قضية «الناسخ» والمنسوخ فى القرآن الكريم واحدة من القضايا التى يسمع عنها «المسلمون» فى مصر، دون أن يعرفوا أصلها وفصلها، لكن التيار الإسلامى «الحقيقى منه والمزيف»، يتجاهل الكلام عنها، بينما آلة دعايته تعمل ليل نهار وتدعو إلى تطبيق الشريعة، دون أن يعرف المسلمون أن أصل الشريعة هو القرآن الكريم الذى نزل به «جبريل» على النبى «صلى الله عليه وسلم».
و«الناسخ» و«المنسوخ» إذا عرفه المسلمون فسوف تتغّير أمور كثيرة، فالناسخ -هنا- هو النص الجديد أو الحكم الجديد، والمنسوخ مقصود به الآية الملغاة أو الحكم الذى صدرت الأوامر الإلهية «الوحى» بإلغائه.
ويحلو لرجال الأزهر الشريف وغيرهم من العلماء عندما يتحدثون عن الشروط الواجب توافرها فيمن يتصدى للاجتهاد أو تفسير القرآن الكريم أن يقولوا «أن يكون عارفاً بالناسخ والمنسوخ».
والمدهش أن الصراع حول هذه القضية لم يزل قائماً إلى وقتنا هذا، رغم أن الدكتور «أحمد حجازى السقا» -الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، حسم الصراع فى كتابه الذى حمل عنوان «لا نسخ فى القرآن»، ومن المهم أن نشير إلى أن الكتاب صدر عن دار الفكر العربى فى عام «1978».
يقول الدكتور السقا: إن القرآن الكريم الذى بين أيدينا، هو «المحكم»، وأن كل ما بين دفَّتى المصحف هو القرآن الذى نزل به الوحى على النبى محمد «صلى الله عليه وسلم».
وإن «القرآن» نسخ الأحكام العملية الواردة فى التوارة، وأن الهدف من نزول القرآن كان التخفيف عن الناس.
ويؤسس الدكتور -السقا- وجهة نظره على أن اليهود حاولوا القضاء على الرسالة المحمدية، وقتل النبى لأنهم لا يريدون أن تكون النبوة فى فرع «إسماعيل»، وأن يظل فرع «إسحق» الذى ينتمى إليه اليهود، هو فرع النبوة، وذلك إثر عداء قديم بين العرب واليهود، ودلل على رأيه هذا بأن هذا العداء جعل «اليهود» يتظاهرون بالإسلام ليخربوه من الداخل.
بدليل قوله تعالى «ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم، والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والثابت من هذا الرأى أن اليهود كانوا وراء اختلاق الحكايات الخاصة بـ«النسخ»، ومن مثال ذلك ما أوردته كتب المفسرين حول فقدان بعض آيات القرآن أثناء عملية جمعه فى عهد عمر بن الخطاب وعهد عثمان بن عفان، من خلال أحاديث منسوبة لـ «ابن عباس»، واجتهد المفسرون فى تكذيب هذه الأخبار التى منها ما رواه الليث عن يونس عن أبى بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام الذى قال: قرأ رسول الله «صلى الله عليه وسلم» «والنجم إذا هوى» فلما بلغ «أفرأيتم اللات والعزّى ومناة الثالثة الأخرى» سها «أى نسى» فقال «إن شفاعتهن ترتجى»، فلقيه المشركون والذين فى قلوبهم مرض فسلموا عليه وفرحوا فقال «إن ذلك من الشيطان».
وما ذكره -الواقدى- عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبدالله بقوله «سجد المشركون كلهم إلا الوليد بن المغيرة، فإنه أخذ تراباً من الأرض فرفعه إلى جبهته وسجد عليه وكان شيخاً كبيراً».ومما ذكره المفسرون أيضاً، أن هذه الحادثة جعلت الله ينزل أية «لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً».
وذكر السيوطىّ فى كتابه «الاتقان فى علوم القرآن» طائفة من الأحاديث التى يستدل بها على أن قرآناً كان موجوداً ثم نُسخ تلاوة دون أن ينسخ حكماً، من بين هذه الأحاديث:
◄ عن نافع عن «ابن عمر» قال: ليقولنّ أحدكم قد أخذت القرآن كله، وما يدريه، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل أخذت منه ما ظهر.
