كتاب سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد كتب إسلامية

كتاب سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد

سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد هو كتاب عن الخليفة عمر بن عبد العزيز، ألفه الحافظ ابن الجوزي (508 هـ - 597 هـ)، أفرد المؤلف كتابه لأخبار الإمام الخليفة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية (717 -720) ثامن الخلفاء الأمويين، خامس الخلفاء الراشدين، لأنها الأحق بالذكر من بين الخلفاء، فهي تنبه أولي الأمر، وقد آثر المصنف ابن الجوزي جمع آثاره، واختار ضم أخباره، لعلها تجمع لقارئها شمل دينه، ويقوي تكرارها على فكره أزر يقينه . أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي (61هـ681م - 101هـ720م)، هو ثامن الخلفاء الأمويين، عمر الثاني. ولد سنة 61هـ في المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم. وفي سنة 87هـ، ولّاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ، فصار واليًا على الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى دمشق. فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيرًا ومستشارًا له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان سنة 99هـ تولى عمر الخلافة. تميزت خلافة عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات، منها: العدلُ والمساواة، وردُّ المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم، كما أعاد العمل بالشورى، ولذلك عدّه كثير من العلماء خامس الخلفاء الراشدين، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف. استمرت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، حتى قُتل مسمومًا سنة 101هـ، فتولى يزيد بن عبد الملك الخلافة من بعده. شخصيته صفته الشكلية كان عمر بن عبد العزيز أسمر رقيق الوجه أحسنه، نحيف الجسم، حسن اللحية، غائر العينين، بجبهته أثر نفحة دابة، وقد خطه الشيب. وقيل في صفته: إنه كان رجلاً أبيض دقيق الوجه، جميلاً، نحيف الجسم، حسن اللحية. مكانته العلمية اتفقت كلمة المترجمين لعمر بن عبد العزيز على أنه من أئمة زمانه، فقد أطلق عليه كل من الإمامين مالك وسفيان بن عيينة وصف إمام، وقال فيه مجاهد: «أتيناه نعلمه فما برحنا حتى تعلمَّنا منه»، وقال ميمون بن مهران: «كان عمر بن عبد العزيز معلمَّ العلماء»، وقال فيه الذهبي: «كان إماماً فقيهاً مجتهداً، عارفاً بالسنن، كبير الشأن، حافظاً، قانتاً لله أوَّاهاً منيباً، يعد في حسن السيرة والقيام بالقسط مع جده لأمه عمر، وفي الزهد مع الحسن البصري، وفي العلم مع الزهري». وقد احتج الفقهاء والعلماء بقوله وفعله، ومن ذلك رسالة الإمام الليث بن سعد إلى الإمام مالك بن أنس، وهي رسالة قصيرة، وفيها يحتج الليث مراراً بصحة قوله بقول عمر بن عبد العزيز على مالك فيما ذهب إليه في بعض مسائله. ويرد ذكر عمر بن عبد العزيز في كتب الفقه للمذاهب الأربعة المتبوعة على سبيل الاحتجاج بمذهبه، فاستدل الحنفية بصنيعه في كثير من المسائل، وجعلوا له وصفاً يتميَّز به عن جدّه لأمه عمر بن الخطاب، قال القرشي في الجواهر المضيئة: «فائدة: يقول أصحابنا في كتبهم في مسائل الخلاف: وهو قول عمر الصغير؛ يريدون به عمر بن عبد العزيز الإمام الخليفة المشهور». ويُكثر الشافعية من ذكره في كتبهم، ولذلك ترجم له الإمام النووي ترجمة حافلة في كتاب "تهذيب الأسماء واللغات"، وقال في أولها: «تكرر في المختصر والمهذب»، وهما من كتب الفقه الشافعي. وأما المالكية فيُكثرون من ذكره في كتبهم أكثر من غيرهم، ومالك إمام المذهب ذكره في الموطأ في مواضع عديدة محتجاً بفتواه وقوله. وأما الحنابلة فكذلك يذكرونه كثيراً، وعمر هو الذي قال فيه الإمام أحمد: «لا أدري قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز»، وكفاه هذا، وقال الإمام أحمد أيضاً: «إذا رأيت الرجل يحب عمر بن عبد العزيز ويذكر محاسنه وينشرها فاعلم أن من وراء ذلك خيراً إن شاء الله». ألقابه يرى المتتبع لأقوال العلماء والمؤرخين إجماعاً تاماً على عدّ الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز المجدد الأول في الإسلام، وكان أول من أطلق عليه ذلك الإمام محمد بن شهاب الزهري، ثم تبعه على ذلك الإمام أحمد بن حنبل فقال: «يروى في الحديث: إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة أمر دينها، فنظرنا في المائة الأولى فإذا هو عمر بن عبد العزيز». ويقول ابن حجر العسقلاني: «إن إجماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها، ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما من جاء بعده فالشافعي، وإن كان متصفاً بالصفات الجميلة إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل». وكان عمر بن عبد العزيز يلقب بـ"الأشجّ" أو "أشجّ بني مروان"؛ وذلك لأنه عندما كان صغيراً دخل إلى اصطبل أبيه عندما كان والياً على مصر ليرى الخيل، فضربه فرس في وجهه فشجّه، فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول: «إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد»، ولما رأى أخوه الأصبغ الأثر قال: «الله أكبر! هذا أشج بني مروان الذي يملك». وذلك أن عمر بن الخطاب كان يقول: «إن من ولدي رجلاً بوجهه أثر يملأ الأرض عدلاً»، فقد رأى عمر بن الخطاب رؤيا تشير إلى ذلك، وقد تكررت هذه الرؤيا لغير عمر حتى أصبح الأمر مشهوراً عند الناس، بدليل ما قاله أبوه عندما رأى الدم في وجهه، وما قاله أخوه عندما رأى الشج في وجهه، فكلاهما تفاءل لعله أن يكون ذلك الأشج الذي يملأ الأرض عدلاً. ويُذكر أن عمر بن الخطاب رأى ذات ليلة رؤيا، وكان يقول: «ليت شعري من ذو الشين (أي العلامة) من ولدي الذي يملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً؟»