التي تفرضها لها الاداب و الاخلاق ، و معظمها في شؤن العرف و السلوك .
من هذه النقاط الثلاث ينطلق العقاد مفكرا في قضية المرأة واضعا تاصيل قراني لحل مشكلتها الاجتماعية في كتاب عدد صفحاته 134 صفحة .
يبدأ العقاد بالحديث عن علو درجة الرجل علي المرأة بصفة عامة لا تنفي وجود حالات قليلة من تفوق بعض النساء علي بعض الرجال .
فالمرأة حتي في اخص خصوصياتها تري الرجل متفوقا عليها ، في الطهي مثلا او تصميم الملابس . و في المجالات التي تحتاج مشاعر رقيقة كالرسم و الموسيقي يتفوق فيها الرجل ايضا . و ينفي ان يكون تعرض المرأة للقهر الاجتماعي لعصور مستمرة سبب تاخرها ، فالعبيد قد تعرضوا للقهر الاجتماعي لكنهم تفوقوا و حكموا بعض البلاد ، كما ان تعرض المرأة للقهر لعصور طويلة دليل عند العقاد علي ان المرأة اقل مرتبة فعلا من الرجل و الا ما استطاع قهرها كل هذه العصور.
تحدث العقاد عن زواج النبي باكثر من اربعة و يراه استثناء تفرد به النبي ، و يري ان التعدد يعتبر ضرورة تبيحه بعض الظروف و لا يراه مهينا للمرأة كما يراه اخرون محددا اسباب هذه الرؤية بكلام مقنع.
تعرض للطلاق و شرح موقفه منه و يراه علاج اجتماعي لمشكلات قد يكون منع الطلاق سببا لتضخمها.
في النهاية يقول العقاد : " لا جدال في استطاعة الرجل ان يعمل ما تعلمه المرأة من تكاليف البيت و الاسرة ، لكنه لا يقضي عليه من اجل ذلك ان يدع الحياة العامة ، ليحل في البيت حيث حلت المرأة من قديم الزمان . و لا جدال في استطاعة المرأة ان تشارك الرجل في الحياة العامة ، و لكنها لا تتخلي عن البيت من اجل التزاحم علي جميع اعماله.
و يري ان حصة المرأة في تدبير امر منزلها و اقتصارها عليها ليست باصغر الحصتين من التكاليف اذا قورنت تكالفها بتكاليف الرجل.
كما يري ان المرأة سيأتي عليها اليوم الذي تطالب فيه باعظم حقوقها الذي لا ينازعها فيه منازع : حق الامومة و الانوثة.
المرآة فى القرآن
كتاب المرآة فى القرآن
قراءة و تحميل كتاب طبائع النساء وما جاء فيها من عجائب وغرائب وأخبار وأسرار PDF مجانا