❞ كتاب إتحاف الأحباب بما ثبت في مسألة الحجاب ❝  ⏤ عبد القادر بن حبيب الله السندي

❞ كتاب إتحاف الأحباب بما ثبت في مسألة الحجاب ❝ ⏤ عبد القادر بن حبيب الله السندي

الحجاب (الجمع: أَحْجِبَة أو حُجُب) في الإسلام هو اللباس الساتر لجميع بدن المرأة وزينتها، بما يمنع الأجانب عنها من رؤية شيء من بدنها أو زينتها التي تتزين بها، فإن كانت المرأة في بيتها فيكون الحجاب من وراء الـجُدران، وإن كانت في مواجهة رجل أجنبي عنها داخل البيت أو خارجه فيكون باللباس الشرعي، والحجاب هو أحد الفروض الواجبة على المرأة في الشريعة الإسلامية متى ما بلغت الفتاة سن التكليف أي السن الذي ترى فيه الأنثى الحيض، وتبلغ فيه مبلغ النساء. أما لغويا فيدور معنى الحجاب على السَّتر والحيلولة والمنع، وحجب الشئ أي ستره، وامرأة مُحَجَّبَة أي امرأة قد سُترت بستر. وجاء في سورة مريم في الآية 17: ﴿فاتخذت من دونهم حجابًا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا﴾ أي: "فاتخذت من دون أهلها سترًا يسترها عنهم وعن الناس".

دل على وجوب الحجاب الأدلة المتعددة من القرآن والسنة، والإجماع العملي من نساء المؤمنين من عصر النبي محمد مرورًا بعصر الخلافة الراشدة وما بعدها، واستمر العمل به حتى بعد انحلال الدولة الإسلامية إلى دويلات في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقد انعقد عليه إجماع الأمة ولم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفاً ولا خلفاً، وبذلك تواتر عمل المسلمين كافة على مر العصور وأجمعوا على أن المرأة إذا كشفت ما وجب عليها ستره، فقد ارتكبت محرماً يجب عليها التوبة إلى الله تعالى منه.

وهناك بعض الدول تمنع أو تقيد ارتداء غطاء الرأس أو ما يعرف بالحجاب في المؤسسات العامة كالجامعات والمدارس أو المؤسسات الحكومية؛ مثل فرنسا وسابقا تركيا - في عهد أتاتورك - وتونس - في عهد بورقيبة وبن علي-. بينما توجد دول ومنظمات أخرى تفرضه على مواطناتها وحتى الأجنبيات منهن مثل إيران ، وحالياً حركة طالبان في أفغانستان بعد السيطرة مجدداً عليها .

فرض الإسلام الحجاب لعدة أسباب، إذ تذكر الآية ال 59 من سورة الأحزاب الغرض من الحجاب وهو : ﴿ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ وذلك لحماية المؤمنات وصيانتهن وإظهار عفافهن ومنع الفساق من التعرض لهن. وفي قول الله ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ فيه إشارة إلى وجود صلة بين ما تراه العين وما يتعلق به القلب ، فالعين طريق الهوى والنظر بريد الشهوة، فإذا لم تر العين لا يشتهي القلب، كما فُرض الحجاب على المرأة لأنها محل لنظر الرجال الذين أمروا أيضا في الإسلام بغض أبصارهم، ولكي لا يكون تعامل الرجل الأجنبي مع المرأة بحسب شكلها وجمالها، وإنما يكون بحسب إنسانيتها وأخلاقها وهو ما يترتب عليه حصولها على حقوقها بلا تمييز.

تتعرض العديد من النساء في بعض دول العالم إلى التمييز بسبب ارتدائهن للحجاب، مُنعت العديد منهن من ارتداء الحجاب وتعرض بعضهن للمضايقات وصلت حتى الطرد من العمل والمنع من دخول بعض الأماكن العامة والإعتداء عليهن في الشوارع، ففي حين أنه من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة حول هذا النوع من الحوادث، إلا أن حالات التمييز المبلغ عنها موجودة وفي ارتفاع دائم.

