❞ كتاب معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر) ❝  ⏤ عمر سليمان عبد الله الأشقر

❞ كتاب معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر) ❝ ⏤ عمر سليمان عبد الله الأشقر

من أهم معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية جهل الناس بحقيقة الشريعة وقدرتها على مواكبة متطلبات العصر الحديث؛ إذ يظنون أنها عاجزة عن الوفاء بهذه المتطلبات والنوازل، وأن مصادر التشريع قد خلت من معالجة المسائل العصرية المستحدثة.

وهذه الظنون مبناها على الجهل بحقيقة الشريعة وبمصادر التشريع الإسلامي، وقد تولدت نتيجة تقصير الدعاة عن بيان محاسن التشريع ووجوه إعجازه وأصوله وأحكامه ومصادره، وإذا كنا نريد تطبيق الشريعة فلزاماً أن نُبيِّن للناس محاسنها وإيجابياتها[2] وفضائلها وما فيها من خير في الدنيا قبل الآخرة ، ونبرز لهم وجوه إعجازها وعلوّ كعبها على غيرها من الشرائع والتقنينات، ونقدم لهم صورة واضحة عن الإسلام وأحكامه وقدرته على التعامل مع غير المسلمين بإنصاف وعدل، وفي الجملة بيان أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان؛ لكثرة علومها، وتعدُّد مصادرها، وتنوُّع قواعدها ما بين كلية وجزئية يمكن تنزيل المسائل والفروع عليها - مهما كانت عصرية أو مستحدثة - على نحو يضبط حياة الناس ومعاملاتهم.

ثانياً: ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وشعورهم بالهزيمة النفسية:

من معوقات تطبيق الشريعة ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وهذا الضعف يتمثل في جانبين:

الأول: عدم الثقـة في موعود اللـه - تعالى - بنصره للمسلمين إذا ما تمسـكوا بدينهـم وعادوا لشـريعتهم مصـداقاً لقول اللـه - تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور: ٥٥].

الثاني: عدم الثقة في أحكام الشريعة وقدرتها على مواكبة التطور وتنظيم أحوال المجتمعات وما طرأ عليها والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم ومنازعاتهم.

ولضعف الإيمان المتقدم أسباب متعددة، بعضها نفسي عقائدي يتعلق ببُعد المسلمين عن دينهم وعقيدتهم الصحيحة، وتأثرهم بالفكر العَلماني وفكرة فصل الدين عن الدولة، واعتقاد أن الدين مصدر التخلف. وبعضها يتعلق بأسباب تاريخية وواقعية جراء الهزائم المتوالية التي تعرَّض لها المسلمون في الفترة الأخيرة من تاريخهم، وانقسامهم وتشتتهم، وتخلفهم اقتصادياً وعسكرياً مع تقدم أعدائهم، وتزايد نفوذ العَلمانيين في أجهزة الإعلام ومؤسسات الدولة.

كل هذه الأسباب أدت إلى ضعف إيمان كثير من المسلمين وتغلغل الهزيمة النفسية في أعماقهم حتى ظنوا أنه لا سبيل لهم للخروج من هذه الكبوة، والنهوض من هذه الغفلة لمسايرة ركب التقدم والحضارة، إلا بتتبع الغرب وفصل الدين عن الدولة.

ويمكن التغلب على هذا المعوق بالتربية والتوجيه والإرشاد، وتوضيح إيجابيات أحكام الشريعة ووجوه إعجازها وقدرتها على مسايرة التطور والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم الاجتماعية ومنازعاتهم القضائية.

ثالثاً: انعدام الثقة في النخبة الإسلامية:

إن انعدام الثقة في الإسلاميين من مفكرين وسياسيين وقانونيين منوطٌ بهم وضعُ الشريعة الإسلامية في موضعها الصحيح في النظام السياسي والقانوني للدولة، أدى إلى فَقْد الناس الثقة في التشريع الإسلامي؛ لا سيما الجوانب التي تتعلق بعلاقة المسلمين مع غيرهم، وقد حدث هذا نتيجة أمرين:

الأول: تعليق كثير من الناس الحكم على التشريع الإسلامي بحكمهم على الدعاة ونخبة المفكرين والسياسيين والقانونيين الإسلاميين.

الثاني: الممارسات الخاطئة لبعض هؤلاء السياسيين والقانونيين، وهو ما ينعكس بالضرورة على دعوتهم وسياساتهم ومناهجهم.

ولئن كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة لبعض الدعاة والمفكرين والداعمين لقضية تطبيق الشريعة من السياسيين والقانونيين فهذا لا يَضير الشريعة ولا يعيبها؛ وإنما العيب في الأشخاص وممارساتهم الخاطئة، وعليه فيجب التفرقة في الحكم بين المنهج والداعي للمنهج.

رابعاً: التأثر بفكر دعاة حقوق الإنسان:

من معوقات تطبيق الشريعة تأثُّر كثير من الناس بفكر بعض دعاة حقوق الإنسان الذين يتهمون نظام العقوبات الإسلامي وتشريعات الحدود بالقسوة وانتهاكها لحقوق الإنسان. وهذا نابع من عدم الفهم الصحيح لحقيقة نظام العقوبات في التشريع الإسلامي، والجهل بحكمتها وتعدد أغراضها وتنوعها لتحقيق الزجر والردع والتأديب للشريرين والمفسدين بحسب نوع الجُرم المرتكَب؛ فما كانت مفسدته عظيمة كانت عقوبته عظيمة، وما كانت مفسدته يسيرة فعقوبته يسيرة، وما كانت مفسدته مختَلَف فيها بحسب اختلاف الزمان والمكان فتقدير عقوبته متروك لولي الأمر، وقد تولى الله - عز وجل - بحكمته وعلمه ورحمته تقدير عقوبات بعض هذه الجرائم نوعاً وقَدْراً لما فيها من المفسدة الثابتة التـي لا تتبـدل مهمـا اختلـف الـزمان والمكـان رفعـاً منه - عز وجل - للحرج وإزالةً للاختلاف فله الحمد والمنة.

خامساً: التعصب المذهبي والفكري بين المسلمين:

فالتعصب المذهبي والفكري لدى بعض المسلمين جعلهم يتشددون في المسائل الخلافية، ويثرِّبون على مخالفيهم، ويوصدوا باب الاجتهاد، فنجم عن هذا إساءة الظن بالشرع، والرضا بالقوانين الوضعية بديلاً عن الشريعة.