◄ عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تُقرأ فى زمن النبى «مائتى آية»، فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو موجود الآن.
◄ قال ذر بن حبيش: قال لى أُبىّ بن كعب: كأيّن تُعَدّ سورة الأحزاب، قلت اثنتين وسبعين آية أو ثلاثا وسبعين آية، قال إنها كانت لتَعدل سورة البقرة، وكنا نقرأ فيها آية الرجم، قلت: وما آية الرجم؟، قال: إذا زَنَى الشيخ والشيخة فارجموهما البّتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم.
◄ عن أبى أمامة بن سهل أن خالته قالت: لقد أقرأنا رسول الله «صلى الله عليه وسلم» أية الرجم الشيخ والشيخة فارجموهما بما قضيا من اللّذة.
◄ عن حميدة بنت أبى يونس قالت: قرأ عَلىّ أبى وهو ابن «80 سنة» فى مصحف عائشة «إن الله وملائكته يصلون على النبى، يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليماً وعلى الذين يُصلّون فى الصفوف الأولى، ذلك قبل أن يغيّر عثمان المصاحف.
◄ عن أبى واقد الليثى قال: كان رسول الله «صلى الله عليه وسلم» إذا أوحى إليه أتيناه، فعلمنا بما أوحى إليه، قال: فجئت ذات يوم فقال النبى «إن الله يقول إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو أن لابن آدم وادياً لأحب أن يكون إليه الثانى، ولو كان إليه الثانى لأحب أن يكون إليه الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
◄ عن أبى بن كعب: قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» إن الله أمرنى أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ آية «إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين» ومن بقيتها: «لو أن ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيه، سأل ثانياً فأعطيه، سأل ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على تاب وإن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يُقل خيراً فلن يكفره».
◄ قال عمر كنا نقرأ «لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كُفْرٌ بكم ثم قال لزيد بن ثابت أكذلك؟.. قال: نعم.
◄ قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا «أن جاهدوا كما جاهدتهم أول مرة» فإنا لا نجده، قال أسقطت فيما أسقط من القرآن.
◄ عن أبى سفيان الكلاعى أن مسلمة بن مخلد الأنصارى قال لهم ذات يوم أخبرونى بآيتين فى القرآن لم يكتبا فى المصحف فلم يخبروه فقال لهم «إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ألا أبشروا أنتم المفلحون». ويقول الدكتور عبد الكريم الخطيب فى كتابه «من قضايا القرآن» «إذا نظرنا إلى الآيات القرآنية التى يتذرع بها القائلون بالنسخ، سنجد أنها لا تنص صراحة ولا ضمناً على النسخ وهذه هى الآيات وبيان الغرض منها:يقول الله تعالى «ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها، ألم تعلم أن الله على كل شىء قدير» (البقرة 106»، والآية جاءت فى سياق الحديث عن اليهود والتوراة، ويدل ذلك على أن المفهوم من الآية نسخ القرآن للتوراة.
◄ويدعم الدكتور -السقا- هذا الرأى الذى رآه الدكتور الخطيب بقوله:
«أليس الله يقول «لا مُبّدل لكلماته»، فلماذا تُلْغى التوارة، ولماذا يتبدل كلام الله، فأجاب «الله» بقوله إن مصلحة الناس تتغير من زمن إلى زمن، وأنه إذا نسخ شريعة كصحف إبراهيم التى نسيها الناس، فإنه قادر على أن يعطى شريعة أفضل أو شريعة مثلها.
آيات السيف لم تنسخ و«النسخ» له عدة صور، فهناك «نسخ» الحكم، وهناك نسخ «المنطوق» أو النص، ومن الآيات التى اختلف حولها العلماء آيات السيف، التى تحض على قتال الكفار وتدعو المسلمين إلى الدفاع عن العقيدة بالسيف وقتل الكفار لو استلزم الأمر، وهذه الآيات يحاول بعض منظرى «الإخوان المسلمين» وغيرهم تغطيتها وإبعادها عن عيون القارئ العربى، لأنها ستفتح الباب أمام ما يقال عن أن الإسلام يدعو إلى القتل، لكن الدكتور أحمد حجازى السقا، يختلف مع «ابن حزم» الذى قال إن آيات «السيف» نُسخت حكماً، ويؤكد أن هذه الآيات لم تنسخ مثلها مثل الآيات الأخرى المحكمة التى هى بين دفتى المصحف الذى يعرفه المسلمون.