وقد تم اعتبار يوم 1 فبراير من كل عام " اليوم العالمي للحجاب" حيث قامت بإطلاق هذه المبادرة الناشطة الأمريكية " ناظمة خان" والتي بررت سبب قيامها بهذه المبادرة بقولها: «من أجل القضاء على الكراهية في العالم، يجب أن نتعلم أن نتقبل الآخرين وكل اختلافاتهم. لذا يا اخواتي عندما تخترن ارتداء الحجاب في هذا اليوم تضامنا مع النساء المسلمات فأنتن تساعدن في التصدي للتمييز الذي تتعرض له النساء المحجبات، ولكن أهم من ذلك ستعرفن أن تحت الحجاب هناك إنسان وقلب وروح مثل أي شخص آخر».

يرى الفقهاء استنادا على الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية أن هناك شروطا يجب توافرها في الحجاب، وبحسب دار الإفتاء المصرية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فإن شروط الحجاب هي:

أن يكون ساترًا لعورة المرأة عدا الوجه والكفين حسب قول البعض :

أجمع أئمة وفقهاء المسلمين كلهم ـ لم يشذ عنهم أحد ـ على أن ما عدا الوجه والكفين من المرأة داخل في وجوب الستر أمام الأجانب. قال الجزيري:«عورة المرأة عند الشافعية والحنابلة جميع بدنها، ولا يصح لها أن تكشف أي جزء من جسدها أمام الرجال الأجانب، إلا إذا دعت لذلك ضرورة كالطبيب المعالج، والخاطب للزواج، والشهادة أمام القضاء، والمعاملة في حالة البيع والشراء، فيجوز أن تكشف وجهها و كفيها. وعورة المرأة عند الحنفية والمالكية جميع بدن المرأة إلا الوجه والكفين، فيباح للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في الطرقات، وأمام الرجال الأجانب. ولكنهم قيدوا هذه الإباحة بشرط أمن الفتنة. أما إذا كان كشف الوجه واليدين يثير الفتنة لجمالها الطبيعي، أو لما فيهما من الزينة كالأصباغ و المساحيق التي توضع عادة للتجمل أنواع الحلي فإنه يجب سترهما».

أن يكون سميكًا غير شفاف فلا يصف ما تحته من الجسم:

لأن الغرض من الحجاب الستر، فإن لم يكن ساترا لا يسمى حجابا لأنه لا يمنع الرؤية، ولا يحجب النظر، لقوله ﷺ فيما رواه مسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا ..» وفي رواية مسيرة خمسمائة سنة. ومعنى قوله ﷺ : ( كاسيات عاريات ) أي :كاسيات في الصورة عاريات في الحقيقة لأنهن يلبس ملابس لا تستر جسدا، ولا تخفي عورة. والغرض من اللباس الستر، فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عاريا. ومعنى (مميلات مائلات) : مميلات لقلوب الرجال مائلات مشيتهن يتبخترن بقصد الفتنة والإغراء. ومعنى (كأسنمة البخت) أي : يصففن شعورهن فوق رؤوسهن حتى تصبح مثل سنام الجمل.

أن يكون فضفاضًا غير ضيق ولا يصف الجسم:

وذلك للحديث السابق عن (الكاسيات العاريات) وما تفعله بعض المتحجبات من ارتداء ملابس محددة للخصر والصدر كالبلوزة والتنورة، ولو كانت طويلة، لا يفي بشروط الحجاب الصحيح.

ألا يكون الثوب فيه تشبه بملابس الرجال:

للحديث الذي رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه : «لعن النبي الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل»، وقالعليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري والترمذي واللفظ له : ( لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء ) أي المتشبهات بالرجال في أزيائهن وأشكالهن.

ألا يكون زينة في نفسه، أو مبهرجا ذا ألوان جذابة تلفت الأنظار:

لقوله تعالى: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" ومعنى {ما ظهر منها} أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز إبداؤه، ولا يسمى حجابا، لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب.

