كتاب مقومات الشخصية المسلمة أو الإنسان الصالح تأليف ماجد عرسان الكيلاني هذا كتاب الأمة التاسع والعشرون فى سلسلة كتاب الأمة للدكتور الكيلانى، التى يصدرها مركز البحوث والمعلومات، برئاسة المحاكم الشرعية والشئون الدينية، فى دولة قطر العربية، مساهمة بإعادة تشكيل شخصية المسلم المعاصر الذى يجسد القيم الإسلامية فى واقع عملى. تبدأ أهداف التربية الإسلامية بإخراج الفرد المسلم هو الإنسان العامل الذي يقوم بـ"العمل الصالح"، لأن العمل الصالح المتقن هو علة الخلق والإيجاد، وهو مادة الابتلاء والاختبار في قاعة الدنيا، والعمل يتكون من حلقات ثلاث: عمل الإدارة، وعمل الفكر، وعمل الأعضاء، أي هو يبدأ -خاطرة- في النفس حيث تتحرك الإرادة نحو حاجة في لحظة معينة تحركاً إيجابياً أو تحركاً سلبياً لإنجاز هدف مهين، ثم يصبح -فكرة- حيث يتلقف العقل الخاطرة ويأخذها بالتحليل والتركيب والتقييم حتى يبلور مخططاً كاملاً لما يجب عمله. ولطرائق التنفيذ وأدواته وزمنه ومكانه وغير ذلك.
تبدأ أهداف التربية الإسلامية بإخراج الفرد المسلم الذي يقوم بـ"العمل الصالح"، لأنَّ العمل الصالح المتقن هو علّة الخلق والإيجاد، وهو مادة الابتلاء والاختبار في قاعة الدنيا.
يقول الله تبارك وتعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}. (التوبة:105)؛ ذلك أنَّ الإسلام منهج حياة واقعية، لا تكفي فيه المشاعر والنوايا، ما لم تتحوَّل إلى حركة واقعية وللنيّة الطيبة مكانها؛ ولكنَّها هي بذاتها ليست مناط الحكم والجزاء، إنَّما هي تحسب مع العمل، فتحدّد قيمة العمل، وفق تفسير صاحب الظلال.
والإنسان لا يتوقف لحظة من لحظات عمره عن العمل، ولكن يتفاوت نضج حلقات العمل التي تنجز، والذي يقرّر فاعلية كل حلقة من حلقات العمل هو درجة الكفاءة التي تصل إليها كل حلقة، وهذه الكفاءة هي ثمرة التربية التي تتعهد هذه الحلقات بالتنمية والرعاية. والنجاح في حلقة الإرادة ثمرته "الإخلاص" في العمل. أمَّا النجاح في حلقة الفكر فثمرته "الصواب" في العمل، وأما النجاح في حلقة الممارسة فثمرته "إحكام العمل".
في كتابه (مقوّمات الشخصية المسلمة أو الإنسان الصالح)، يبحث الدكتور ماجد عرسان الكيلاني في معنى "العمل الصالح"، وضرورة إعادة النظر في مفهومه وإعادة استعماله كما ورد في مصادر الإسلام الأساسية المتمثلة في القرآن والسنة.
مع الكتاب:
خصّص المؤلف الفصل الأوّل والثاني من الكتاب لبحث معنى العمل الصالح في التربية الإسلامية، وعناصر الإنسان الصالح المولدة للعمل الصالح، حيث عرّف الدكتور الكيلاني العمل الصالح بأنَّه الترجمة العملية التطبيقية الأكمل للعلاقات التي حدّدتها فلسفة التربية الإسلامية بين الإنسان والخالق والكون والحياة والإنسان والآخرة.
ورأى أنَّ العمل الصَّالح الذي هو سمة الفرد الصالح هو ثمرة عدد معين من العمليات التربوية التي تتكامل حسب نسق معين. أما عن أحكام تربية مكونات العمل الصالح فهي كما يرى الكاتب تشمل أحكام تربية القدرات العقلية "وظيفة العقل" وقد رسم القرآن الكريم الإطار العام للقدرات العقلية ولم يدخل في تفاصيلها جريًا على طريقته في الإشارة إلى ميدان العلم والمعرفة، ثمَّ الطلب إلى الإنسان ليقوم بدوره في هذا الميدان {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} (الرّوم:8).
