اختلف الأئمة؛ لأن مصدر الدين شرعه الله تعالى لعباده في نصوص، والنصوص لا بد أن يختلف الناس في فهمها، هذا شئ طبيعي في الحياة، الناس يختلفون ما بين حرفي يعنى بظاهر اللفظ، وآخر يعنى بروح النص، وهذا موجود حتى في شراح القوانين أنفسهم، فتوجد المدرسة الضيقة الحرفية، والمدرسة المتوسعة التي تعنى بروح النصوص.
وقد وجد هذان الفريقان منذ عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحينما قال -صلى الله عليه وسلم- بعد غزوة الأحزاب: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة" (رواه البخاري ومسلم وغيرهما). اختلف الصحابة في ذلك حين دنا الغروب، فقال بعضهم: إنما أراد منا سرعة النهوض، وآخرون قالوا: لا. لقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة". فنحن لا نصليها إلا في بني قريظة ولو بعد الغروب. . وصلوها بعد الغروب، وبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل هؤلاء، وفعل هؤلاء، فلم يعنف أحدًا من الفريقين، إقرارًا منه -صلى الله عليه وسلم- للاجتهاد، حيث ترك الناس لاجتهادهم، فهذا من أسباب الاختلاف.
ومن أسباب الاختلاف: أن الناس فيهم المتشدد وفيهم المترخص، هذه طبيعة البشر، فابن عمر غير ابن عباس. ابن عمر كان يتوضأ فيأبى إلا أن يدخل الماء إلى باطن عينيه، حتى عمي -رضي الله عنه- وابن عباس لا يرى هذا ضروريًا. ابن عمر يخشى أن يقبل أولاده وأن يسيل لعابهم عليه، وابن عباس يقبلهم ويعانقهم ويقول: إنها زهرات نشمها، فكان الفرق بين فقه الرجلين، فرقًا بين روح كل منهما. من هنا جاءت شدائد ابن عمر، ورخص ابن عباس، المشهورة في تراثنا الفقهي.
هناك أيضًا: اللغة نفسها. . قد تكون اللغة سببًا من أسباب الاختلاف. إذ قال الله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء) (البقرة: 228). ما القروء؟ جاء في اللغة ما يدل على أن القرء هو الحيض. . وما يدل على أن القرء هو الطهر، ومن هنا اختلف الأئمة تبعًا للتفسير اللغوي لهذه اللفظة ونحوها من الألفاظ المشتركة.
ومثل ذلك: أن يحتمل بعض الألفاظ الحقيقة والمجاز، فيأخذ أحدهم بالدلالة الحقيقية للفظ، ويأخذ غيره بالدلالة المجازية، كما في قوله تعالى: (أو لامستم النساء) (المائدة: 6). هل المراد: الملامسة باليد كما هو رأي ابن عمر، أو هو كناية عن الجماع كما هو رأي ابن عباس؟
ومن الأسباب كذلك:
اطمئنان الأئمة إلى الرواية أو عدم اطمئنانهم، فهذا يطمئن إلى هذا الراوي، ويأخذ بروايته، والآخر لا يطمئن إليه، ولا يأخذ بما يرويه.
وبعضهم يشترط شروطًا في الحديث لا يشترطها الآخر، خصوصًا في بعض المسائل، مثل الأمور التي عمت بها البلوى.
ومن ذلك:
اختلافهم في تقدير الأدلة واعتبارها. . فالإمام مالك مثلاً: يرى أن عمل أهل المدينة فيما توارثوه من العبادات ونحو ذلك مقدم على الخبر الذي يرويه الواحد.
وبعضهم يرى ضعيف الحديث (وهو الذي سمي فيما بعد: الحسن) مقدمًا على القياس، وغيره بالعكس، وهكذا. . .
وبعضهم يأخذ بالحديث المرسل مطلقًا، وبعضهم يرفضه مطلقًا، وبعضهم يأخذ به بشروط.
ومنهم من يعتبر شرع من قبلنا شرعًا لنا، ومنهم من لا يعتبر ذلك.
ومنهم من يستدل بالمصالح المرسلة - التي لم يدل دليل خاص من الشرع على اعتبارها، ولا على إلغائها - ومنهم من لا يرى ذلك.
ومن أسباب ذلك: اختلافهم في دلالة الأمر والنهي، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، والمنطوق والمفهوم، إلي غير ذلك مما فصله "علم أصول الفقه".
هذا كتاب في الفقه المقارن ذكر فيه المؤلف المسائل الخلافية بين العلماء في أبواب الفقه كافة، تحت أبوابها وهو ينسب كل قول إلى أصحاب المذاهب الأربعة دون سواهم الا اذا اتفقت المذاهب الأربعة على قول واحد ووجد لغيرهم قول آخر فيذكر عند ذلك غير الاربعة..
تعددت الأئم و اختلفت المذاهب ولكن يبقى الدين واحدا ومنهجا ثابتا لا خلاف عليه ، فالسند دائما للكتاب و السنة مهما اختلفت المذاهب و الآراء، فى هذا الكتاب يوضح الشيخ عبد الله أسباب تعدد الأئمة و الفائدة التى تعود على الأمة الإسلامية من ذلك التعدد
قراءة و تحميل كتاب العقوبات الإسلامية وعقدة التناقض بينها وبين ما يسمى بطبيعة العصر PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب ملخص كتاب تنمية مهارات التفكير من خلال منهاج التلاوة وأحكام التجويد PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب التحيز وضرره على المعرفة: رسالة الحجاب للطريفي نموذجا PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب وصايا الإمام الحسن البصري رحمه الله لأهل القرآن PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب صراع الغرب مع الإسلام: استعراض للعداء التقليدى للإسلام فى الغرب PDF مجانا