، فكان عبد الله بن عمر يقول: «إن آل الخطاب يرون أن بلال بن عبد الله بوجهه شامة، فحسبوه المبشر الموعود، حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز». زوجاته وذريته لما مات والد عمر بن عبد العزيز أخذه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان، فخلطه بولده، وقدمه على كثير منهم، وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك، وهي التي قال فيها الشاعر: بنت الخليفة والخليفة جدها أخت الخلائف والخليفة زوجها ومعنى هذا البيت أنها بنت الخليفة عبد الملك بن مروان، والخليفة جدها مروان بن الحكم، وهي أخت الخلفاء: الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك، والخليفة زوجها فهو عمر بن عبد العزيز، حتى قيل عنها: «لا نعرف امرأة بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها»، وقد ولدت له إسحاق ويعقوب وموسى. ومن زوجاته: لميس بنت علي بن الحارث، وقد ولدت له عبد الله وبكر وأم عمار. ومنهن: أم عثمان بنت شعيب بن زيان، وقد ولدت له إبراهيم. وأما أولاده عبد الملك والوليد وعاصم ويزيد وعبد الله وعبد العزيز وزيان وأمينة وأم عبد الله، فأمهم أم ولد. وكان لعمر بن عبد العزيز أربعة عشر ذكراً، منهم: عبد الملك وعبد العزيز وعبد الله وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وبكر والوليد وموسى وعاصم ويزيد وزيان وعبد الله، وبنات ثلاثة: أمينة وأم عمار وأم عبد الله، وقد اختلفت الروايات عن عدد أولاد عمر بن عبد العزيز وبناته، فبعض الروايات تذكر أنهم أربعة عشر ذكراً كما ذكره ابن قتيبة، وبعض الروايات تذكر أن عدد الذكور اثنا عشر وعدد الإناث ست كما ذكره ابن الجوزي. الآراء والمواقف حوله نظرة أهل السنة والجماعة يرى أهل السنة والجماعة أن عمرَ بن عبد العزيز مثالُ الحاكم العادل الزاهد الورع، وقال جمع من أهل العلم: هو خامس الخلفاء الراشدين، وقال الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء": «عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي: الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد العابد السيد، أمير المؤمنين حقاً، الخليفة الزاهد الراشد»، وقال: «وكان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين، رحمة الله عليه». ويرى بعضهم أنه هو المجدد الأول في الإسلام، قال عبد الملك الميموني: كنت عند أحمد بن حنبل، وجرى ذكر الشافعي، فرأيت أحمد يرفعه، وقال: «يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يقرر لها دينها»، فكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه على رأس المائة، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى». وقال ابن كثير: «فقال جماعة من أهل العلم منهم أحمد بن حنبل، فيما ذكره ابن الجوزي وغيره: إن عمر بن عبد العزيز كان على رأس المائة الأولى، وإن كان هو أولى مَن دخل في ذلك وأحق؛ لإمامته وعموم ولايته وقيامه واجتهاده في تنفيذ الحق، فقد كانت سيرته شبيهة بسيرة عمر بن الخطاب، وكان كثيراً ما تشبَّه به».
أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي - ابن الجوزي، هو أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التيمي البكري. فقيه حنبلي محدث ومؤرخ ومتكلم (510هـ/1116م - 12 رمضان 597 هـ) ولد وتوفي في بغداد. حظي بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة في الخطابة والوعظ والتصنيف، كما برز في كثير من العلوم والفنون. يعود نسبه إلى محمد بن أبي بكر الصديق. عرف بابن الجوزي لشجرة جوز كانت في داره ببلدة واسط، ولم تكن بالبلدة شجرة جوز سواها، وقيل: نسبة إلى "فرضة الجوز" وهي مرفأ نهر البصرة. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ أخبار الحمقى و المغفلين ❝ ❞ الطب الروحاني (ت: ابن الجوزي) ❝ ❞ تلبيس إبليس ❝ ❞ صيد الخاطر ❝ ❞ روح الأرواح ❝ ❞ آداب الحسن البصري وزهده ومواعظه ❝ ❞ ذم الهوى ❝ ❞ الأذكياء ❝ ❞ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ج1 ❝ الناشرين : ❞ دار المعارف ❝ ❞ دار الكتب العلمية بلبنان ❝ ❞ دار القلم للنشر والتوزيع ❝ ❞ مكتبة الملك فهد الوطنية ❝ ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ دار المعرفة للطباعة والنشر ❝ ❞ دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الفكر للطباعة والنشر بسوريا ❝ ❞ دار الكتاب العربي ❝ ❞ المكتبة العصرية ❝ ❞ المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ❝ ❞ دار ابن الجوزي ❝ ❞ دار الغرب الإسلامي ❝ ❞ دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ❝ ❞ دار البشائر الإسلامية ❝ ❞ مكتبة الخانجي ❝ ❞ مكتبة الثقافة الدينية ❝ ❞ دار الراية للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الصحابة للتراث بطنطا ❝ ❞ دار الحديث - القاهرة ❝ ❞ دار هجر للنشر والتوزيع ❝ ❞ مكتبة ابن تيمية ❝ ❞ دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ❝ ❞ مكتبه المنار ❝ ❞ دار الفكر اللبناني ❝ ❞ شركة المطبوعات للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار النوادر للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ مؤسسة الكتب الثقافية ❝ ❞ دار الكتب السلفية ❝ ❞ مكتبة نزار مصطفى الباز ❝ ❞ دار الأرقم للنشر والتوزيع - الكويت ❝ ❞ دار الآفاق الجديدة ❝ ❞ مكتبة الإمام البخاري للنشر والتوزيع ❝ ❞ الدار الأثرية ❝ ❞ دار ابن خلدون ❝ ❞ دار المعراج للنشر والتوزيع ❝ ❞ مجلة الحكمة - بريطانيا ❝ ❞ دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري - حكومة دبي ❝ ❞ دار ابن تيمية ❝ ❞ دار الطباعة المحمدية ❝ ❞ دار البيان ❝ ❞ مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث ❝ ❞ مطبعة دار السلام ❝ ❞ المؤسسة السعيدية - الرياض ❝ ❞ دار فوزى للطباعة ❝ ❞ المجلس الاعلي للشئون الاسلاميه-البحرين- ❝ ❞ دار الوراق بيروت ❝ ❞ مكتبة ابن حجر ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب :
سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد هو كتاب عن الخليفة عمر بن عبد العزيز، ألفه الحافظ ابن الجوزي (508 هـ - 597 هـ)، أفرد المؤلف كتابه لأخبار الإمام الخليفة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية (717 -720) ثامن الخلفاء الأمويين، خامس الخلفاء الراشدين، لأنها الأحق بالذكر من بين الخلفاء، فهي تنبه أولي الأمر، وقد آثر المصنف ابن الجوزي جمع آثاره، واختار ضم أخباره، لعلها تجمع لقارئها شمل دينه، ويقوي تكرارها على فكره أزر يقينه .

أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي (61هـ681م - 101هـ720م)، هو ثامن الخلفاء الأمويين، عمر الثاني. ولد سنة 61هـ في المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم. وفي سنة 87هـ، ولّاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ، فصار واليًا على الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى دمشق. فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيرًا ومستشارًا له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان سنة 99هـ تولى عمر الخلافة.

تميزت خلافة عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات، منها: العدلُ والمساواة، وردُّ المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم، كما أعاد العمل بالشورى، ولذلك عدّه كثير من العلماء خامس الخلفاء الراشدين، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف. استمرت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، حتى قُتل مسمومًا سنة 101هـ، فتولى يزيد بن عبد الملك الخلافة من بعده.

شخصيته
صفته الشكلية
كان عمر بن عبد العزيز أسمر رقيق الوجه أحسنه، نحيف الجسم، حسن اللحية، غائر العينين، بجبهته أثر نفحة دابة، وقد خطه الشيب. وقيل في صفته: إنه كان رجلاً أبيض دقيق الوجه، جميلاً، نحيف الجسم، حسن اللحية.

مكانته العلمية
اتفقت كلمة المترجمين لعمر بن عبد العزيز على أنه من أئمة زمانه، فقد أطلق عليه كل من الإمامين مالك وسفيان بن عيينة وصف إمام، وقال فيه مجاهد: «أتيناه نعلمه فما برحنا حتى تعلمَّنا منه»، وقال ميمون بن مهران: «كان عمر بن عبد العزيز معلمَّ العلماء»، وقال فيه الذهبي: «كان إماماً فقيهاً مجتهداً، عارفاً بالسنن، كبير الشأن، حافظاً، قانتاً لله أوَّاهاً منيباً، يعد في حسن السيرة والقيام بالقسط مع جده لأمه عمر، وفي الزهد مع الحسن البصري، وفي العلم مع الزهري».