يقول الأستاذ عبد القادر عودة - رحمه الله -: (ومن الثابت تاريخياً أن القوانين الأوروبية نُقلَت إلى مصر في عهد الخديوي إسماعيل، وأنه كان يود أن يضع لمصر مجموعات تشريعية مأخوذة من الشريعة ومذاهب الفقه الإسلامي المختلفة وقد طلب من علماء الأزهر أن يضعوا هذه المجاميع، ولكنهم رفضوا إجابة طلبه؛ لأن التعصب المذهبي منعهم من أن يتعاونوا على إظهار الشريعة في أجمل صورها، فضحُّوا بالشريعة جميعها، واحتفظ كل بمذهبه، والتعصب له وأضاعوا على العالم الإسلامي فرصة طالما بكوا على ضياعها، وحق لهم أن يبكوا عليها حتى تعود)[3].

ويقول الدكتور عمر سليمان الأشقر - رحمه الله -: (والذي زاد الطين بِلَّة: جمود المتفقهة المفتين والمعلمين والواعظين على نصوص كتب متبوعيهم المتأخرين، بدون تبصُّر وإعمال روية، ورجوع إلى أصول الشريعة وأقوال السلف، وجهلهم بمقتضى الزمان والعمران، ونفورهم من كل جديد بدون أن يزِنِوه بميزان الشريعة، ومناوأتهم المجددين بدون إصغاء إلى براهينهم، ومكافحتهم العلوم العقلية والكونية، وتحذير الناس من دراستها، وتحجيرهم على غيرهم الاستهداء من الكتاب والسنة لزعمهم أن ذلك كله مخالف للدين، لجهلهم بحقيقة الدين؛ لأن هذه الشريعة الغراء السمحة تسير مع العلم جنباً إلى جنب، واسعة تسع قواعدُها العامة كلَّ جديد من مقتضيات الزمان والعمران؛ لأنها محض رحمة وسعادة.

وأغرب من هذا أن هؤلاء الجامدين من أُسَرَاء التقليد لا يتأثمون من مداهنة الحكام والتجسس لهم، وغشيان ولائمهم التي يتخللها من المنكرات ما تقطع الشريعة بتحريمه، وتوقيعه المقررات المستمدة من القوانين الوضعية، أو الأوضاع الإدارية، أو الاستحسان الكيفي حرصاً على رواتبهم التي يتقاضونها من خزينة الحكومة، أو تعزيزاً لجاههم ومكانتهم، ويتورعون عن الاجتهاد في نازلةٍ نزلت بالمسلمين لأنها غير منصوص عليها بصريح العبارة في كتب المتأخرين من متبوعيهم، فنجم عن تورعهم هذا هجرُ الشريعة والاستعاضة عنها بالقوانين وتشتُّت شمل المسلمين؛ إذ ضربت الفوضى أطنابها، وألقى كلُّ واحد حبله على غاربه، وخُيِّل إلى الجاهلين بالشريعة أنها عقبة كؤود في سبيل الرقي والتجدد والسعادة، كما رسخ في أذهان كثيرٍ من أبنائها أنها غير وافية بمقتضيات هذا الزمان، لعدم وقوفهم على قواعدها العامة الواسعة الشاملة؛ لأن هؤلاء الجامدين حالوا بتكاثف جمودهم، وتبلُّد غبواتهم بينها وبين من يريد اقتباس أنوارها والاستضاءة بأشعتها، واقتطاف ثمرها واستنشاق أريج نورها)[4].

القسم الثاني: المعوقات المادية والواقعية:

أولاً: الاستعمار السياسي والاقتصادي:

المقصود بالاستعمار السياسي، هو: تحكُّم الدول الغربية العظمى في النظم السياسية للبلاد الإسلامية بُغيَة السيطرة على القرارات السيادية والسياسية فيها في مجالات الأمن الداخلي والنظام القانوني والتشريعي والسياسة الخارجية.

أما الاستعمار الاقتصادي فيقصد به: تحكُّم الدول العظمى في مصادر ثروات البلاد الإسلامية ومواردها الطبيعية، واحتكار المواد الخام، والسيطرة على أسواق المال والذهب بها، على نحو يحرم هذه البلاد من استغلال مواردها الطبيعية والمواد الخام بها ويجعلها في عداد الدول الاستهلاكية التي تعتمد في اقتصادها على غيرها من الدول: إما لما تصدِّره لها من سلع ومنتجات، أو لما تمنحه لها من قروض وما تقدِّمه من مساعدات مالية أو عينية.

وهذا الاستعمار هو في حقيقته احتلالٌ غير مباشر للبلاد، لجأت إليه الدول الغربية بعد أن تكبدت خسائر فادحة في الأموال والأرواح في حروبها وأثناء استعمارها للبلاد الإسلامية والإفريقية؛ بحيث تُحكِم سيطرتها السياسية والاقتصادية على هذه البلاد وتحول بينها وبين تقرير مصيرها بإرادتها الحرة بطريقة لا تثير ثورات الشعوب أو استنكار الرأي العام العالمي.

وللدول الغربية عدة وسائل في تحقيق هذا الاستعمار، منها: دعم النظم السياسية التسلطية المتجبرة، وعقد الاتفاقيات غير المتكافئة، ومنح القروض والمساعدات المالية المشروطة، وتقديم المنح العينية كالآلات والمصنوعات والمركبات والمعدات الحربية دون قطع غيارها، وتقديم التسهيلات اللازمة لتصدير منتجاتها لغيرها من البلاد، ووضع العراقيل والعقبات لاستيراد منتجات هذه البلاد، وإعارة الخبراء والمتخصصين وتقديم المساعدات الفنية المشروطة، والمساهمة في تنفيذ المشروعات الاقتصادية طويلة المدى، والحصول على القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية، وإنشاء البنوك الربوية، والسيطرة على أسواق المال (البورصات) وأسواق الذهب، وإثارة الاضطرابات الداخلية والانقسامات الطائفية والحزبية، وغير ذلك.

ثانياً: توجهات الحُكام وتسلطهم:

فأكثر الحُكام في البلاد الإسلامية يرفضون فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية: إما لأنهم ينتهجون سياسة فصل الدين عن الدول، وإما لأنهم يخافون من أن يؤدي تطبيق الشريعة إلى تأخُّرهم وتخلُّفهم، أو يجُرُّ عليهم النزاعات الداخلية وغضب الدول الغربية، أو يثير الفتن الطائفية والرأي العام الغربي قِبَلهم؛ فهم بين علمانية محضة أو تخوفات متوهمة.
عمر سليمان عبد الله الأشقر - الشيخ الدكتور عمر بن سليمان بن عبد الله الأشقر أحد علماء الدين السنة شغل سابقا منصب أستاذ في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية في عمان الأردن.
من كتب السياسة الشرعية كتب إسلامية متنوعة - مكتبة الكتب والموسوعات العامة.