وفي الفصل الثالث من الكتاب، بحث المؤلف موضوع إحكام تربية القدرات العقلية، من خلال تصنيف القدرات العقلية وتحديدها، وكيفية تنمية القدرات العقلية ومنهج التفكير المسلم، وضرورة توفير بيئة الحرية اللازمة لتنمية القدرات العقلية ومنهج التفكير السليم.
أمّا الفصل الرَّابع، فخصّه لموضوع تربية الفرد على تعشّق المثل الأعلى، من حيث معناه وأهميته ومستوياته وأنواعه، يقول المؤلف: يقول الكاتب: "المثل الأعلى في التربية الإسلامية يعني نموذج الحياة التي يراد للفرد المسلم أن يحياها، وللأمَّة المسلمة أن تعيش طبقًا لها، ومثل –المثل الأعلى– مثل النموذج أو المخطط الذي يصممه مهندس البناء أو مهندس الآلات، ثم يدفعه لمن يحيله إلى واقع ملموس طبقًا لقوانين البناء أو قوانين الآلات..".
ويضيف: "يقرّر القرآن الكريم أن اللَّـه وحده هو الخالق المصمم للإنسان، ولذلك فهو الخبير الحقيقي بتخطيط النموذج أو المثل الأعلى لصورة الإنسان الصالح المُصلِح، وأنه لا يمكن أن يشاركه تعالى أحد في تحديد المثل الأعلى في الاعتقاد والتطبيقات العملية: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (الروم:27).
ويؤكّد أنَّ البشر المخلوقين حين يتنكرون للمثل الأعلى الذي جاءت به الرسالة ويحاولون أن يضعوا للحياة البشرية مثلاً أعلى في الاعتقاد والسلوك فإنهم يصنعون نماذج سيئة ضارة أو مثل سوء: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. (النحل:60).
وفي الفصل الخامس، بحث موضوع تنمية الخبرات الدينية والاجتماعية والكونية عند الفرد.
أمَّا الفصل السَّادس، فتطرّق إلى أهمية تربية الإرادة عند الفرد، حيث بحث معنى الإرادة ووظيفتها، ومستوياتها ونضجها، وفقدانها وضعفها.
وخصَّ الفصل السَّابع والثامن لتنمية القدرة التسخيرية لدى الفرد من حيث مستوياتها وأهمية تنميتها، وضرورة موضوع إحكام توازن الإرادة العامة والقدرة التسخيرية في تربية الفرد.
وبحث في الفصل التاسع، مشكلة تربية الفرد في أهداف التربية الحديثة، والتي ترجع إلى تضييق مفهوم العمل الصالح وحصره بالإنتاج المادي، وتدني مستوى المثل الأعلى إلى مستوى تلبية حاجات الجسد البشري، وحصر الإرادة في مستوى الرغبات والشهوات، بالإضافة إلى حصر الخبرات بالكونية والاجتماعية دون الدينية والأخلاقية، وحصر القدرات بالعقلية والجسدية دون الأخلاقية.
وفي الفصل العاشر والأخير، بحث المؤلف أزمة تربية الفرد في المؤسسات التربوية القائمة في الأقطار العربية والإسلامية من خلال عنوانين:
1. مظاهر الأزمة في المؤسسات التربوية الإسلامية التقليدية: ويلخصها في أمرين هما: انحسار مفهوم العمل الصالح وحصره في ميادين العبادة والأخلاق الفردية، وغموض المثل الأعلى.
2. مظاهر الأزمة في المؤسسات التربوية الحديثة: ويلخصها في أمرين هما: حصر مفهوم العمل الصالح في القدرات والمهارات المادية، واضطراب مفهوم المثل الأعلى.