وقد احتج الفقهاء والعلماء بقوله وفعله، ومن ذلك رسالة الإمام الليث بن سعد إلى الإمام مالك بن أنس، وهي رسالة قصيرة، وفيها يحتج الليث مراراً بصحة قوله بقول عمر بن عبد العزيز على مالك فيما ذهب إليه في بعض مسائله.

ويرد ذكر عمر بن عبد العزيز في كتب الفقه للمذاهب الأربعة المتبوعة على سبيل الاحتجاج بمذهبه، فاستدل الحنفية بصنيعه في كثير من المسائل، وجعلوا له وصفاً يتميَّز به عن جدّه لأمه عمر بن الخطاب، قال القرشي في الجواهر المضيئة: «فائدة: يقول أصحابنا في كتبهم في مسائل الخلاف: وهو قول عمر الصغير؛ يريدون به عمر بن عبد العزيز الإمام الخليفة المشهور». ويُكثر الشافعية من ذكره في كتبهم، ولذلك ترجم له الإمام النووي ترجمة حافلة في كتاب "تهذيب الأسماء واللغات"، وقال في أولها: «تكرر في المختصر والمهذب»، وهما من كتب الفقه الشافعي.

وأما المالكية فيُكثرون من ذكره في كتبهم أكثر من غيرهم، ومالك إمام المذهب ذكره في الموطأ في مواضع عديدة محتجاً بفتواه وقوله. وأما الحنابلة فكذلك يذكرونه كثيراً، وعمر هو الذي قال فيه الإمام أحمد: «لا أدري قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز»، وكفاه هذا، وقال الإمام أحمد أيضاً: «إذا رأيت الرجل يحب عمر بن عبد العزيز ويذكر محاسنه وينشرها فاعلم أن من وراء ذلك خيراً إن شاء الله».

ألقابه
يرى المتتبع لأقوال العلماء والمؤرخين إجماعاً تاماً على عدّ الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز المجدد الأول في الإسلام، وكان أول من أطلق عليه ذلك الإمام محمد بن شهاب الزهري، ثم تبعه على ذلك الإمام أحمد بن حنبل فقال: «يروى في الحديث: إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يصحح لهذه الأمة أمر دينها، فنظرنا في المائة الأولى فإذا هو عمر بن عبد العزيز». ويقول ابن حجر العسقلاني: «إن إجماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها، ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما من جاء بعده فالشافعي، وإن كان متصفاً بالصفات الجميلة إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل».

وكان عمر بن عبد العزيز يلقب بـ"الأشجّ" أو "أشجّ بني مروان"؛ وذلك لأنه عندما كان صغيراً دخل إلى اصطبل أبيه عندما كان والياً على مصر ليرى الخيل، فضربه فرس في وجهه فشجّه، فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول: «إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد»، ولما رأى أخوه الأصبغ الأثر قال: «الله أكبر! هذا أشج بني مروان الذي يملك». وذلك أن عمر بن الخطاب كان يقول: «إن من ولدي رجلاً بوجهه أثر يملأ الأرض عدلاً»، فقد رأى عمر بن الخطاب رؤيا تشير إلى ذلك، وقد تكررت هذه الرؤيا لغير عمر حتى أصبح الأمر مشهوراً عند الناس، بدليل ما قاله أبوه عندما رأى الدم في وجهه، وما قاله أخوه عندما رأى الشج في وجهه، فكلاهما تفاءل لعله أن يكون ذلك الأشج الذي يملأ الأرض عدلاً.

ويُذكر أن عمر بن الخطاب رأى ذات ليلة رؤيا، وكان يقول: «ليت شعري من ذو الشين (أي العلامة) من ولدي الذي يملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً؟»، فكان عبد الله بن عمر يقول: «إن آل الخطاب يرون أن بلال بن عبد الله بوجهه شامة، فحسبوه المبشر الموعود، حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز».

زوجاته وذريته
لما مات والد عمر بن عبد العزيز أخذه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان، فخلطه بولده، وقدمه على كثير منهم، وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك، وهي التي قال فيها الشاعر:

بنت الخليفة والخليفة جدها أخت الخلائف والخليفة زوجها
ومعنى هذا البيت أنها بنت الخليفة عبد الملك بن مروان، والخليفة جدها مروان بن الحكم، وهي أخت الخلفاء: الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك، والخليفة زوجها فهو عمر بن عبد العزيز، حتى قيل عنها: «لا نعرف امرأة بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها»، وقد ولدت له إسحاق ويعقوب وموسى.