يقول ابن حزم قوله تعالى: «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، هذه جميعها مُحْكمة إلا قوله تعالى «وقاتلوا المشركين كافة». ويقول أيضاً إن آية «ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه» منسوخة وناسخها قوله تعالى «فإن قاتلوكم فاقتلوهم»، وآية «فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم»، وهذا من الأخبار التى معناها «الأمر»، تأويله: فاغفروا لهم واعفوا عنهم ثم أخبار العفو منسوخة بآية السيف، «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم».
لكن الدكتور السقا رأى رأياً آخر يقول إن آيات الحرب والقتال وردت متتالية فى سورة البقرة هكذا «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، واقتلوهم حيث ثقفتموهم، وأخرجوهم من حيث أخرجوكم، والفتنة أشد من القتل، ولا تقاتلوهم عن المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين، فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين، الشهر الحرام بالشهر الحرام، والحرمات قصاص، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، واتقوا الله، وأعلموا أن الله مع المتقين، وأنفقوا فى سبيل الله، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» (البقرة 190-195).
يتناول هذا الكتاب قضية الناسخ والمنسوخ في القران الكريم ويثبت المؤلف في هذا الكتاب انه لا نسخ في القران وإنما القران ناسخ للشرائع السماوية التي قبله ,كما يتناول هذا الكتاب تفنيد ادلة من قال بالنسخ في القران الكريم باسلوب واضح وشيق , ويحتوي الكتاب على إستشهاد رائع بأدلة من القران والسنة تنفي وجود النسخ في القرآن الكريم مع ذكر أقوال لعلماء من السابقين والمعاصرين قالوا بعدم النسخ
وقدر ركز المؤلف نقده على كتاب ( الناسخ والمنسوخ ) لأبي عبد الله محمد بن حزم المتوفي سنة 456 هجري , ليثبت الدكتور احمد حجازي السقا أن القران محكم ولا نسخ فيه
كما يرد المؤلف على اليهود والنصارى المعترضين على نسخ الشريعة و يرد عليهم بأمثلة من نصوص* التوراة على وقوع النسخ في شرائع الله بعد عمل الناس بالحكم او قبل العمل به أو نسخ شريعة بأكملها , ويذكر ايضا موقف النصارى من التوراة وكيف انهم ألغوا جميع احكامها رغم أنف المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.
يقول الدكتور احمد حجازي في بداية كتابه موضحاً الهدف من هذا الكتاب :-
"وغرضي من هذا الكتاب :
1- إثبات أن القرآن الكريم قد نسخ الأحكام العملية في التوراة
2- وأن نسخ شريعة لشريعة جائز عقلاً و نقلاً و واقع فعلا
3- و أن الهدف من نزول القرآن الكريم تخفيف الأحكام العملية على الناس
4- وأن القران الكريم آياته محكمة لا نسخ فيها . و كل آية من آياته يجب على الناس أن يقرأوها وان يعملوا بها
5- وأن هذا القران الكريم المتداول في ايدي الناس الآن هو الذي نزل به الروح القدس على النبي صلى الله عليه وسلم . وما كان قد نزل شيء غيره ونسخ .أو نزل شيء ضاع "
ويفصل الايات التي تعتبر ناسخة او منسوخة مع بيان انه لا تعارض في ما بينها
قراءة و تحميل كتاب إعجاز القرآن والبلاغة النبوية للرافعي PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب علوم القرآن الكريم بين المصادر والمصاحف: دراسة تطبيقية في مصاحف مخطوطة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب معرض الأبريز من الكلام الوجيز عن القرآن العزيز / ج1 PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب معرض الأبريز من الكلام الوجيز عن القرآن العزيز / ج2 PDF مجانا