الموسيقى في الإسلام موضوع خلافي بين الفقهاء يرى عدد كبير منهم تحريم الموسيقى وآلات الطرب إلا الدف في العرس والعيد، ويستدلون بحديث تحريم المعازف وغيره، وأجمع على تحريمها القرطبي وأبو الطيب الطبري وابن الصلاح، وابن القيم، وابن رجب الحنبلي، وابن حجر الهيتمي وابن تيمية. بينما رأى تحليلها ابن حزم وابن القيسراني، ومحمد الشوكاني وأبي حامد الغزالي، والعز بن عبد السلام، وعبد الغني النابلسي، وغيرهم.
أما الغناء في الإسلام فيرى الفقهاء أن الإسلام أباح الغناء، بعيداً عن مظاهر الفساد والانحلال، لأنه لم يرد أي حديث صحيح في تحريم الغناء على الإطلاق، وبذلك فإن الغناء ما هو إلا كلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح، وأن الأصل حل الغناء بدليل أن الرسول محمد لم ينه زوجته عائشة عن سماعه، ولذلك يرى الفقهاء الذين يرون تحريم الموسيقى أن الغناء بدون موسيقى جائز، بشرط أن لا يكون مشتملاً على أشياء توجب الفتنة، وبشرط أن لا يصد الإنسان عما يجب عليه من إقامة الصلاة مع الجماعة، ويرون أن المحرم في الغناء هو تلذذ الرجل بغناء وصوت المرأة الأجنبية، أما الذين يرون تحليل الموسيقى فيرون جواز الغناء بالموسيقى بنفس الشروط، وأشهرهم: أبو حامد الغزالي وابن حزم والسقطي والعز بن عبد السلام وابن دقيق العيد، ومن المعاصرين محمد الغزالي ويوسف القرضاوي، ويرى من هؤلاء المعاصرين أنّ وجود نهضة في الفنون العربية ومنها الغنائية سواء الغناء الديني المتمثل بظهور منشدين ومغنين ملتزمين بالأحكام الشرعية، لهو دليل على أهمية الغناء والموسيقى، وأن الغناء الماجن الذي يواكبه تعرٍ وسفور ليس غناءً، بل هو فسق وفجور يحرمه الإسلام. ويرى المرخصون أنه بثبوت الترخيص في ضرب الدف، وهو أحد آلات المعازف، يثبت لغيره من الآلات قياسا بجامع الإطراب، فالأصل في الأشياء الإباحة.
يحتج المؤيدون لإباحة الغناء بحديث رواه البخاريُّ ومسلِم عن عائشة:
دخلَ عليَّ أبو بكر، وعندي جاريتان من جواري الأنصار تُغنِّيان بِما تقاوَلَتْ به الأنصار يوم بُعاث، قالت: وليست بِمُغنيتَيْن، فقال أبو بكر: أَبِمَزمور الشَّيطان في بيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -؟! وذلك في يوم عيد، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا أبا بَكْر، إنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا، وهذا عيدنا
وروى البخاريُّ ومسلمٌ وأحمد عن عائشة أنَّها زفَّت امرأة من الأنصار، فقال النبِيُّ يا عائشة،
ما كان معكم من لَهْو؟ فإنَّ الأنصار يعجبهم اللهو
يعتبر المؤيدون للموسيقى أن الإسلام أسهم في تنمية الإحساس الجمالي لدى الإنسان المؤمن ويسعى دائماً إلى الارتفاع بذوقه، والرقي بملكاته وطاقاته النفسية والروحية والعقلية. وأن الإنسان المسلم يرتقي بفنّه سلم السمو الفني سواءً أكان غناءً أم شعراً أم تصويراً، ولعلَّ أهم موسيقار عربي مسلم هو زرياب صاحب الصوت العذب والإسهامات الموسيقية الكبيرة الذي عاش في العصر العباسي ، وقد حثّ رسول الإسلام على التغنّي بالقرآن ، وما التجويد في قراءة القرآن إلاّ تحسين الصوت.