ومن زوجاته: لميس بنت علي بن الحارث، وقد ولدت له عبد الله وبكر وأم عمار. ومنهن: أم عثمان بنت شعيب بن زيان، وقد ولدت له إبراهيم. وأما أولاده عبد الملك والوليد وعاصم ويزيد وعبد الله وعبد العزيز وزيان وأمينة وأم عبد الله، فأمهم أم ولد.

وكان لعمر بن عبد العزيز أربعة عشر ذكراً، منهم: عبد الملك وعبد العزيز وعبد الله وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وبكر والوليد وموسى وعاصم ويزيد وزيان وعبد الله، وبنات ثلاثة: أمينة وأم عمار وأم عبد الله، وقد اختلفت الروايات عن عدد أولاد عمر بن عبد العزيز وبناته، فبعض الروايات تذكر أنهم أربعة عشر ذكراً كما ذكره ابن قتيبة، وبعض الروايات تذكر أن عدد الذكور اثنا عشر وعدد الإناث ست كما ذكره ابن الجوزي.

الآراء والمواقف حوله
نظرة أهل السنة والجماعة
يرى أهل السنة والجماعة أن عمرَ بن عبد العزيز مثالُ الحاكم العادل الزاهد الورع، وقال جمع من أهل العلم: هو خامس الخلفاء الراشدين، وقال الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء": «عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي: الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد العابد السيد، أمير المؤمنين حقاً، الخليفة الزاهد الراشد»، وقال: «وكان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين، رحمة الله عليه».

ويرى بعضهم أنه هو المجدد الأول في الإسلام، قال عبد الملك الميموني: كنت عند أحمد بن حنبل، وجرى ذكر الشافعي، فرأيت أحمد يرفعه، وقال: «يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يقرر لها دينها»، فكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه على رأس المائة، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى».

وقال ابن كثير: «فقال جماعة من أهل العلم منهم أحمد بن حنبل، فيما ذكره ابن الجوزي وغيره: إن عمر بن عبد العزيز كان على رأس المائة الأولى، وإن كان هو أولى مَن دخل في ذلك وأحق؛ لإمامته وعموم ولايته وقيامه واجتهاده في تنفيذ الحق، فقد كانت سيرته شبيهة بسيرة عمر بن الخطاب، وكان كثيراً ما تشبَّه به».

للكاتب/المؤلف : أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي .
دار النشر : دار الكتب العلمية بلبنان .
سنة النشر : 1984م / 1404هـ .
عدد مرات التحميل : 8523 مرّة / مرات.
تم اضافته في : السبت , 9 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 5.3 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

نبذة عن الكتاب :


سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد هو كتاب عن الخليفة عمر بن عبد العزيز، ألفه الحافظ ابن الجوزي (508 هـ - 597 هـ)، أفرد المؤلف كتابه لأخبار الإمام الخليفة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية (717 -720) ثامن الخلفاء الأمويين، خامس الخلفاء الراشدين، لأنها الأحق بالذكر من بين الخلفاء، فهي تنبه أولي الأمر، وقد آثر المصنف ابن الجوزي جمع آثاره، واختار ضم أخباره، لعلها تجمع لقارئها شمل دينه، ويقوي تكرارها على فكره أزر يقينه .

أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي (61هـ681م - 101هـ720م)، هو ثامن الخلفاء الأمويين، عمر الثاني. 

ولد سنة 61هـ في المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم. 


وفي سنة 87هـ، ولّاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ، فصار واليًا على الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى دمشق. 

فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيرًا ومستشارًا له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان سنة 99هـ تولى عمر الخلافة.

تميزت خلافة عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات، منها: العدلُ والمساواة، وردُّ المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم، كما أعاد العمل بالشورى، ولذلك عدّه كثير من العلماء خامس الخلفاء الراشدين، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف.

 استمرت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، حتى قُتل مسمومًا سنة 101هـ، فتولى يزيد بن عبد الملك الخلافة من بعده.

كان عمر بن عبد العزيز يرى أن المسؤولية تتمثل بالقيام بحقوق الناس، والخضوع لشروط بيعتهم، وتحقيق مصلحتهم المشروعة، فالخليفة أجير عند الأمة وعليه أن ينفذ مطالبها العادلة حسب شروط البيعة.

وقد أحب الاستزادة في فهم صفات الإمام العادل وما يجب أن يقوم به ليتصف بهذه الخصلة، فكتب إلى الحسن البصري يسأله عن ذلك، فأجابه الحسن:

«الإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده؛ يسعى لهم صغاراً، ويعلمهم كباراً، يكتب لهم في حياته، ويدخرهم بعد مماته. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البّرة الرفيقة بولدها، حملته كرهاً، ووضعته كرهاً، وربته طفلاً، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته، وتغتمّ بشكايته. والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصيّ اليتامى وخازن المساكين، يربي صغيرهم. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كقلب بين الجوانح، تصلح الجوانح بصلاحه، وتفسد بفساده. والإمام العدل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويُسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم، وينقاد إلى الله ويقودهم. فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملَّكك الله كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله، فبدَّد وشرَّد العيال، فأفقر أهله وفرَّق ماله.»
وقد أحبّ عمر أهل البيت وأعاد إليهم حقوقهم، وقال مرة لفاطمة بنت علي بن أبي طالب: «يا بنت علي، والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحبّ إليَّ منكم، ولأنتم أحب إليَّ من أهل بيتي».