يدور هذا الكتاب حول قضية الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة وحكمه وحكمة تشريعه في الدين الإسلامي..

أما بعد: فقد اطَّلَعت على سُؤال وَجه إِلَى بعض أهل الْعلم يتَعَلَّق بحجاب الْمَرْأَة الْمسلمَة فِي الْكتاب وَالسّنة، وَقد طلب إليّ تحضير الْإِجَابَة الشافية فِي ضوء الْكتاب وَالسّنة، وَإِجْمَاع الْأمة، فحررت هَذِه الْإِجَابَة السريعة مستعينا بِاللَّه جلّ وَعلا الَّذِي تتمّ بِهِ الصَّالِحَات وبكتاب الله تَعَالَى الَّذِي نزل بِهِ الْخَيْر والبركات، وبسنة الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي تتنور بهَا الكائنات، وبإجماع السّلف الصَّالح من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن تَبِعَهُمْ بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين الَّذين هم قدوتنا فِي الْعَمَل الصَّالح والحسنات، فَمَا جَاءَ فِيهَا من الصَّوَاب فَمن فضل الله تَعَالَى، وتوفيقه، وَإِن كَانَ غير ذَلِك فَهُوَ مني، وَمن الشَّيْطَان، فأستغفر الله تَعَالَى، وَأَتُوب إِلَيْهِ جلّ وَعلا سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ، وَسَلام على الْمُرْسلين، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.
عبد القادر بن حبيب الله السندي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ التصوف في ميزان البحث والتحقيق والرد ابن عربي الصوفي في ضوء الكتاب والسنة ❝ ❞ الرد الأوفر على فقه الشيخ الأكبر ويليه إتمام البحث والرد على الإنسان الكامل والقطب الغوث الفرد ❝ ❞ فصل الخطاب في رد مزاعم الغراب في الدفاع عن شيخ الإسلام ابن تيمية ❝ ❞ إستدراكات وملاحظات حول كثير مما وقع فيه الدكتور أكرم العمري في كتابه المزعوم بالسيرة النبوية الصحيحة ❝ ❞ تكحيل العينين في رد طرق حديث أسماء في كشف الوجه واليدين ❝ ❞ رفع الجنة أمام جلباب المرأة المسلمة في ال والسنة ❝ ❞ إستدراكات وملاحظات حول كثير مما وقع فيه أكرم العمري في ه المزعوم بالسيرة النبوية الصحيحة ❝ ❞ فصل الخطاب في رد مزاعم الغراب في الدفاع عن شيخ الإسلام ابن تيمية ❝ ❞ مجموع سلك العين ونصيحة الاخوان ❝ الناشرين : ❞ دار المنار ❝ ❞ مكتبة ابن القيم ❝ ❞ الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة ❝ ❞ دار الكتاب والسنة - باكستان ❝ ❞ مكتبة دار الحميضي ❝ ❱
من المرأة المسلمة في القرآن والسنة - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
إتحاف الأحباب بما ثبت في مسألة الحجاب

1976م - 1445هـ
الحجاب (الجمع: أَحْجِبَة أو حُجُب) في الإسلام هو اللباس الساتر لجميع بدن المرأة وزينتها، بما يمنع الأجانب عنها من رؤية شيء من بدنها أو زينتها التي تتزين بها، فإن كانت المرأة في بيتها فيكون الحجاب من وراء الـجُدران، وإن كانت في مواجهة رجل أجنبي عنها داخل البيت أو خارجه فيكون باللباس الشرعي، والحجاب هو أحد الفروض الواجبة على المرأة في الشريعة الإسلامية متى ما بلغت الفتاة سن التكليف أي السن الذي ترى فيه الأنثى الحيض، وتبلغ فيه مبلغ النساء. أما لغويا فيدور معنى الحجاب على السَّتر والحيلولة والمنع، وحجب الشئ أي ستره، وامرأة مُحَجَّبَة أي امرأة قد سُترت بستر. وجاء في سورة مريم في الآية 17: ﴿فاتخذت من دونهم حجابًا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا﴾ أي: "فاتخذت من دون أهلها سترًا يسترها عنهم وعن الناس".