نبذة عن الكتاب:
معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر)

1992م - 1445هـ
من أهم معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية جهل الناس بحقيقة الشريعة وقدرتها على مواكبة متطلبات العصر الحديث؛ إذ يظنون أنها عاجزة عن الوفاء بهذه المتطلبات والنوازل، وأن مصادر التشريع قد خلت من معالجة المسائل العصرية المستحدثة.

وهذه الظنون مبناها على الجهل بحقيقة الشريعة وبمصادر التشريع الإسلامي، وقد تولدت نتيجة تقصير الدعاة عن بيان محاسن التشريع ووجوه إعجازه وأصوله وأحكامه ومصادره، وإذا كنا نريد تطبيق الشريعة فلزاماً أن نُبيِّن للناس محاسنها وإيجابياتها[2] وفضائلها وما فيها من خير في الدنيا قبل الآخرة ، ونبرز لهم وجوه إعجازها وعلوّ كعبها على غيرها من الشرائع والتقنينات، ونقدم لهم صورة واضحة عن الإسلام وأحكامه وقدرته على التعامل مع غير المسلمين بإنصاف وعدل، وفي الجملة بيان أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان؛ لكثرة علومها، وتعدُّد مصادرها، وتنوُّع قواعدها ما بين كلية وجزئية يمكن تنزيل المسائل والفروع عليها - مهما كانت عصرية أو مستحدثة - على نحو يضبط حياة الناس ومعاملاتهم.

ثانياً: ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وشعورهم بالهزيمة النفسية:

من معوقات تطبيق الشريعة ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وهذا الضعف يتمثل في جانبين:

الأول: عدم الثقـة في موعود اللـه - تعالى - بنصره للمسلمين إذا ما تمسـكوا بدينهـم وعادوا لشـريعتهم مصـداقاً لقول اللـه - تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور: ٥٥].

الثاني: عدم الثقة في أحكام الشريعة وقدرتها على مواكبة التطور وتنظيم أحوال المجتمعات وما طرأ عليها والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم ومنازعاتهم.

ولضعف الإيمان المتقدم أسباب متعددة، بعضها نفسي عقائدي يتعلق ببُعد المسلمين عن دينهم وعقيدتهم الصحيحة، وتأثرهم بالفكر العَلماني وفكرة فصل الدين عن الدولة، واعتقاد أن الدين مصدر التخلف. وبعضها يتعلق بأسباب تاريخية وواقعية جراء الهزائم المتوالية التي تعرَّض لها المسلمون في الفترة الأخيرة من تاريخهم، وانقسامهم وتشتتهم، وتخلفهم اقتصادياً وعسكرياً مع تقدم أعدائهم، وتزايد نفوذ العَلمانيين في أجهزة الإعلام ومؤسسات الدولة.

كل هذه الأسباب أدت إلى ضعف إيمان كثير من المسلمين وتغلغل الهزيمة النفسية في أعماقهم حتى ظنوا أنه لا سبيل لهم للخروج من هذه الكبوة، والنهوض من هذه الغفلة لمسايرة ركب التقدم والحضارة، إلا بتتبع الغرب وفصل الدين عن الدولة.

ويمكن التغلب على هذا المعوق بالتربية والتوجيه والإرشاد، وتوضيح إيجابيات أحكام الشريعة ووجوه إعجازها وقدرتها على مسايرة التطور والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم الاجتماعية ومنازعاتهم القضائية.

ثالثاً: انعدام الثقة في النخبة الإسلامية:

إن انعدام الثقة في الإسلاميين من مفكرين وسياسيين وقانونيين منوطٌ بهم وضعُ الشريعة الإسلامية في موضعها الصحيح في النظام السياسي والقانوني للدولة، أدى إلى فَقْد الناس الثقة في التشريع الإسلامي؛ لا سيما الجوانب التي تتعلق بعلاقة المسلمين مع غيرهم، وقد حدث هذا نتيجة أمرين:

الأول: تعليق كثير من الناس الحكم على التشريع الإسلامي بحكمهم على الدعاة ونخبة المفكرين والسياسيين والقانونيين الإسلاميين.

الثاني: الممارسات الخاطئة لبعض هؤلاء السياسيين والقانونيين، وهو ما ينعكس بالضرورة على دعوتهم وسياساتهم ومناهجهم.

ولئن كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة لبعض الدعاة والمفكرين والداعمين لقضية تطبيق الشريعة من السياسيين والقانونيين فهذا لا يَضير الشريعة ولا يعيبها؛ وإنما العيب في الأشخاص وممارساتهم الخاطئة، وعليه فيجب التفرقة في الحكم بين المنهج والداعي للمنهج.

رابعاً: التأثر بفكر دعاة حقوق الإنسان:

من معوقات تطبيق الشريعة تأثُّر كثير من الناس بفكر بعض دعاة حقوق الإنسان الذين يتهمون نظام العقوبات الإسلامي وتشريعات الحدود بالقسوة وانتهاكها لحقوق الإنسان. وهذا نابع من عدم الفهم الصحيح لحقيقة نظام العقوبات في التشريع الإسلامي، والجهل بحكمتها وتعدد أغراضها وتنوعها لتحقيق الزجر والردع والتأديب للشريرين والمفسدين بحسب نوع الجُرم المرتكَب؛ فما كانت مفسدته عظيمة كانت عقوبته عظيمة، وما كانت مفسدته يسيرة فعقوبته يسيرة، وما كانت مفسدته مختَلَف فيها بحسب اختلاف الزمان والمكان فتقدير عقوبته متروك لولي الأمر، وقد تولى الله - عز وجل - بحكمته وعلمه ورحمته تقدير عقوبات بعض هذه الجرائم نوعاً وقَدْراً لما فيها من المفسدة الثابتة التـي لا تتبـدل مهمـا اختلـف الـزمان والمكـان رفعـاً منه - عز وجل - للحرج وإزالةً للاختلاف فله الحمد والمنة.

خامساً: التعصب المذهبي والفكري بين المسلمين:

فالتعصب المذهبي والفكري لدى بعض المسلمين جعلهم يتشددون في المسائل الخلافية، ويثرِّبون على مخالفيهم، ويوصدوا باب الاجتهاد، فنجم عن هذا إساءة الظن بالشرع، والرضا بالقوانين الوضعية بديلاً عن الشريعة.