ردّ المظالم
«إن الله بعث محمداً داعياً ولم يبعثه جابياً»
— عمر بن عبد العزيز
«أنثروا القمحَ على رؤوسِ الجبال لكي لا يُقال: جاعَ طيرٌ في بلاد المسلمين»
— عمر بن عبد العزيز
بدأ عمر بن عبد العزيز برد المظالم بنفسه، روى ابن سعد: لما رد عمر بن عبد العزيز المظالم قال: «إنه لينبغي أن لا أبدأ بأول من نفسي»، فنظر إلى ما في يديه من أرض أو متاع، فخرج منه حتى نظر إلى فص خاتم، فقال: «هذا مما كان الوليد بن عبد الملك أعطانيه مما جاءه من أرض المغرب»، فخرج منه. وقد بلغ به حرصه على التثبت أنه نزع حلي سيفه من الفضة، وحلاه بالحديد، قال عبد العزيز بن عمر: «كان سيف أبي محلى بفضة فنزعها وحلاه حديداً».

وكان خروجه مما بيده من أرض أو متاع بعدة طرق كالبيع، فلما استخلف نظر إلى ما كان له من عبد، وإلى لباسه وعطره وأشياء من الفضول، فباع كل ما كان به عنه غني، فبلغ ثلاثة وعشرين ألف دينار، فجعله في السبيل. أو عن طريق ردها إلى أصحابها الأصليين، وهذا ما فعله بالنسبة للقطائع التي أقطعه إياها قومه، كما أرجع عمر للرجل المصري أرضه بحلوان بعد أن عرف أن والده عبد العزيز قد ظلم المصري فيها، وحتى الدار التي كان والده عبد العزيز قد اشتراها من الربيع بن خارجة الذي كان يتيماً في حجره، ردها عليه، لعلمه أنه لا يجوز اشتراء الولي ممن يلي أمره. ثم التفت إلى المال الذي كان يأتيه من جبل الورس باليمن، فرده إلى بيت مال المسلمين مع شدة حاجة أهله إلى هذا المال، كما أمر مولاه مزاحماً برد المال الذي كان يأتيه من البحرين كل عام إلى مال الله.

وإذا كان عمر قد بدأ بنفسه في رد المظالم، فقد ثنّى ذلك بأهل بيته وبني عمومته من الأمويين، فقد رأى أن الأمويين أدخلوا الكثير من مظاهر السلطان التي لم تكن موجودة على عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو خلفائه الراشدين، فأنفقوا الكثير من المال من أجل الظهور بمظاهر العظمة والأبهة أمام رعيتهم، وفوجيء بتلك الثياب الجديدة وقارورات العطر والدهن التي أصبحت له بحجة أن الخليفة الراحل لم يصبها، فهي من حقه بصفته الخليفة الجديد، فأمر مولاه مزاحماً فور تقديم هذه الزينة له ببيعها، وضم ثمنها إلى بيت مال المسلمين.

ولقد كانت لعمر سياسة محددة في رد مظالم بني أمية، فحين وفد عليه أفراد البيت الأموي عقب انصرافه من دفن سليمان، وسألوه ما عودهم الخلفاء الأمويون من قبله، أراد عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز أن يردهم عن أبيه، فقال له عمر: «وما تبلغهم؟»، قال: «أقول: أبي يقرئكم السلام ويقول لكم: Ra bracket.png قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ Aya-13.png La bracket.png»، ثم اتجه إلى أبناء البيت الأموي، فجمعهم وطلب إليهم أن يُخرجوا ما بأيدهم من أموال وإقطاعات أخذوها بغير حق. ولم تمضِ سوى أيام معدودات حتى وجد بنو أمية أنفسهم مجردين إلا من حقهم الطبيعي المشروع.