دل على وجوب الحجاب الأدلة المتعددة من القرآن والسنة، والإجماع العملي من نساء المؤمنين من عصر النبي محمد مرورًا بعصر الخلافة الراشدة وما بعدها، واستمر العمل به حتى بعد انحلال الدولة الإسلامية إلى دويلات في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقد انعقد عليه إجماع الأمة ولم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفاً ولا خلفاً، وبذلك تواتر عمل المسلمين كافة على مر العصور وأجمعوا على أن المرأة إذا كشفت ما وجب عليها ستره، فقد ارتكبت محرماً يجب عليها التوبة إلى الله تعالى منه.

وهناك بعض الدول تمنع أو تقيد ارتداء غطاء الرأس أو ما يعرف بالحجاب في المؤسسات العامة كالجامعات والمدارس أو المؤسسات الحكومية؛ مثل فرنسا وسابقا تركيا - في عهد أتاتورك - وتونس - في عهد بورقيبة وبن علي-. بينما توجد دول ومنظمات أخرى تفرضه على مواطناتها وحتى الأجنبيات منهن مثل إيران ، وحالياً حركة طالبان في أفغانستان بعد السيطرة مجدداً عليها .

فرض الإسلام الحجاب لعدة أسباب، إذ تذكر الآية ال 59 من سورة الأحزاب الغرض من الحجاب وهو : ﴿ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ وذلك لحماية المؤمنات وصيانتهن وإظهار عفافهن ومنع الفساق من التعرض لهن. وفي قول الله ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ فيه إشارة إلى وجود صلة بين ما تراه العين وما يتعلق به القلب ، فالعين طريق الهوى والنظر بريد الشهوة، فإذا لم تر العين لا يشتهي القلب، كما فُرض الحجاب على المرأة لأنها محل لنظر الرجال الذين أمروا أيضا في الإسلام بغض أبصارهم، ولكي لا يكون تعامل الرجل الأجنبي مع المرأة بحسب شكلها وجمالها، وإنما يكون بحسب إنسانيتها وأخلاقها وهو ما يترتب عليه حصولها على حقوقها بلا تمييز.

تتعرض العديد من النساء في بعض دول العالم إلى التمييز بسبب ارتدائهن للحجاب، مُنعت العديد منهن من ارتداء الحجاب وتعرض بعضهن للمضايقات وصلت حتى الطرد من العمل والمنع من دخول بعض الأماكن العامة والإعتداء عليهن في الشوارع، ففي حين أنه من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة حول هذا النوع من الحوادث، إلا أن حالات التمييز المبلغ عنها موجودة وفي ارتفاع دائم.

وقد تم اعتبار يوم 1 فبراير من كل عام " اليوم العالمي للحجاب" حيث قامت بإطلاق هذه المبادرة الناشطة الأمريكية " ناظمة خان" والتي بررت سبب قيامها بهذه المبادرة بقولها: «من أجل القضاء على الكراهية في العالم، يجب أن نتعلم أن نتقبل الآخرين وكل اختلافاتهم. لذا يا اخواتي عندما تخترن ارتداء الحجاب في هذا اليوم تضامنا مع النساء المسلمات فأنتن تساعدن في التصدي للتمييز الذي تتعرض له النساء المحجبات، ولكن أهم من ذلك ستعرفن أن تحت الحجاب هناك إنسان وقلب وروح مثل أي شخص آخر».