يقول ابن حزم في هذه المسألة: "إنَّ الغناء مُباح"، وبنَى كلامه على تضعيف حديث أبي مالكٍ الأشعري، ويرى ابن حزم أن استماع الموسيقى مباح مثل التَّنَزُّه في البساتين ولبس الثياب الملونة. ويقول الإمام أبو حامد الغزالي في بيان تحريم الغناء والموسيقى في الملاهي وشرب الخمر: "فالغناء والموسيقى في الملاهي محرم لتحريم الخمر؛ لأنّ الغناء في الملاهي يدعو إلى شرب الخمر، فإنّ اللذّة الحاصلة بها، إنّما تتمّ بالخمر، ولمثل هذه العلّة حرّم قليل الخمر" ولأن الغناء في الملاهي يشوّق إلى شرب الخمر، فهو منهيٌ عن السماع لخصوص هذه العلّة فيه"، ونقد الإمام أبو حامد الغزالي جميع القائلين بتحريم الغناء من العلماء المسلمين، بقوله أن الشافعي لم يحرم الغناء أصلاً، ويقدم على ذلك دليلا وهو قول يونس بن عبد الأعلى: سألت الشافعي رحمه الله عن إباحة أهل المدينة السماع، فقال الشافعي: لا أعلم أحداً من علماء الحجاز كره السماع إلاّ ما كان منه في الأوصاف. ويضيف الإمام الغزالي: "وأمّا الحداء وذكر الأطلال والمرابع وتحسين الصوت بألحان الأشعار فمباح. وحيث قال : أنّه لهوٌ مكروه يشبه الباطل. فقوله لهو صحيح، ولكن اللهو من حيث أنّه لهو ليس بحرام ، فلعب الحبشة ورقصهم لهو ، وقد كان صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ولا يكرهه بل اللهو واللغو لا يؤاخذ الله تعالى به". "وأما قوله يشبه الباطل، فهذا لا يدل على اعتقاد تحريمه، بل لو قال هو باطل صريحاً، لما دلّ على التحريم، وانّما يدلّ على خلوّه من الفائدة، فالباطل ما لا فائدة فيه، على أنّه أراد بالكراهة التنزيه".
التحريم
اجتهادات الفقهاء المختلفة عبر القرون في فهم هذا التشريع كثيرة، يمكن من خلالها رصد بيسر ودون كبير عناء تلك الفروع الفقهية الكثيرة المفرعة على القول بتحريم الموسيقى وآلاتها، حيث كلام الفقهاء على تحريم الموسيقى هو السائد، وهذا التحريم كان مستقرا في التراث الفقهي إلى حد الاتفاق، خصوصا في دائرة المذاهب المتبعة، رغم محاولات إيجاد ثغرة خلاف يتكأ عليها المبيحون. يتفق مؤسسو المذاهب الأربع على تحريم الغناء، حيث يميل أتباع المذهب الحنفي في كُتبهم إلى أنَّ سماع الغناء فِسْق، والتلَذُّذ به كُفْر، وورَدَ في كتاب التترخانيَّة - وهو من كتب الأحناف - أنَّ الغناء مُحرَّم في جميع الأوطان. وعند المالكية سُئِل الإمام مالِكٌ عن الغناء، فأجابهم: إنَّما يفعله الفُسَّاق عندنا. وعند الشافعية رواية أن الشافعيَّ عند خروجه من بغداد إلى مصر: خرجتُ من بغداد، وخلَّفتُ شيئًا ورائي أَحْدَثه الزَّنادقة يُسمُّونه التَّغبير؛ لِيَصدُّوا الناس به عن القرآن. ويقصد بالتغبير آلةٌ يُعزَف بها تشبه العود. وقال الشافعي أيضا: إذا جمع الرَّجلُ النَّاسَ لِسَماع جاريته، فهو سفيهٌ مَرْدود الشَّهادة، وهو بذلك ديُّوث. وعند الحنابلة روى عبد الله عن أبيه الإمام أحمد: سألتُ أبي عن الغناء، فقال: لا يُعجِبُني، إنَّه ينبت النِّفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل.
الكتاب فتوى جرئية وقوية ... ودراسة محترمه انتظرت مدة طويلة قراءة كتاب دينى ممتلئ بالتجديد.والعقلية الرائعة رايتها بين دفتى الكتاب ...
قراءة و تحميل كتاب أحكام الوقف دراسة قانونية فقهية مقارنة بين الشريعة والقانون PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور وفيه رد على الحجاب للألباني PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ت: الأرناؤوط PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب القديم والجديد من أقوال الشافعي من خلال منهاج الطالبين PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب عمل الزوجة وأثره في نفقتها الشرعية دراسة فقهية مقارنة PDF مجانا