يقول الأستاذ عبد القادر عودة - رحمه الله -: (ومن الثابت تاريخياً أن القوانين الأوروبية نُقلَت إلى مصر في عهد الخديوي إسماعيل، وأنه كان يود أن يضع لمصر مجموعات تشريعية مأخوذة من الشريعة ومذاهب الفقه الإسلامي المختلفة وقد طلب من علماء الأزهر أن يضعوا هذه المجاميع، ولكنهم رفضوا إجابة طلبه؛ لأن التعصب المذهبي منعهم من أن يتعاونوا على إظهار الشريعة في أجمل صورها، فضحُّوا بالشريعة جميعها، واحتفظ كل بمذهبه، والتعصب له وأضاعوا على العالم الإسلامي فرصة طالما بكوا على ضياعها، وحق لهم أن يبكوا عليها حتى تعود)[3].

ويقول الدكتور عمر سليمان الأشقر - رحمه الله -: (والذي زاد الطين بِلَّة: جمود المتفقهة المفتين والمعلمين والواعظين على نصوص كتب متبوعيهم المتأخرين، بدون تبصُّر وإعمال روية، ورجوع إلى أصول الشريعة وأقوال السلف، وجهلهم بمقتضى الزمان والعمران، ونفورهم من كل جديد بدون أن يزِنِوه بميزان الشريعة، ومناوأتهم المجددين بدون إصغاء إلى براهينهم، ومكافحتهم العلوم العقلية والكونية، وتحذير الناس من دراستها، وتحجيرهم على غيرهم الاستهداء من الكتاب والسنة لزعمهم أن ذلك كله مخالف للدين، لجهلهم بحقيقة الدين؛ لأن هذه الشريعة الغراء السمحة تسير مع العلم جنباً إلى جنب، واسعة تسع قواعدُها العامة كلَّ جديد من مقتضيات الزمان والعمران؛ لأنها محض رحمة وسعادة.

وأغرب من هذا أن هؤلاء الجامدين من أُسَرَاء التقليد لا يتأثمون من مداهنة الحكام والتجسس لهم، وغشيان ولائمهم التي يتخللها من المنكرات ما تقطع الشريعة بتحريمه، وتوقيعه المقررات المستمدة من القوانين الوضعية، أو الأوضاع الإدارية، أو الاستحسان الكيفي حرصاً على رواتبهم التي يتقاضونها من خزينة الحكومة، أو تعزيزاً لجاههم ومكانتهم، ويتورعون عن الاجتهاد في نازلةٍ نزلت بالمسلمين لأنها غير منصوص عليها بصريح العبارة في كتب المتأخرين من متبوعيهم، فنجم عن تورعهم هذا هجرُ الشريعة والاستعاضة عنها بالقوانين وتشتُّت شمل المسلمين؛ إذ ضربت الفوضى أطنابها، وألقى كلُّ واحد حبله على غاربه، وخُيِّل إلى الجاهلين بالشريعة أنها عقبة كؤود في سبيل الرقي والتجدد والسعادة، كما رسخ في أذهان كثيرٍ من أبنائها أنها غير وافية بمقتضيات هذا الزمان، لعدم وقوفهم على قواعدها العامة الواسعة الشاملة؛ لأن هؤلاء الجامدين حالوا بتكاثف جمودهم، وتبلُّد غبواتهم بينها وبين من يريد اقتباس أنوارها والاستضاءة بأشعتها، واقتطاف ثمرها واستنشاق أريج نورها)[4].

القسم الثاني: المعوقات المادية والواقعية:

أولاً: الاستعمار السياسي والاقتصادي:

المقصود بالاستعمار السياسي، هو: تحكُّم الدول الغربية العظمى في النظم السياسية للبلاد الإسلامية بُغيَة السيطرة على القرارات السيادية والسياسية فيها في مجالات الأمن الداخلي والنظام القانوني والتشريعي والسياسة الخارجية.

أما الاستعمار الاقتصادي فيقصد به: تحكُّم الدول العظمى في مصادر ثروات البلاد الإسلامية ومواردها الطبيعية، واحتكار المواد الخام، والسيطرة على أسواق المال والذهب بها، على نحو يحرم هذه البلاد من استغلال مواردها الطبيعية والمواد الخام بها ويجعلها في عداد الدول الاستهلاكية التي تعتمد في اقتصادها على غيرها من الدول: إما لما تصدِّره لها من سلع ومنتجات، أو لما تمنحه لها من قروض وما تقدِّمه من مساعدات مالية أو عينية.

وهذا الاستعمار هو في حقيقته احتلالٌ غير مباشر للبلاد، لجأت إليه الدول الغربية بعد أن تكبدت خسائر فادحة في الأموال والأرواح في حروبها وأثناء استعمارها للبلاد الإسلامية والإفريقية؛ بحيث تُحكِم سيطرتها السياسية والاقتصادية على هذه البلاد وتحول بينها وبين تقرير مصيرها بإرادتها الحرة بطريقة لا تثير ثورات الشعوب أو استنكار الرأي العام العالمي.

وللدول الغربية عدة وسائل في تحقيق هذا الاستعمار، منها: دعم النظم السياسية التسلطية المتجبرة، وعقد الاتفاقيات غير المتكافئة، ومنح القروض والمساعدات المالية المشروطة، وتقديم المنح العينية كالآلات والمصنوعات والمركبات والمعدات الحربية دون قطع غيارها، وتقديم التسهيلات اللازمة لتصدير منتجاتها لغيرها من البلاد، ووضع العراقيل والعقبات لاستيراد منتجات هذه البلاد، وإعارة الخبراء والمتخصصين وتقديم المساعدات الفنية المشروطة، والمساهمة في تنفيذ المشروعات الاقتصادية طويلة المدى، والحصول على القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية، وإنشاء البنوك الربوية، والسيطرة على أسواق المال (البورصات) وأسواق الذهب، وإثارة الاضطرابات الداخلية والانقسامات الطائفية والحزبية، وغير ذلك.

ثانياً: توجهات الحُكام وتسلطهم:

فأكثر الحُكام في البلاد الإسلامية يرفضون فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية: إما لأنهم ينتهجون سياسة فصل الدين عن الدول، وإما لأنهم يخافون من أن يؤدي تطبيق الشريعة إلى تأخُّرهم وتخلُّفهم، أو يجُرُّ عليهم النزاعات الداخلية وغضب الدول الغربية، أو يثير الفتن الطائفية والرأي العام الغربي قِبَلهم؛ فهم بين علمانية محضة أو تخوفات متوهمة. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

 

الحمد لله الذي رفع لنا في كل ثغر علماً، وأجرى لنا في جوار كل بحر ما يضاهيه كرماً، وجعل في هذه الأمة من المسلمين إلى اليوم من يزيد الناس علماً ويمحو من الظلمات ظلماً، أما بعد: فلا يمكن الكلام عن قضية تطبيق الشريعة الإسلامية دون التعرض لموضوع هام يرتبط بها ارتباطاً وثيقاً مؤثراً، وهو: (معوقات تطبيق الشريعة) إذ لا سبيل للوصول للحق من دون تذليل العقبات التي تعترضه، وفي ضوء ما سيتم إزالته من عقبات، ومن خلال ما سيتم تقديمه من تهيئة، ستحسم قضية تطبيق الشريعة بسرعة وستؤتي ثمارها بين الناس. 