يرى الفقهاء استنادا على الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية أن هناك شروطا يجب توافرها في الحجاب، وبحسب دار الإفتاء المصرية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فإن شروط الحجاب هي:

أن يكون ساترًا لعورة المرأة عدا الوجه والكفين حسب قول البعض :

أجمع أئمة وفقهاء المسلمين كلهم ـ لم يشذ عنهم أحد ـ على أن ما عدا الوجه والكفين من المرأة داخل في وجوب الستر أمام الأجانب. قال الجزيري:«عورة المرأة عند الشافعية والحنابلة جميع بدنها، ولا يصح لها أن تكشف أي جزء من جسدها أمام الرجال الأجانب، إلا إذا دعت لذلك ضرورة كالطبيب المعالج، والخاطب للزواج، والشهادة أمام القضاء، والمعاملة في حالة البيع والشراء، فيجوز أن تكشف وجهها و كفيها. وعورة المرأة عند الحنفية والمالكية جميع بدن المرأة إلا الوجه والكفين، فيباح للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في الطرقات، وأمام الرجال الأجانب. ولكنهم قيدوا هذه الإباحة بشرط أمن الفتنة. أما إذا كان كشف الوجه واليدين يثير الفتنة لجمالها الطبيعي، أو لما فيهما من الزينة كالأصباغ و المساحيق التي توضع عادة للتجمل أنواع الحلي فإنه يجب سترهما».

أن يكون سميكًا غير شفاف فلا يصف ما تحته من الجسم:

لأن الغرض من الحجاب الستر، فإن لم يكن ساترا لا يسمى حجابا لأنه لا يمنع الرؤية، ولا يحجب النظر، لقوله ﷺ فيما رواه مسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا ..» وفي رواية مسيرة خمسمائة سنة. ومعنى قوله ﷺ : ( كاسيات عاريات ) أي :كاسيات في الصورة عاريات في الحقيقة لأنهن يلبس ملابس لا تستر جسدا، ولا تخفي عورة. والغرض من اللباس الستر، فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عاريا. ومعنى (مميلات مائلات) : مميلات لقلوب الرجال مائلات مشيتهن يتبخترن بقصد الفتنة والإغراء. ومعنى (كأسنمة البخت) أي : يصففن شعورهن فوق رؤوسهن حتى تصبح مثل سنام الجمل.

أن يكون فضفاضًا غير ضيق ولا يصف الجسم:

وذلك للحديث السابق عن (الكاسيات العاريات) وما تفعله بعض المتحجبات من ارتداء ملابس محددة للخصر والصدر كالبلوزة والتنورة، ولو كانت طويلة، لا يفي بشروط الحجاب الصحيح.

ألا يكون الثوب فيه تشبه بملابس الرجال:

للحديث الذي رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه : «لعن النبي الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل»، وقالعليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري والترمذي واللفظ له : ( لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء ) أي المتشبهات بالرجال في أزيائهن وأشكالهن.

ألا يكون زينة في نفسه، أو مبهرجا ذا ألوان جذابة تلفت الأنظار:

لقوله تعالى: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" ومعنى {ما ظهر منها} أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز إبداؤه، ولا يسمى حجابا، لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب.

يدور هذا الكتاب حول قضية الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة وحكمه وحكمة تشريعه في الدين الإسلامي..

أما بعد: فقد اطَّلَعت على سُؤال وَجه إِلَى بعض أهل الْعلم يتَعَلَّق بحجاب الْمَرْأَة الْمسلمَة فِي الْكتاب وَالسّنة، وَقد طلب إليّ تحضير الْإِجَابَة الشافية فِي ضوء الْكتاب وَالسّنة، وَإِجْمَاع الْأمة، فحررت هَذِه الْإِجَابَة السريعة مستعينا بِاللَّه جلّ وَعلا الَّذِي تتمّ بِهِ الصَّالِحَات وبكتاب الله تَعَالَى الَّذِي نزل بِهِ الْخَيْر والبركات، وبسنة الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي تتنور بهَا الكائنات، وبإجماع السّلف الصَّالح من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن تَبِعَهُمْ بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين الَّذين هم قدوتنا فِي الْعَمَل الصَّالح والحسنات، فَمَا جَاءَ فِيهَا من الصَّوَاب فَمن فضل الله تَعَالَى، وتوفيقه، وَإِن كَانَ غير ذَلِك فَهُوَ مني، وَمن الشَّيْطَان، فأستغفر الله تَعَالَى، وَأَتُوب إِلَيْهِ جلّ وَعلا سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ، وَسَلام على الْمُرْسلين، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