درهم أموي يرجع إلى عهد عمر بن عبد العزيز

دينار أموي يرجع إلى عهد عمر بن عبد العزيز
وعندما عجز الرجال من بني أمية عن جعل عمر يخاف أو يلين عن سياسته إزاءهم، لجأوا إلى عمته فاطمة بنت مروان، فلما دخلت عليه عظمها وأكرمها كعادته، وألقى لها وسادة لتجلس عليها، فقالت: «إن قرابتك يشكونك ويذكرونك أنك أخذت منهم خير غيرك»، قال: «ما منعتهم حقاً أو شيئاً كان لهم، ولا أخذت منهم حقاً أو شيئاً كان لهم»، فقالت: «إني رأيتهم يتكلمون، وإني أخاف أن يهيجوا عليك يوماً عصيباً»، فقال: «كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره»، فدعا بدينار وجنب ومجمرة، فألقى ذلك الدينار بالنار، وجعل ينفح على الدينار فإذا احمرّ تناوله بشيء، فألقاه على الجمر فنشى وقتر، فقال: «أي عمة، أما ترثين لابن أخيك من هذا؟»، ثم قال: «إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة ولم يبعثه عذاباً إلى الناس كافة، ثم اختار له ما عنده وترك للناس نهراً شربهم فيه سواء، ثم ولي أبو بكر وترك النهر على حاله، ثم ولي عمر فعمل عملهما، ثم لم يزل النهر يستقي منه يزيد ومروان وعبد الملك وابنه الوليد وسليمان أبناء عبد الملك حتى أفضى الأمر إلي وقد يبس النهر الأعظم، فلم يُروَ أصحابه حتى يعود إلى ما كان عليه»، فقالت: «حسبك، قد أردت كلامك، فأما إذا كانت مقالتك هذه فلا أذكر شيئاً أبداً»، فرجعت إليهم فأخبرتهم كلامه. وجاء في رواية أنها قالت لهم: «أنتم فعلتم هذا بأنفسكم، تزوجتم بأولاد عمر بن الخطاب فجاء يشبه جده»، فسكتوا.

ومرة بعث إليه واليه على البصرة برجل اغتصب أرضه، فرد عمر هذه الأرض إليه ثم قال له: «كم أنفقت في مجيئك إلي؟»، قال: «يا أمير المؤمنين، تسألني عن نفقتي وأنت قد رددت علي أرضي وهي خير من مائة ألف؟»، فأجابه عمر: «إنما رددت عليك حقك»، ثم ما لبث أن أمر له بستين درهماً تعويضاً له عن نفقات سفره. وقال ابن موسى: «ما زال عمر بن عبد العزيز يردّ المظالم منذ يوم استخلف إلى يوم مات».

وذات يوم قدم عليه نفر من المسلمين وخاصموا روح بن الوليد بن عبد الملك في حوانيت، وقد قامت لهم البينة عليه، فأمر عمر روحاً برد الحوانيت إليهم، ولم يلتفت لسجل الوليد، فقام روح فتوعدهم، فردع رجل منهم وأخبر عمر بذلك، فأمر عمر صاحب حرسه أن يتبع روحاً، فإن لم يردّ الحوانيت إلى أصحابها فليضرب عنقه، فخاف روح على نفسه وردّ إليهم حوانيتهم. وردّ عمر أرضاً كان قوم من الأعراب أحيوها، ثم انتزعها منهم الوليد بن عبد الملك فأعطاها بعض أهله، فقال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له».

عزل جميع الولاة الظالمين
لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، عمد إلى جميع الولاة والحكام الظالمين فعزلهم عن مناصبهم، ومنهم خالد بن الريان صاحب حرس سليمان بن عبد الملك الذي كان يضرب كل عنق أمره سليمان بضربها، وعين محله عمرو بن مهاجر الأنصاري، فقال عمر بن عبد العزيز: «يا خالد، ضع هذا السيف عنك، اللهم إني قد وضعت لك خالد بن الريان، اللهم لا ترفعه أبداً»، ثم قال لعمرو بن مهاجر: «والله إنك لتعلم يا عمرو إنه ما بيني وبينك قرابة إلا قربة الإسلام، ولكني سمعتك تكثر تلاوة القرآن، ورأيتك تصلي في موضع تظن ألا يراك أحد، فرأيتك حسن الصلاة، خذ هذا السيف قد وليتك حرسي».

وقد رأى عمر رجلاً كثير الصلاة، فأراد أن يمتحنه ليوليه، فأرسل إليه رجلاً من خاصته فقال: «يا فلان، إنك تعلم مقامي عند أمير المؤمنين، فمالي لو جعلته يوليك على أحد البلدان؟»، فقال الرجل: «لك عطاء سنة»، فرجع الرجل إلى عمر وأخبره بما كان من هذا الرجل، فتركه لأنه سقط في الاختبار.

وكان من ضمن من عزلهم عمر بن عبد العزيز: أسامة بن زيد التنوخي، وكان على خراج مصر، لأنه كان غاشماً ظلوماً يعتدي في العقوبات بغير ما أنزل الله عز وجل؛ فكان يقطع الأيدي في خلاف دون تحقق شروط القطع، فأمر به عمر بن عبد العزيز أن يحبس في كل جُنُد سنة، ويُقيّد ويُحلّ عنه القيد عند كل صلاة ثم يُرد في القيد، فحبس بمصر سنة، ثم بفلسطين سنة، ثم مات عمر وولي يزيد بن عبد الملك الخلافة، فردّ أسامة على مصر في عمله.

سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد (ت: زرزور) (ط. 1422)

التراجم والأعلام 

قصة عمر بن عبد العزيز كاملة

عمر بن عبد العزيز pdf

عدل عمر بن عبد العزيز

أعمال عمر بن عبد العزيز

عمر بن عبدالعزيز والحجاج

وفاة عمر بن عبد العزيز إسلام ويب

خطبة عمر بن عبد العزيز

عمر بن عبد العزيز pdf علي الصلابي

تحميل كتاب معجزة الإسلام عمر بن عبد العزيز pdf

صفات عمر بن عبد العزيز

عمر بن عبد العزيز الأولاد

مواقف عمر بن عبد العزيز



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد
أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي
أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي
Abu Elfarag Abd Elrahman Bn Elgozy
ابن الجوزي، هو أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التيمي البكري. فقيه حنبلي محدث ومؤرخ ومتكلم (510هـ/1116م - 12 رمضان 597 هـ) ولد وتوفي في بغداد. حظي بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة في الخطابة والوعظ والتصنيف، كما برز في كثير من العلوم والفنون. يعود نسبه إلى محمد بن أبي بكر الصديق. عرف بابن الجوزي لشجرة جوز كانت في داره ببلدة واسط، ولم تكن بالبلدة شجرة جوز سواها، وقيل: نسبة إلى "فرضة الجوز" وهي مرفأ نهر البصرة. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ أخبار الحمقى و المغفلين ❝ ❞ الطب الروحاني (ت: ابن الجوزي) ❝ ❞ تلبيس إبليس ❝ ❞ صيد الخاطر ❝ ❞ روح الأرواح ❝ ❞ آداب الحسن البصري وزهده ومواعظه ❝ ❞ ذم الهوى ❝ ❞ الأذكياء ❝ ❞ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ج1 ❝ الناشرين : ❞ دار المعارف ❝ ❞ دار الكتب العلمية بلبنان ❝ ❞ دار القلم للنشر والتوزيع ❝ ❞ مكتبة الملك فهد الوطنية ❝ ❞ مؤسسة الرسالة ❝ ❞ دار المعرفة للطباعة والنشر ❝ ❞ دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الفكر للطباعة والنشر بسوريا ❝ ❞ دار الكتاب العربي ❝ ❞ المكتبة العصرية ❝ ❞ المكتب الإسلامي للطباعة والنشر ❝ ❞ دار ابن الجوزي ❝ ❞ دار الغرب الإسلامي ❝ ❞ دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ❝ ❞ دار البشائر الإسلامية ❝ ❞ مكتبة الخانجي ❝ ❞ مكتبة الثقافة الدينية ❝ ❞ دار الراية للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار الصحابة للتراث بطنطا ❝ ❞ دار الحديث - القاهرة ❝ ❞ دار هجر للنشر والتوزيع ❝ ❞ مكتبة ابن تيمية ❝ ❞ دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ❝ ❞ مكتبه المنار ❝ ❞ دار الفكر اللبناني ❝ ❞ شركة المطبوعات للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار النوادر للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ مؤسسة الكتب الثقافية ❝ ❞ دار الكتب السلفية ❝ ❞ مكتبة نزار مصطفى الباز ❝ ❞ دار الأرقم للنشر والتوزيع - الكويت ❝ ❞ دار الآفاق الجديدة ❝ ❞ مكتبة الإمام البخاري للنشر والتوزيع ❝ ❞ الدار الأثرية ❝ ❞ دار ابن خلدون ❝ ❞ دار المعراج للنشر والتوزيع ❝ ❞ مجلة الحكمة - بريطانيا ❝ ❞ دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري - حكومة دبي ❝ ❞ دار ابن تيمية ❝ ❞ دار الطباعة المحمدية ❝ ❞ دار البيان ❝ ❞ مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث ❝ ❞ مطبعة دار السلام ❝ ❞ المؤسسة السعيدية - الرياض ❝ ❞ دار فوزى للطباعة ❝ ❞ المجلس الاعلي للشئون الاسلاميه-البحرين- ❝ ❞ دار الوراق بيروت ❝ ❞ مكتبة ابن حجر ❝ ❱.



كتب اخرى في التراجم والأعلام

الشافعي حياته وعصره آراؤه الفقهية PDF

قراءة و تحميل كتاب الشافعي حياته وعصره آراؤه الفقهية PDF مجانا

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة PDF

قراءة و تحميل كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة PDF مجانا

تعريف الخلف برجال السلف PDF

قراءة و تحميل كتاب تعريف الخلف برجال السلف PDF مجانا

صور من حياة الصحابة / ج1 PDF

قراءة و تحميل كتاب صور من حياة الصحابة / ج1 PDF مجانا

أبو حنيفة حياته وعصره آراؤه الفقهية PDF

قراءة و تحميل كتاب أبو حنيفة حياته وعصره آراؤه الفقهية PDF مجانا

شخصيات تاريخية PDF

قراءة و تحميل كتاب شخصيات تاريخية PDF مجانا

حول حياة شيخ الإسلام ابن تيمية PDF

قراءة و تحميل كتاب حول حياة شيخ الإسلام ابن تيمية PDF مجانا

نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء PDF

قراءة و تحميل كتاب نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..