وليس معنى ما تقدم تعليق تحكيم الشريعة لحين تذليل هذه العقبات؛ فتذليل هذه العقبات ربما يستغرق شهوراً أو سنوات، بل معناه أن كلا الأمرين (تطبيق الشريعة، وإزالة معوقات تطبيقها) لابد أن يسير في الاتجاه ذاته في الوقت ذاته، كما حدث ذلك بشأن تحكيم القوانين الوضعية حين عمد المستعمرون والعلمانيون إلى وضع هذه القوانين في نهاية عهد الدولة العثمانية وبعدها، بالرغم من أن الشعوب الإسلامية لم تكن لتتقبل ذلك في هذا التوقيت طواعية واختياراً، لكن المستعمرين لم يدخلوا القوانين الوضعية البلاد الإسلامية فحسب، بل أخذوا ينفذون خطة منهجية لمسخ المناهج الدراسية وتصفيتها من الجوانب الدينية شيئاً فشيئاً، ولم يكن هذا في المدارس النظامية فقط، بل كذلك في المدارس والمعاهد الدينية، وكذلك شرعوا في تأسيس مدارس الحقوق وكلياتها وفق مناهجهم لبث سمومهم وتكوين جيل من المسلمين يحمل على عاتقه مهمة الانحراف بالأمة عن شرع الله بدلاً عنهم إما عمداً أو جهلاً.

 وليس ذلك فحسب بل أخذوا ينعمون بالمنح الدراسية في جامعاتهم على أفذاذ شباب هذه الأمة وأوائل الطلبة في مدارس وكليات البلاد الإسلامية -كما حدث مع الأستاذين الشهيرين عبد الرزاق السنهوري وطه حسين وغيرهما- ليعودوا بعد استكمال دراستهم أشد عداء للشريعة؛ ففرنسا وإنكلترا وأمريكا وغيرها تحصد الآن ما زرعته وما بذلته من مجهود في سبيل تغيير التوجه العام للشعوب الإسلامية، وتهيئة المناخ نحو رفض تطبيق الشريعة إذا ما أذن لها أن تعود، وكل ما علينا إذن هو إعادة تهيئة هذا المناخ نحو تقبل الشريعة قانوناً يتحاكم إليه وبه المسلمون بإزالة المعوقات والعقبات التي وضعها الغربيون للحيلولة دون تطبيق الشريعة. ويمكننا تقسيم معوقات تطبيق الشريعة إلى قسمين: الأول: معوقات نفسية وفكرية تتعلق بالإيمان والعقيدة والعوامل النفسية وطرق التفكير. الثاني: معوقات مادية وواقعية فرضتها حوادث تاريخية أو ظروف حالية. 

 القسم الأول: المعوقات النفسية والفكرية: - أولاً: الجهل بحقيقة الشريعة وقدرتها على مواكبة متطلبات العصر الحديث: من أهم معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية جهل الناس بحقيقة الشريعة وقدرتها على مواكبة متطلبات العصر الحديث؛ إذ يظنون أنها عاجزة عن الوفاء بهذه المتطلبات والنوازل، وأن مصادر التشريع قد خلت من معالجة المسائل العصرية المستحدثة. 

وهذه الظنون مبناها على الجهل بحقيقة الشريعة وبمصادر التشريع الإسلامي، وقد تولدت نتيجة تقصير الدعاة عن بيان محاسن التشريع ووجوه إعجازه وأصوله وأحكامه ومصادره، وإذا كنا نريد تطبيق الشريعة فلزاما أن نبين للناس محاسنها وإيجابياتها وفضائلها وما فيها من خير في الدنيا قبل الآخرة، ونبرز لهم وجوه إعجازها وعلو كعبها على غيرها من الشرائع والتقنينات، ونقدم لهم صورة واضحة عن الإسلام وأحكامه وقدرته على التعامل مع غير المسلمين بإنصاف وعدل، وفي الجملة بيان أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان؛ لكثرة علومها، وتعدد مصادرها، وتنوع قواعدها ما بين كلية وجزئية يمكن تنزيل المسائل والفروع عليها -مهما كانت عصرية أو مستحدثة- على نحو يضبط حياة الناس ومعاملاتهم. 

- ثانياً: ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وشعورهم بالهزيمة النفسية: من معوقات تطبيق الشريعة ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وهذا الضعف يتمثل في جانبين: الأول: عدم الثقة في موعود الله تعالى بنصره للمسلمين إذا ما تمسكوا بدينهم وعادوا لشريعتهم، مصداقاً لقول الله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً} [النور: 55]. 

الثاني: عدم الثقة في أحكام الشريعة وقدرتها على مواكبة التطور وتنظيم أحوال المجتمعات وما طرأ عليها والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم ومنازعاتهم.

 ولضعف الإيمان المتقدم أسباب متعددة، بعضها نفسي عقائدي يتعلق ببعد المسلمين عن دينهم وعقيدتهم الصحيحة، وتأثرهم بالفكر العلماني وفكرة فصل الدين عن الدولة، واعتقاد أن الدين مصدر التخلف. وبعضها يتعلق بأسباب تاريخية وواقعية جراء الهزائم المتوالية التي تعرض لها المسلمون في الفترة الأخيرة من تاريخهم، وانقسامهم وتشتتهم، وتخلفهم اقتصادياً وعسكرياً مع تقدم أعدائهم، وتزايد نفوذ العلمانيين في أجهزة الإعلام ومؤسسات الدولة. كل هذه الأسباب أدت إلى ضعف إيمان كثير من المسلمين وتغلغل الهزيمة النفسية في أعماقهم حتى ظنوا أنه لا سبيل لهم للخروج من هذه الكبوة، والنهوض من هذه الغفلة لمسايرة ركب التقدم والحضارة، إلا بتتبع الغرب وفصل الدين عن الدولة.

 ويمكن التغلب على هذا المعوق بالتربية والتوجيه والإرشاد، وتوضيح إيجابيات أحكام الشريعة ووجوه إعجازها وقدرتها على مسايرة التطور والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم الاجتماعية ومنازعاتهم القضائية. - ثالثاً: انعدام الثقة في النخبة الإسلامية: إن انعدام الثقة في الإسلاميين من مفكرين وسياسيين وقانونيين منوط بهم وضع الشريعة الإسلامية في موضعها الصحيح في النظام السياسي والقانوني للدولة، أدى إلى فقد الناس الثقة في التشريع الإسلامي؛ لاسيما الجوانب التي تتعلق بعلاقة المسلمين مع غيرهم، وقد حدث هذا نتيجة أمرين:

 الأول: تعليق كثير من الناس الحكم على التشريع الإسلامي بحكمهم على الدعاة ونخبة المفكرين والسياسيين والقانونيين الإسلاميين. الثاني: الممارسات الخاطئة لبعض هؤلاء السياسيين والقانونيين، وهو ما ينعكس بالضرورة على دعوتهم وسياساتهم ومناهجهم. 

ولئن كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة لبعض الدعاة والمفكرين والداعمين لقضية تطبيق الشريعة من السياسيين والقانونيين فهذا لا يضير الشريعة ولا يعيبها؛ وإنما العيب في الأشخاص وممارساتهم الخاطئة، وعليه فيجب التفرقة في الحكم بين المنهج والداعي للمنهج. -

 رابعاً: التأثر بفكر دعاة حقوق الإنسان: من معوقات تطبيق الشريعة تأثر كثير من الناس بفكر بعض دعاة حقوق الإنسان الذين يتهمون نظام العقوبات الإسلامي وتشريعات الحدود بالقسوة وانتهاكها لحقوق الإنسان. وهذا نابع من عدم الفهم الصحيح لحقيقة نظام العقوبات في التشريع الإسلامي، والجهل بحكمتها وتعدد أغراضها وتنوعها لتحقيق الزجر والردع والتأديب للشريرين والمفسدين بحسب نوع الجرم المرتكب؛ فما كانت مفسدته عظيمة كانت عقوبته عظيمة، وما كانت مفسدته يسيرة فعقوبته يسيرة، وما كانت مفسدته مختلف فيها بحسب اختلاف الزمان والمكان فتقدير عقوبته متروك لولي الأمر، وقد تولى الله عز وجل بحكمته وعلمه ورحمته تقدير عقوبات بعض هذه الجرائم نوعاً وقدراً لما فيها من المفسدة الثابتة التي لا تتبدل مهما اختلف الزمان والمكان رفعاً منه عز وجل للحرج وإزالة للاختلاف، فله الحمد والمنة.

 

من أهم معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية جهل الناس بحقيقة الشريعة وقدرتها على مواكبة متطلبات العصر الحديث؛ إذ يظنون أنها عاجزة عن الوفاء بهذه المتطلبات والنوازل، وأن مصادر التشريع قد خلت من معالجة المسائل العصرية المستحدثة.

وهذه الظنون مبناها على الجهل بحقيقة الشريعة وبمصادر التشريع الإسلامي، وقد تولدت نتيجة تقصير الدعاة عن بيان محاسن التشريع ووجوه إعجازه وأصوله وأحكامه ومصادره، وإذا كنا نريد تطبيق الشريعة فلزاماً أن نُبيِّن للناس محاسنها وإيجابياتها[2] وفضائلها وما فيها من خير في الدنيا قبل الآخرة ، ونبرز لهم وجوه إعجازها وعلوّ كعبها على غيرها من الشرائع والتقنينات، ونقدم لهم صورة واضحة عن الإسلام وأحكامه وقدرته على التعامل مع غير المسلمين بإنصاف وعدل، وفي الجملة بيان أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان؛ لكثرة علومها، وتعدُّد مصادرها، وتنوُّع قواعدها ما بين كلية وجزئية يمكن تنزيل المسائل والفروع عليها - مهما كانت عصرية أو مستحدثة - على نحو يضبط حياة الناس ومعاملاتهم.

 ثانياً: ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وشعورهم بالهزيمة النفسية:

من معوقات تطبيق الشريعة ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين، وهذا الضعف يتمثل في جانبين:

الأول: عدم الثقـة في موعود اللـه - تعالى - بنصره للمسلمين إذا ما تمسـكوا بدينهـم وعادوا لشـريعتهم مصـداقاً لقول اللـه - تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور: ٥٥].

الثاني: عدم الثقة في أحكام الشريعة وقدرتها على مواكبة التطور وتنظيم أحوال المجتمعات وما طرأ عليها والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم ومنازعاتهم.

ولضعف الإيمان المتقدم أسباب متعددة، بعضها نفسي عقائدي يتعلق ببُعد المسلمين عن دينهم وعقيدتهم الصحيحة، وتأثرهم بالفكر العَلماني وفكرة فصل الدين عن الدولة، واعتقاد أن الدين مصدر التخلف. وبعضها يتعلق بأسباب تاريخية وواقعية جراء الهزائم المتوالية التي تعرَّض لها المسلمون في الفترة الأخيرة من تاريخهم، وانقسامهم وتشتتهم، وتخلفهم اقتصادياً وعسكرياً مع تقدم أعدائهم، وتزايد نفوذ العَلمانيين في أجهزة الإعلام ومؤسسات الدولة.

كل هذه الأسباب أدت إلى ضعف إيمان كثير من المسلمين وتغلغل الهزيمة النفسية في أعماقهم حتى ظنوا أنه لا سبيل لهم للخروج من هذه الكبوة، والنهوض من هذه الغفلة لمسايرة ركب التقدم والحضارة، إلا بتتبع الغرب وفصل الدين عن الدولة.

ويمكن التغلب على هذا المعوق بالتربية والتوجيه والإرشاد، وتوضيح إيجابيات أحكام الشريعة ووجوه إعجازها وقدرتها على مسايرة التطور والوفاء بحاجات الناس وحل مشاكلهم الاجتماعية ومنازعاتهم القضائية.

 ثالثاً: انعدام الثقة في النخبة الإسلامية:

إن انعدام الثقة في الإسلاميين من مفكرين وسياسيين وقانونيين منوطٌ بهم وضعُ الشريعة الإسلامية في موضعها الصحيح في النظام السياسي والقانوني للدولة، أدى إلى فَقْد الناس الثقة في التشريع الإسلامي؛ لا سيما الجوانب التي تتعلق بعلاقة المسلمين مع غيرهم، وقد حدث هذا نتيجة أمرين:

الأول: تعليق كثير من الناس الحكم على التشريع الإسلامي بحكمهم على الدعاة ونخبة المفكرين والسياسيين والقانونيين الإسلاميين.

الثاني: الممارسات الخاطئة لبعض هؤلاء السياسيين والقانونيين، وهو ما ينعكس بالضرورة على دعوتهم وسياساتهم ومناهجهم.

ولئن كانت هناك بعض الممارسات الخاطئة لبعض الدعاة والمفكرين والداعمين لقضية تطبيق الشريعة من السياسيين والقانونيين فهذا لا يَضير الشريعة ولا يعيبها؛ وإنما العيب في الأشخاص وممارساتهم الخاطئة، وعليه فيجب التفرقة في الحكم بين المنهج والداعي للمنهج.

 رابعاً: التأثر بفكر دعاة حقوق الإنسان:

من معوقات تطبيق الشريعة تأثُّر كثير من الناس بفكر بعض دعاة حقوق الإنسان الذين يتهمون نظام العقوبات الإسلامي وتشريعات الحدود بالقسوة وانتهاكها لحقوق الإنسان. وهذا نابع من عدم الفهم الصحيح لحقيقة نظام العقوبات في التشريع الإسلامي، والجهل بحكمتها وتعدد أغراضها وتنوعها لتحقيق الزجر والردع والتأديب للشريرين والمفسدين بحسب نوع الجُرم المرتكَب؛ فما كانت مفسدته عظيمة كانت عقوبته عظيمة، وما كانت مفسدته يسيرة فعقوبته يسيرة، وما كانت مفسدته مختَلَف فيها بحسب اختلاف الزمان والمكان فتقدير عقوبته متروك لولي الأمر، وقد تولى الله - عز وجل - بحكمته وعلمه ورحمته تقدير عقوبات بعض هذه الجرائم نوعاً وقَدْراً لما فيها من المفسدة الثابتة التـي لا تتبـدل مهمـا اختلـف الـزمان والمكـان رفعـاً منه - عز وجل - للحرج وإزالةً للاختلاف فله الحمد والمنة.

 خامساً: التعصب المذهبي والفكري بين المسلمين:

فالتعصب المذهبي والفكري لدى بعض المسلمين جعلهم يتشددون في المسائل الخلافية، ويثرِّبون على مخالفيهم، ويوصدوا باب الاجتهاد، فنجم عن هذا إساءة الظن بالشرع، والرضا بالقوانين الوضعية بديلاً عن الشريعة.

يقول الأستاذ عبد القادر عودة - رحمه الله -: (ومن الثابت تاريخياً أن القوانين الأوروبية نُقلَت إلى مصر في عهد الخديوي إسماعيل، وأنه كان يود أن يضع لمصر مجموعات تشريعية مأخوذة من الشريعة ومذاهب الفقه الإسلامي المختلفة وقد طلب من علماء الأزهر أن يضعوا هذه المجاميع، ولكنهم رفضوا إجابة طلبه؛ لأن التعصب المذهبي منعهم من أن يتعاونوا على إظهار الشريعة في أجمل صورها، فضحُّوا بالشريعة جميعها، واحتفظ كل بمذهبه، والتعصب له وأضاعوا على العالم الإسلامي فرصة طالما بكوا على ضياعها، وحق لهم أن يبكوا عليها حتى تعود)[3].

ويقول الدكتور عمر سليمان الأشقر - رحمه الله -: (والذي زاد الطين بِلَّة: جمود المتفقهة المفتين والمعلمين والواعظين على نصوص كتب متبوعيهم المتأخرين، بدون تبصُّر وإعمال روية، ورجوع إلى أصول الشريعة وأقوال السلف، وجهلهم بمقتضى الزمان والعمران، ونفورهم من كل جديد بدون أن يزِنِوه بميزان الشريعة، ومناوأتهم المجددين بدون إصغاء إلى براهينهم، ومكافحتهم العلوم العقلية والكونية، وتحذير الناس من دراستها، وتحجيرهم على غيرهم الاستهداء من الكتاب والسنة لزعمهم أن ذلك كله مخالف للدين، لجهلهم بحقيقة الدين؛ لأن هذه الشريعة الغراء السمحة تسير مع العلم جنباً إلى جنب، واسعة تسع قواعدُها العامة كلَّ جديد من مقتضيات الزمان والعمران؛ لأنها محض رحمة وسعادة.

وأغرب من هذا أن هؤلاء الجامدين من أُسَرَاء التقليد لا يتأثمون من مداهنة الحكام والتجسس لهم، وغشيان ولائمهم التي يتخللها من المنكرات ما تقطع الشريعة بتحريمه، وتوقيعه المقررات المستمدة من القوانين الوضعية، أو الأوضاع الإدارية، أو الاستحسان الكيفي حرصاً على رواتبهم التي يتقاضونها من خزينة الحكومة، أو تعزيزاً لجاههم ومكانتهم، ويتورعون عن الاجتهاد في نازلةٍ نزلت بالمسلمين لأنها غير منصوص عليها بصريح العبارة في كتب المتأخرين من متبوعيهم، فنجم عن تورعهم هذا هجرُ الشريعة والاستعاضة عنها بالقوانين وتشتُّت شمل المسلمين؛ إذ ضربت الفوضى أطنابها، وألقى كلُّ واحد حبله على غاربه، وخُيِّل إلى الجاهلين بالشريعة أنها عقبة كؤود في سبيل الرقي والتجدد والسعادة، كما رسخ في أذهان كثيرٍ من أبنائها أنها غير وافية بمقتضيات هذا الزمان، لعدم وقوفهم على قواعدها العامة الواسعة الشاملة؛ لأن هؤلاء الجامدين حالوا بتكاثف جمودهم، وتبلُّد غبواتهم بينها وبين من يريد اقتباس أنوارها والاستضاءة بأشعتها، واقتطاف ثمرها واستنشاق أريج نورها)[4].

القسم الثاني: المعوقات المادية والواقعية:

 أولاً: الاستعمار السياسي والاقتصادي:

المقصود بالاستعمار السياسي، هو: تحكُّم الدول الغربية العظمى في النظم السياسية للبلاد الإسلامية بُغيَة السيطرة على القرارات السيادية والسياسية فيها في مجالات الأمن الداخلي والنظام القانوني والتشريعي والسياسة الخارجية.

أما الاستعمار الاقتصادي فيقصد به: تحكُّم الدول العظمى في مصادر ثروات البلاد الإسلامية ومواردها الطبيعية، واحتكار المواد الخام، والسيطرة على أسواق المال والذهب بها، على نحو يحرم هذه البلاد من استغلال مواردها الطبيعية والمواد الخام بها ويجعلها في عداد الدول الاستهلاكية التي تعتمد في اقتصادها على غيرها من الدول: إما لما تصدِّره لها من سلع ومنتجات، أو لما تمنحه لها من قروض وما تقدِّمه من مساعدات مالية أو عينية.

وهذا الاستعمار هو في حقيقته احتلالٌ غير مباشر للبلاد، لجأت إليه الدول الغربية بعد أن تكبدت خسائر فادحة في الأموال والأرواح في حروبها وأثناء استعمارها للبلاد الإسلامية والإفريقية؛ بحيث تُحكِم سيطرتها السياسية والاقتصادية على هذه البلاد وتحول بينها وبين تقرير مصيرها بإرادتها الحرة بطريقة لا تثير ثورات الشعوب أو استنكار الرأي العام العالمي.

وللدول الغربية عدة وسائل في تحقيق هذا الاستعمار، منها: دعم النظم السياسية التسلطية المتجبرة، وعقد الاتفاقيات غير المتكافئة، ومنح القروض والمساعدات المالية المشروطة، وتقديم المنح العينية كالآلات والمصنوعات والمركبات والمعدات الحربية دون قطع غيارها، وتقديم التسهيلات اللازمة لتصدير منتجاتها لغيرها من البلاد، ووضع العراقيل والعقبات لاستيراد منتجات هذه البلاد، وإعارة الخبراء والمتخصصين وتقديم المساعدات الفنية المشروطة، والمساهمة في تنفيذ المشروعات الاقتصادية طويلة المدى، والحصول على القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية، وإنشاء البنوك الربوية، والسيطرة على أسواق المال (البورصات) وأسواق الذهب، وإثارة الاضطرابات الداخلية والانقسامات الطائفية والحزبية، وغير ذلك.

ثانياً: توجهات الحُكام وتسلطهم:

فأكثر الحُكام في البلاد الإسلامية يرفضون فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية: إما لأنهم ينتهجون سياسة فصل الدين عن الدول، وإما لأنهم يخافون من أن يؤدي تطبيق الشريعة إلى تأخُّرهم وتخلُّفهم، أو يجُرُّ عليهم النزاعات الداخلية وغضب الدول الغربية، أو يثير الفتن الطائفية والرأي العام الغربي قِبَلهم؛ فهم بين علمانية محضة أو تخوفات متوهمة.

معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية من السياسة الشرعية والأحكام السلطانية تحميل مباشر :
 



سنة النشر : 1992م / 1412هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 2.9 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية (ت: الأشقر)

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:


شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
عمر سليمان عبد الله الأشقر - Omar Suleiman Abdullah Al Ashqar

كتب عمر سليمان عبد الله الأشقر الشيخ الدكتور عمر بن سليمان بن عبد الله الأشقر أحد علماء الدين السنة شغل سابقا منصب أستاذ في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية في عمان الأردن.. المزيد..

كتب عمر سليمان عبد الله الأشقر
الناشر:
دار النفائس للنشر والتوزيع
كتب دار النفائس للنشر والتوزيع"دار النفائس في لبنان" مؤسسة ثقافية وفكرية، أسسها أحمد راتب عرموش في بيروت سنة 1390ه/1970م. وكانت ومازالت طموحاتها أكبر من إمكاناتها، فهي ترى العمل في النشر رسالة لا تجارة. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ أحكام التلاوة والتجويد الميسرة ❝ ❞ قواعد اللغة العربية (النحو والصرف الميسر) ❝ ❞ تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ ❞ تاريخ الدولة الأموية 41-132هـ ❝ ❞ تاريخ الدولة الصفوية في إيران ❝ ❞ حكومة العالم الخفية ❝ ❞ قاموس الغذاء والتداوي بالنبات - موسوعة غذائية صحية عامة ❝ ❞ قصص القرآن الكريم ❝ ❞ شرح ابن القيم لأسماء الله الحسنى ❝ ❞ تاريخ العرب قبل الإسلام ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ محمد ابن قيم الجوزية ❝ ❞ عمر سليمان الأشقر ❝ ❞ محمد سهيل طقوش ❝ ❞ نجيب الكيلانى ❝ ❞ عبد الرحمن رأفت الباشا ❝ ❞ بسام العسلي ❝ ❞ د. فضل حسن عباس ❝ ❞ شوقي أبو خليل ❝ ❞ محمد بن يوسف الجوراني ❝ ❞ محمد جمال الدين القاسمي ❝ ❞ محمد عثمان شبير ❝ ❞ وحيد الدين خان ❝ ❞ عماد علي جمعة ❝ ❞ محمد رواس قلعه جي ❝ ❞ فهد خليل زايد ❝ ❞ محمد فتحي عثمان ❝ ❞ محمد باسل الطائي ❝ ❞ محمد عبد الحميد الطرزى ❝ ❞ ظفر الإسلام خان ❝ ❞ أبو منصور الثعالبي ❝ ❞ أحمد قدامة ❝ ❞ شهاب أحمد سعيد العزازي ❝ ❞ شيريب سبيريدوفيتش ❝ ❞ عبد الرحمن الكواكبي ❝ ❞ محمد توفيق أبو علي ❝ ❞ أسامة عمر الأشقر ❝ ❞ عباس أحمد محمد الباز ❝ ❞ مجموعة من المؤلفين ❝ ❞ د.جيلرد هَوزر ❝ ❞ عبد الله بن الصديق الغماري ❝ ❞ محمد الطيب الإبراهيم ❝ ❞ عبد الرزاق ديار بكرلي ❝ ❞ خالد عبد الرحمن العك ❝ ❞ محمد حميد الله ❝ ❞ محمد فريد ❝ ❞ سهيل ديب ❝ ❞ أسعد السحمراني ❝ ❞ زياد صبحي ذياب ❝ ❞ هرمن بوميرانز ❝ ❞ جاسم رمضان الهلالى ❝ ❞ طه أحمد الزيدي ❝ ❞ عبد اللطيف محمود آل محمود ❝ ❞ حارث سليمان الضاري ❝ ❞ أحمد بن محمد الأنصاري اليمني الشرواني ❝ ❞ د. احسان حقي ❝ ❞ د.عبدالكريم نوفان عبيدات ❝ ❞ عكرمة سعيد صبري ❝ ❞ محمد أحمد مفلح القضاة أحمد خالد شكري محمد خالد منصور ❝ ❞ أكرم يوسف عمر القواسمي ❝ ❞ محمد علي قاسم العمري ❝ ❞ سيف بن عمر الأسدي التميمي ❝ ❞ محمد أبو الليث الخير آبادي ❝ ❞ د. نعمان جغيم ❝ ❞ د. احمد كنعان ❝ ❞ د. محمد بهاء الدين ❝ ❞ إبراهيم بن محمد العلي ❝ ❞ سعيد فايز الدخيل ❝ ❞ نعمان جغيم ❝ ❞ د. محمد أبو الوفا ❝ ❞ أبى أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسى ❝ ❞ علي بن عبد العزيز بن علي الشبل ❝ ❞ تمام عرموش ❝ ❞ خليفة علي الكعبي ❝ ❞ برهان نمر ❝ ❞ محمد خالد منصور ❝ ❞ أمجد عاطف الحلو ❝ ❱.المزيد.. كتب دار النفائس للنشر والتوزيع