إتحاف الأحباب بِمَا ثَبت فِي مَسْأَلَة الْحجاب
بقلم الشَّيْخ عبد الْقَادِر بن حبيب الله السندي الْمدرس بمعهد الْحرم الْمَكِّيّ
الْحَمد لله وَحده، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على من لَا نَبِي بعده، أما بعد: فقد اطَّلَعت على سُؤال وَجه إِلَى بعض أهل الْعلم يتَعَلَّق بحجاب الْمَرْأَة الْمسلمَة فِي الْكتاب وَالسّنة، وَقد طلب إليّ تحضير الْإِجَابَة الشافية فِي ضوء الْكتاب وَالسّنة، وَإِجْمَاع الْأمة، فحررت هَذِه الْإِجَابَة السريعة مستعينا بِاللَّه جلّ وَعلا الَّذِي تتمّ بِهِ الصَّالِحَات وبكتاب الله تَعَالَى الَّذِي نزل بِهِ الْخَيْر والبركات، وبسنة الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي تتنور بهَا الكائنات، وبإجماع السّلف الصَّالح من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن تَبِعَهُمْ بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين الَّذين هم قدوتنا فِي الْعَمَل الصَّالح والحسنات، فَمَا جَاءَ فِيهَا من الصَّوَاب فَمن فضل الله تَعَالَى، وتوفيقه، وَإِن كَانَ غير ذَلِك فَهُوَ مني، وَمن الشَّيْطَان، فأستغفر الله تَعَالَى، وَأَتُوب إِلَيْهِ جلّ وَعلا سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ، وَسَلام على الْمُرْسلين، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.
نعم إِن الْمَرْأَة لَهَا دور كَبِير فِي إِفْسَاد الْعَالم إِن خرجت عَن مكانتها الَّتِي أَعْطَاهَا الله تَعَالَى، وَإِن فتنتها أكبر، وَأَشد، وَأعظم من أَي فتْنَة وَقعت فِي الإنسانية بعد فتْنَة الشّرك، وَإِنَّهَا محور أساسي للخير إِن صلحت، وَالشَّر إِن فَسدتْ، وَإِن صَلَاح الْمُجْتَمع الإنساني مُتَوَقف على صَلَاحهَا من النواحي الاجتماعية، وَأَن الْأَمْرَاض الاجتماعية الفتاكة الَّتِي يعاني مِنْهَا الغرب والشرق وَمن لف لفهم كَانَت بِسَبَب خُرُوج الْمَرْأَة عَن دائرتها الأساسية ونشأتها المثالية، وَلَقَد يحدثنا التَّارِيخ الإنساني عَن الْحَوَادِث الخطيرة الَّتِي تعرضت لَهَا الْمَرْأَة قبل الْإِسْلَام، فَضَاعَت فِيهَا معالمها الفكرية، والثقافية، وحريتها الْكَرِيمَة، وحقوقها الْمَشْرُوعَة، فَكَانَت تعامل كالبهيمة العجماء لَا رَأْي لَهَا، وَلَا نظر، وَإِلَى هَذِه الْقَضِيَّة يُشِير الحَدِيث النَّبَوِيّ الشريف وَهُوَ من حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: "جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت:
يَا رَسُول الله إِن ابْنَتي توفّي عَنْهَا زَوجهَا وَقد اشتكت عينهَا، أفنكحلها؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "لَا" مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، كل ذَلِك يَقُول: "لَا". ثمَّ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أشهر، وَعشر، وَقد كَانَت إحداكن فِي الْجَاهِلِيَّة ترمي بالبعرة على رَأس الْحول"، فَقَالَت زَيْنَب: كَانَت الْمَرْأَة إِذا توفّي عَنْهَا زَوجهَا دخلت حفشا، ولبست شَرّ ثِيَابهَا، وَلم تمس طيبا، وَلَا شَيْئا، حَتَّى تمر عَلَيْهَا سنة، ثمَّ تُؤْتى بِدَابَّة حمَار أَو طير، أَو شَاة، فتفتض بِهِ"1، فقلما تفتض بِشَيْء إِلَّا مَاتَ، ثمَّ تخرج فتعطى بَعرَة فترمي بهَا، ثمَّ تراجع بعد مَا شَاءَت من طيب أَو غَيره2.



سنة النشر : 1976م / 1396هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 9.4MB .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة إتحاف الأحباب بما ثبت في مسألة الحجاب

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل إتحاف الأحباب بما ثبت في مسألة الحجاب
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
عبد القادر بن حبيب الله السندي - Abdul Qadir bin Habib Allah Al Sindi

كتب عبد القادر بن حبيب الله السندي ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ التصوف في ميزان البحث والتحقيق والرد ابن عربي الصوفي في ضوء الكتاب والسنة ❝ ❞ الرد الأوفر على فقه الشيخ الأكبر ويليه إتمام البحث والرد على الإنسان الكامل والقطب الغوث الفرد ❝ ❞ فصل الخطاب في رد مزاعم الغراب في الدفاع عن شيخ الإسلام ابن تيمية ❝ ❞ إستدراكات وملاحظات حول كثير مما وقع فيه الدكتور أكرم العمري في كتابه المزعوم بالسيرة النبوية الصحيحة ❝ ❞ تكحيل العينين في رد طرق حديث أسماء في كشف الوجه واليدين ❝ ❞ رفع الجنة أمام جلباب المرأة المسلمة في ال والسنة ❝ ❞ إستدراكات وملاحظات حول كثير مما وقع فيه أكرم العمري في ه المزعوم بالسيرة النبوية الصحيحة ❝ ❞ فصل الخطاب في رد مزاعم الغراب في الدفاع عن شيخ الإسلام ابن تيمية ❝ ❞ مجموع سلك العين ونصيحة الاخوان ❝ الناشرين : ❞ دار المنار ❝ ❞ مكتبة ابن القيم ❝ ❞ الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة ❝ ❞ دار الكتاب والسنة - باكستان ❝ ❞ مكتبة دار الحميضي ❝ ❱. المزيد..

كتب عبد القادر بن حبيب الله السندي
الناشر:
الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة
كتب الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ إلى الذين يحادون مفاتح الغيب باسم العلم الحديث ❝ ❞ أضواء على القرآن الكريم بلاغته وإعجازه ❝ ❞ الآثار التربوية لدراسة اللغة العربية ❝ ❞ إلقاء الضوء القرآني على كتابة الدكتور علوي حول النبهاني ❝ ❞ الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء دراسة تحليلية ❝ ❞ إتحاف الأحباب بما ثبت في مسألة الحجاب ❝ ❞ أهمية الدعوة ❝ ❞ الأحاديث الأربعين النووية ❝ ❞ أصول الإيمان لابن باز ❝ ❞ أتوعد سنات الرسول بمحوها ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ❝ ❞ محمود شيت خطاب ❝ ❞ خالد بن حامد الحازمي ❝ ❞ عبد القادر بن حبيب الله السندي ❝ ❞ عبدالرزاق ابن عبدالمحسن البدر ❝ ❞ احمد جمال العمري ❝ ❞ عبد الفتاح بن سليمان عشماوي ❝ ❞ عبد الفتاح محمد محمد سلامة ❝ ❞ محمد بن إبراهيم الغامدي ❝ ❞ عبد الله بن صالح المحسن ❝ ❞ مصطفى الوراق إبراهيم ❝ ❞ محمد تقي الدين الهلالي ❝ ❞ عبد الله بن ناصر الشقاري ❝ ❱.المزيد.. كتب الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة