❞ كتاب علم الدين علي باشا مبارك الجزء الرابع ❝  ⏤ علي باشا مبارك

❞ كتاب علم الدين علي باشا مبارك الجزء الرابع ❝ ⏤ علي باشا مبارك

نبذة عن الكتاب :

يمثل كتاب علم الدين علي باشا مبارك مرجعًا قيمًا لباحثي العلوم التاريخية بصورة خاصة والآثار والجغرافيا ومعظم تخصصات العلوم الإنسانية على نحو عام حيث يركز كتاب علم الدين علي باشا مبارك على بعض الموضوعات التاريخية الهامة والتي تشغل اهتمام المؤرخين وباحثي التاريخ من مختلف الاتجاهات الفكرية.

قصة عَلَم الدين
يظهر لي أن علاقة الشيخ الدسوقي بالأستاذ «لين» أوحت إلى علي باشا مبارك أن يضع قصة طويلة ممتعة ظلمها مؤرخو الأدب العربي عند تاريخ القصة، فأهملوها أو جهلوها، مع أني أعتقد أنها أول قصة مصرية قيمِّة أُلِّفت في العهد الحديث، قصة قيمة من حيث موضوعها ومن حيث لغتها، وهي طويلة تقع في نحو ألف وخمسمائة صفحة في أربعة أجزاء، ولم تتم.

كان علي باشا مبارك وقت تأليفها «ناظر المعارف»، أو على حد تعبيرنا اليوم «وزير المعارف» فحشد جمعًا كبيرًا من المدرسين ورجال العلم في مصر ليعمل في هذه القصة، ووضع لها خطة محكمة، هي أن يحصروا أهم مظاهر المدنية الحديثة، كالسكك الحديدية والبريد والملاحة والتياترو والبورصة والبنوك وأوراق المعاملات ووسائل الإضاءة إلى غير ذلك، ثم أن يحصروا أهم المعلومات التي يجب أن يعلمها الإنسان المثقف، وآخر ما وصل إليه العلم فيها كالبحر وعجائبه والبراكين، وعجائب الحيوان، كدود الخشب ودود القز وكلب البحر، والذهب والأحجار الكريمة، والفلاحة والزراعة، وطبقات الأرض، وأشهر النباتات وما يستخرج منها كالقطن واللبن والعنب والأشربة والكؤول، والموضوعات الاجتماعية كعادات الأوربيين في مأكلهم وملبسهم ومجتمعاتهم، وعادات المصريين في ذلك، ثم موضوعات أدبية كالسلف والخلف في الإسلام، والميسر والأنصاب والأزلام، ومعنى المعلقات، وتاريخ القهوة والحشيش، والموالد والأعياد والمواسم، إلى غير ذلك، وكلف كل إخصائي في موضوع أن يكتب له فيه.

ووضع فكرة القصة، وأدخل فيها هذه الموضوعات كلها، وعهد إلى عبد الله باشا فكري، وكيله في المعارف، أن يشرف على لغتها، «ويهذب معانيها ويشذب مبانيها»، ففعل ذلك في أكثر الكتاب، «فجاء كتابًا جامعًا، اشتمل على جمل شتى من غرر الفوائد المتفرقة في كثير من الكتب العربية والفرنجية، في العلوم الشرعية، والفنون الصناعية، وأسرار الخليقة، وغرائب المخلوقات، وعجائب البر والبحر، وما تقلب نوع الإنسان فيه من الأطوار والأدوار في الزمن الغابر، وما هو عليه في الوقت الحاضر، وما طرأ عليه من تقدم وتقهقر، وصفاء وتكدر، وراحة وهناء، وبؤس وعناء … مع الاستكثار من المقابلة والمقارنة بين أحواله وعاداته في الأوقات المتفاوتة، والأنحاء المتباينة».

رأى أن مصر واقفة في مدنيتها عند ما ورثت من القرون الوسطى إلا قليلًا، وأن أوربا سبقتها بمراحلَ في جميع مرافقِ الحياة، وأن الخير لمصر أن يقف أهلها على كل ما وصلت إليه المدنية في أوربا؛ ليتخيروا منها ما يصلح لهم، ويدخلوا منها على نظامهم ما يرقي شئونهم.

ورأى أن النقد في مصر لا يستساغ ولا يباح، والناقد معرض لأنواع من الاضطهاد والعذاب.

ورأى أن التعليم بالقصص ألذ وأمتع، وأدعى إلى النشاط، وأبعد من الملال، وأن الناقد للشئون الاجتماعية في القصة أوسع حرية من الناقد الصريح، فالنقد فيها مألوف يجري على لسان غيره ولا يتعرض صاحبه لما يتعرض له الناقد الصريح، لهذا كله وضع هذه القصة.

بطل القصة شيخ من الأزهر اسمه الشيخ علم الدين، كان أبوه معلم كتاب في قرية من قرى الريف، علم ابنه ما يعلم في الكتاب، من حفظ للقرآن ومبادئ القراءة والكتابة، ثم رأى فيه من النجابة ما جعله يستخير الله ويرسله إلى الأزهر الشريف، فيزوده بالنصائح وبالزاد، ويسافر علم الدين في مركب مع قوم من أهل بلده يقضون فيه الأيام حتى يصلوا إلى القاهرة، ويذهب بخطاب من والده إلى صديق له في مصر يوصيه فيه بابنه، ويطلب منه أن يعرفه بمشايخ الأزهر ليعنوا بأمره، ويجد في طلب العلم، ويعيش على الجراية وعلى السهر في الختمات عيشة ضنكًا، ولكنه يرضى بما قسم الله، ويخطر له الخاطر في الاعتراض على توزيع الغنى والفقر، وكيف يغتني الجهلاء ويفتقر العلماء، فيطرد هذا الخاطر سريعًا، لأنها مشيئة الله الذي لا يسأل عما يفعل، والذي يُجري الأمور بحكمة قد تدق عن الأفهام.

ويتم الشيخ علم الدين دراسته، ويجلس للتدريس، ويريد أن يتزوج، فيستخير الله في أن يتزوج غنية أو فقيرة، فتخرج الاستخارة على الفقيرة، ولو طلب الغنية ما أجابت، فيتزوج فتاة عاقلة دينة فقيرة جاهلة، فيعلمها ويجد في تعليمها حتى تصل قريبًا من درجته في علمه، ويرزق منها بأولاد، ويلح الفقر عليهم فيألم الزوج وتألم الزوجة، ولكن كليهما يكتم ألمه، ثم يدخل الشيخ فيجد زوجته تبكي، فيسألها عن سبب بكائها فتداري، فيلح عليها، فتفصح أنه الفقر وسوء الحال، ويتدرج الحديث في سبب الفقر، فيذهب هو إلى أنه القضاء والقدر، وتذهب هي إلى أنه القانون الطبيعي، وأنه لم يسلك السبل الطبيعية لتحصيل المال ليكون غنيًّا، فلا بد أن يعمل عملًا ما يكسبه مالًا، ولو أدى إلى أن يذهب إلى بلده ليحل محل أبيه في تعليم أولاد القرية، أو نحو ذلك من الأعمال.

ويخرج الشيخ من بيته ضيق الصدر من هذا الجدال مفكرًا في السفر إلى الريف كما نصحت زوجته، ثم تنفرج الأزمة، إذ يحضر رجل إنجليزي إلى القاهرة من المشتغلين باللغة العربية، ويلقى شيخ الجامع الأزهر ومعه رسائل من الأمراء والكبراء يوصون فيها شيخ الجامع بالرعاية له والعناية به، ويقص الإنجليزي على الشيخ أن عنده نسخة من لسان العرب لابن منظور يريد نشرها وطبعها، لعظم فائدة الكتاب، وأنه حضر إلى مصر لتصحيحها، وأنه يريد أن يدله الشيخ على أستاذ من أفاضل العلماء المتبحرين في تصحيح الكتب، ليعينه على عمله، وليقرأ عليه بعض العلوم العربية، وأنه مستعد أن يعطيه في نظير ذلك مرتبًا يرضيه، وإذا اقتضى الحال أن يسافر معه إلى بلاد الإنجليزي استصحبه معه، وضاعف له مرتبه، فسمى له شيخ الجامع جماعة من العلماء، فاجتمع بهم وحادثهم، وعرف ما عندهم، وعرض عليهم أمره، فمنهم من اعتذر لكبر سنه، ومنهم من رأى أن ذلك لا يجوز في الدين، ولكن الذي قبل وأعجبته الفكرة وأعجب به الإنجليزي كان هو الشيخ علم الدين، وعاد إلى بيته وشاور امرأته فشجعته على القبول وطلبت إليه أن يصحب معه أكبر أولاده «برهان الدين» وتم الاتفاق وتأهب الشيخ للسفر.
علي باشا مبارك - علي باشا مبارك اقترن اسمه في تاريخ مصر الحديث بالجانب العملي للنهضة والعمران، وتعددت إسهاماته فيها.

المولد والنشأة
ولد علي مبارك في قرية برنبال والتابعة لمركز منية النصرحاليا و التي كانت تتبع حين ذاك مركز دكرنس محافظة الدقهلية سنة 1239 هـ / 1823م، ونشأ في أسرة كريمة، عندما ولد علي مبارك فرح أهل القرية كلها بمولده مجاملة لأبيه ولأمه التي لم تلد من قبله سوى الإناث، و، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودفعه ذكاؤه الحاد وطموحه الشديد ورغبته العارمة في التعلم إلى الخروج من بلدته ليلتحق بمدرسة الجهادية بالقصر العيني سنة (1251 هـ / 1835م) وهو في الثانية عشرة من عمره، وكانت المدرسة داخلية يحكمها النظام العسكري الصارم، وبعد عام ألغيت مدرسة الجهادية من القصر العيني، واختصت مدرسة الطب بهذا المكان، وانتقل علي مبارك مع زملائه إلى المدرسة التجهيزية بأبي زعبل، وكان نظام التعليم بها أحسن حالاً وأكثر تقدمًا من مدرسة القصر العيني. حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ أحمد أبي خضر عندما كان يذهب إلى الشيخ أحمد ابي خضر يراه كاشر الوجه قاسي الطبع بجوار عصا غليظة تهوى على جسد الأولاد لاتفه الأسباب ففزع (علي) فكره الشيخ مضى خمس سنوات اختُيِرَ مع مجموعة من المتفوقين للالتحاق بمدرسة المهندسخانة في بولاق سنة (1255 هـ / 1839 م)، وكان ناظرها مهندس فرنسي يسمى "يوسف لامبيز بك، ومكث علي مبارك في المدرسة خمس سنوات درس في أثنائها الجبر والهندسة والكيمياء والمعادن والجيولوجيا، والميكانيكا، والفلك، والأراضي وغيرها، حتى تخرج فيها سنة(1260 هـ / 1844 م) ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ علم الدين علي باشا مبارك ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الاول ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء الثاني ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء الثالث ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء الاول ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الثالث ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء الخامس ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الثاني ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء السادس ❝ الناشرين : ❞ المطبعة الكبري الأميرية ❝ ❞ جريدة المحروسه بالاسكندرية ❝ ❱
من كتب تاريخ العالم العربي - مكتبة كتب التاريخ.

نبذة عن الكتاب:
علم الدين علي باشا مبارك الجزء الرابع

1882م - 1445هـ
نبذة عن الكتاب :

يمثل كتاب علم الدين علي باشا مبارك مرجعًا قيمًا لباحثي العلوم التاريخية بصورة خاصة والآثار والجغرافيا ومعظم تخصصات العلوم الإنسانية على نحو عام حيث يركز كتاب علم الدين علي باشا مبارك على بعض الموضوعات التاريخية الهامة والتي تشغل اهتمام المؤرخين وباحثي التاريخ من مختلف الاتجاهات الفكرية.

قصة عَلَم الدين
يظهر لي أن علاقة الشيخ الدسوقي بالأستاذ «لين» أوحت إلى علي باشا مبارك أن يضع قصة طويلة ممتعة ظلمها مؤرخو الأدب العربي عند تاريخ القصة، فأهملوها أو جهلوها، مع أني أعتقد أنها أول قصة مصرية قيمِّة أُلِّفت في العهد الحديث، قصة قيمة من حيث موضوعها ومن حيث لغتها، وهي طويلة تقع في نحو ألف وخمسمائة صفحة في أربعة أجزاء، ولم تتم.

كان علي باشا مبارك وقت تأليفها «ناظر المعارف»، أو على حد تعبيرنا اليوم «وزير المعارف» فحشد جمعًا كبيرًا من المدرسين ورجال العلم في مصر ليعمل في هذه القصة، ووضع لها خطة محكمة، هي أن يحصروا أهم مظاهر المدنية الحديثة، كالسكك الحديدية والبريد والملاحة والتياترو والبورصة والبنوك وأوراق المعاملات ووسائل الإضاءة إلى غير ذلك، ثم أن يحصروا أهم المعلومات التي يجب أن يعلمها الإنسان المثقف، وآخر ما وصل إليه العلم فيها كالبحر وعجائبه والبراكين، وعجائب الحيوان، كدود الخشب ودود القز وكلب البحر، والذهب والأحجار الكريمة، والفلاحة والزراعة، وطبقات الأرض، وأشهر النباتات وما يستخرج منها كالقطن واللبن والعنب والأشربة والكؤول، والموضوعات الاجتماعية كعادات الأوربيين في مأكلهم وملبسهم ومجتمعاتهم، وعادات المصريين في ذلك، ثم موضوعات أدبية كالسلف والخلف في الإسلام، والميسر والأنصاب والأزلام، ومعنى المعلقات، وتاريخ القهوة والحشيش، والموالد والأعياد والمواسم، إلى غير ذلك، وكلف كل إخصائي في موضوع أن يكتب له فيه.

ووضع فكرة القصة، وأدخل فيها هذه الموضوعات كلها، وعهد إلى عبد الله باشا فكري، وكيله في المعارف، أن يشرف على لغتها، «ويهذب معانيها ويشذب مبانيها»، ففعل ذلك في أكثر الكتاب، «فجاء كتابًا جامعًا، اشتمل على جمل شتى من غرر الفوائد المتفرقة في كثير من الكتب العربية والفرنجية، في العلوم الشرعية، والفنون الصناعية، وأسرار الخليقة، وغرائب المخلوقات، وعجائب البر والبحر، وما تقلب نوع الإنسان فيه من الأطوار والأدوار في الزمن الغابر، وما هو عليه في الوقت الحاضر، وما طرأ عليه من تقدم وتقهقر، وصفاء وتكدر، وراحة وهناء، وبؤس وعناء … مع الاستكثار من المقابلة والمقارنة بين أحواله وعاداته في الأوقات المتفاوتة، والأنحاء المتباينة».

رأى أن مصر واقفة في مدنيتها عند ما ورثت من القرون الوسطى إلا قليلًا، وأن أوربا سبقتها بمراحلَ في جميع مرافقِ الحياة، وأن الخير لمصر أن يقف أهلها على كل ما وصلت إليه المدنية في أوربا؛ ليتخيروا منها ما يصلح لهم، ويدخلوا منها على نظامهم ما يرقي شئونهم.

ورأى أن النقد في مصر لا يستساغ ولا يباح، والناقد معرض لأنواع من الاضطهاد والعذاب.

ورأى أن التعليم بالقصص ألذ وأمتع، وأدعى إلى النشاط، وأبعد من الملال، وأن الناقد للشئون الاجتماعية في القصة أوسع حرية من الناقد الصريح، فالنقد فيها مألوف يجري على لسان غيره ولا يتعرض صاحبه لما يتعرض له الناقد الصريح، لهذا كله وضع هذه القصة.

بطل القصة شيخ من الأزهر اسمه الشيخ علم الدين، كان أبوه معلم كتاب في قرية من قرى الريف، علم ابنه ما يعلم في الكتاب، من حفظ للقرآن ومبادئ القراءة والكتابة، ثم رأى فيه من النجابة ما جعله يستخير الله ويرسله إلى الأزهر الشريف، فيزوده بالنصائح وبالزاد، ويسافر علم الدين في مركب مع قوم من أهل بلده يقضون فيه الأيام حتى يصلوا إلى القاهرة، ويذهب بخطاب من والده إلى صديق له في مصر يوصيه فيه بابنه، ويطلب منه أن يعرفه بمشايخ الأزهر ليعنوا بأمره، ويجد في طلب العلم، ويعيش على الجراية وعلى السهر في الختمات عيشة ضنكًا، ولكنه يرضى بما قسم الله، ويخطر له الخاطر في الاعتراض على توزيع الغنى والفقر، وكيف يغتني الجهلاء ويفتقر العلماء، فيطرد هذا الخاطر سريعًا، لأنها مشيئة الله الذي لا يسأل عما يفعل، والذي يُجري الأمور بحكمة قد تدق عن الأفهام.

ويتم الشيخ علم الدين دراسته، ويجلس للتدريس، ويريد أن يتزوج، فيستخير الله في أن يتزوج غنية أو فقيرة، فتخرج الاستخارة على الفقيرة، ولو طلب الغنية ما أجابت، فيتزوج فتاة عاقلة دينة فقيرة جاهلة، فيعلمها ويجد في تعليمها حتى تصل قريبًا من درجته في علمه، ويرزق منها بأولاد، ويلح الفقر عليهم فيألم الزوج وتألم الزوجة، ولكن كليهما يكتم ألمه، ثم يدخل الشيخ فيجد زوجته تبكي، فيسألها عن سبب بكائها فتداري، فيلح عليها، فتفصح أنه الفقر وسوء الحال، ويتدرج الحديث في سبب الفقر، فيذهب هو إلى أنه القضاء والقدر، وتذهب هي إلى أنه القانون الطبيعي، وأنه لم يسلك السبل الطبيعية لتحصيل المال ليكون غنيًّا، فلا بد أن يعمل عملًا ما يكسبه مالًا، ولو أدى إلى أن يذهب إلى بلده ليحل محل أبيه في تعليم أولاد القرية، أو نحو ذلك من الأعمال.

ويخرج الشيخ من بيته ضيق الصدر من هذا الجدال مفكرًا في السفر إلى الريف كما نصحت زوجته، ثم تنفرج الأزمة، إذ يحضر رجل إنجليزي إلى القاهرة من المشتغلين باللغة العربية، ويلقى شيخ الجامع الأزهر ومعه رسائل من الأمراء والكبراء يوصون فيها شيخ الجامع بالرعاية له والعناية به، ويقص الإنجليزي على الشيخ أن عنده نسخة من لسان العرب لابن منظور يريد نشرها وطبعها، لعظم فائدة الكتاب، وأنه حضر إلى مصر لتصحيحها، وأنه يريد أن يدله الشيخ على أستاذ من أفاضل العلماء المتبحرين في تصحيح الكتب، ليعينه على عمله، وليقرأ عليه بعض العلوم العربية، وأنه مستعد أن يعطيه في نظير ذلك مرتبًا يرضيه، وإذا اقتضى الحال أن يسافر معه إلى بلاد الإنجليزي استصحبه معه، وضاعف له مرتبه، فسمى له شيخ الجامع جماعة من العلماء، فاجتمع بهم وحادثهم، وعرف ما عندهم، وعرض عليهم أمره، فمنهم من اعتذر لكبر سنه، ومنهم من رأى أن ذلك لا يجوز في الدين، ولكن الذي قبل وأعجبته الفكرة وأعجب به الإنجليزي كان هو الشيخ علم الدين، وعاد إلى بيته وشاور امرأته فشجعته على القبول وطلبت إليه أن يصحب معه أكبر أولاده «برهان الدين» وتم الاتفاق وتأهب الشيخ للسفر. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

نبذة عن الكتاب :

يمثل كتاب علم الدين علي باشا مبارك مرجعًا قيمًا لباحثي العلوم التاريخية بصورة خاصة والآثار والجغرافيا ومعظم تخصصات العلوم الإنسانية على نحو عام حيث يركز كتاب علم الدين علي باشا مبارك على بعض الموضوعات التاريخية الهامة والتي تشغل اهتمام المؤرخين وباحثي التاريخ من مختلف الاتجاهات الفكرية. 

قصة عَلَم الدين
يظهر لي أن علاقة الشيخ الدسوقي بالأستاذ «لين» أوحت إلى علي باشا مبارك أن يضع قصة طويلة ممتعة ظلمها مؤرخو الأدب العربي عند تاريخ القصة، فأهملوها أو جهلوها، مع أني أعتقد أنها أول قصة مصرية قيمِّة أُلِّفت في العهد الحديث، قصة قيمة من حيث موضوعها ومن حيث لغتها، وهي طويلة تقع في نحو ألف وخمسمائة صفحة في أربعة أجزاء، ولم تتم.

كان علي باشا مبارك وقت تأليفها «ناظر المعارف»، أو على حد تعبيرنا اليوم «وزير المعارف» فحشد جمعًا كبيرًا من المدرسين ورجال العلم في مصر ليعمل في هذه القصة، ووضع لها خطة محكمة، هي أن يحصروا أهم مظاهر المدنية الحديثة، كالسكك الحديدية والبريد والملاحة والتياترو والبورصة والبنوك وأوراق المعاملات ووسائل الإضاءة إلى غير ذلك، ثم أن يحصروا أهم المعلومات التي يجب أن يعلمها الإنسان المثقف، وآخر ما وصل إليه العلم فيها كالبحر وعجائبه والبراكين، وعجائب الحيوان، كدود الخشب ودود القز وكلب البحر، والذهب والأحجار الكريمة، والفلاحة والزراعة، وطبقات الأرض، وأشهر النباتات وما يستخرج منها كالقطن واللبن والعنب والأشربة والكؤول، والموضوعات الاجتماعية كعادات الأوربيين في مأكلهم وملبسهم ومجتمعاتهم، وعادات المصريين في ذلك، ثم موضوعات أدبية كالسلف والخلف في الإسلام، والميسر والأنصاب والأزلام، ومعنى المعلقات، وتاريخ القهوة والحشيش، والموالد والأعياد والمواسم، إلى غير ذلك، وكلف كل إخصائي في موضوع أن يكتب له فيه.

ووضع فكرة القصة، وأدخل فيها هذه الموضوعات كلها، وعهد إلى عبد الله باشا فكري، وكيله في المعارف، أن يشرف على لغتها، «ويهذب معانيها ويشذب مبانيها»، ففعل ذلك في أكثر الكتاب، «فجاء كتابًا جامعًا، اشتمل على جمل شتى من غرر الفوائد المتفرقة في كثير من الكتب العربية والفرنجية، في العلوم الشرعية، والفنون الصناعية، وأسرار الخليقة، وغرائب المخلوقات، وعجائب البر والبحر، وما تقلب نوع الإنسان فيه من الأطوار والأدوار في الزمن الغابر، وما هو عليه في الوقت الحاضر، وما طرأ عليه من تقدم وتقهقر، وصفاء وتكدر، وراحة وهناء، وبؤس وعناء … مع الاستكثار من المقابلة والمقارنة بين أحواله وعاداته في الأوقات المتفاوتة، والأنحاء المتباينة».

رأى أن مصر واقفة في مدنيتها عند ما ورثت من القرون الوسطى إلا قليلًا، وأن أوربا سبقتها بمراحلَ في جميع مرافقِ الحياة، وأن الخير لمصر أن يقف أهلها على كل ما وصلت إليه المدنية في أوربا؛ ليتخيروا منها ما يصلح لهم، ويدخلوا منها على نظامهم ما يرقي شئونهم.

ورأى أن النقد في مصر لا يستساغ ولا يباح، والناقد معرض لأنواع من الاضطهاد والعذاب.

ورأى أن التعليم بالقصص ألذ وأمتع، وأدعى إلى النشاط، وأبعد من الملال، وأن الناقد للشئون الاجتماعية في القصة أوسع حرية من الناقد الصريح، فالنقد فيها مألوف يجري على لسان غيره ولا يتعرض صاحبه لما يتعرض له الناقد الصريح، لهذا كله وضع هذه القصة.

بطل القصة شيخ من الأزهر اسمه الشيخ علم الدين، كان أبوه معلم كتاب في قرية من قرى الريف، علم ابنه ما يعلم في الكتاب، من حفظ للقرآن ومبادئ القراءة والكتابة، ثم رأى فيه من النجابة ما جعله يستخير الله ويرسله إلى الأزهر الشريف، فيزوده بالنصائح وبالزاد، ويسافر علم الدين في مركب مع قوم من أهل بلده يقضون فيه الأيام حتى يصلوا إلى القاهرة، ويذهب بخطاب من والده إلى صديق له في مصر يوصيه فيه بابنه، ويطلب منه أن يعرفه بمشايخ الأزهر ليعنوا بأمره، ويجد في طلب العلم، ويعيش على الجراية وعلى السهر في الختمات عيشة ضنكًا، ولكنه يرضى بما قسم الله، ويخطر له الخاطر في الاعتراض على توزيع الغنى والفقر، وكيف يغتني الجهلاء ويفتقر العلماء، فيطرد هذا الخاطر سريعًا، لأنها مشيئة الله الذي لا يسأل عما يفعل، والذي يُجري الأمور بحكمة قد تدق عن الأفهام.

ويتم الشيخ علم الدين دراسته، ويجلس للتدريس، ويريد أن يتزوج، فيستخير الله في أن يتزوج غنية أو فقيرة، فتخرج الاستخارة على الفقيرة، ولو طلب الغنية ما أجابت، فيتزوج فتاة عاقلة دينة فقيرة جاهلة، فيعلمها ويجد في تعليمها حتى تصل قريبًا من درجته في علمه، ويرزق منها بأولاد، ويلح الفقر عليهم فيألم الزوج وتألم الزوجة، ولكن كليهما يكتم ألمه، ثم يدخل الشيخ فيجد زوجته تبكي، فيسألها عن سبب بكائها فتداري، فيلح عليها، فتفصح أنه الفقر وسوء الحال، ويتدرج الحديث في سبب الفقر، فيذهب هو إلى أنه القضاء والقدر، وتذهب هي إلى أنه القانون الطبيعي، وأنه لم يسلك السبل الطبيعية لتحصيل المال ليكون غنيًّا، فلا بد أن يعمل عملًا ما يكسبه مالًا، ولو أدى إلى أن يذهب إلى بلده ليحل محل أبيه في تعليم أولاد القرية، أو نحو ذلك من الأعمال.

ويخرج الشيخ من بيته ضيق الصدر من هذا الجدال مفكرًا في السفر إلى الريف كما نصحت زوجته، ثم تنفرج الأزمة، إذ يحضر رجل إنجليزي إلى القاهرة من المشتغلين باللغة العربية، ويلقى شيخ الجامع الأزهر ومعه رسائل من الأمراء والكبراء يوصون فيها شيخ الجامع بالرعاية له والعناية به، ويقص الإنجليزي على الشيخ أن عنده نسخة من لسان العرب لابن منظور يريد نشرها وطبعها، لعظم فائدة الكتاب، وأنه حضر إلى مصر لتصحيحها، وأنه يريد أن يدله الشيخ على أستاذ من أفاضل العلماء المتبحرين في تصحيح الكتب، ليعينه على عمله، وليقرأ عليه بعض العلوم العربية، وأنه مستعد أن يعطيه في نظير ذلك مرتبًا يرضيه، وإذا اقتضى الحال أن يسافر معه إلى بلاد الإنجليزي استصحبه معه، وضاعف له مرتبه، فسمى له شيخ الجامع جماعة من العلماء، فاجتمع بهم وحادثهم، وعرف ما عندهم، وعرض عليهم أمره، فمنهم من اعتذر لكبر سنه، ومنهم من رأى أن ذلك لا يجوز في الدين، ولكن الذي قبل وأعجبته الفكرة وأعجب به الإنجليزي كان هو الشيخ علم الدين، وعاد إلى بيته وشاور امرأته فشجعته على القبول وطلبت إليه أن يصحب معه أكبر أولاده «برهان الدين» وتم الاتفاق وتأهب الشيخ للسفر.



سنة النشر : 1882م / 1299هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 16.2 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة علم الدين علي باشا مبارك الجزء الرابع

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل علم الدين علي باشا مبارك الجزء الرابع
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
علي باشا مبارك - Ali Basha Mubarak

كتب علي باشا مبارك علي باشا مبارك اقترن اسمه في تاريخ مصر الحديث بالجانب العملي للنهضة والعمران، وتعددت إسهاماته فيها. المولد والنشأة ولد علي مبارك في قرية برنبال والتابعة لمركز منية النصرحاليا و التي كانت تتبع حين ذاك مركز دكرنس محافظة الدقهلية سنة 1239 هـ / 1823م، ونشأ في أسرة كريمة، عندما ولد علي مبارك فرح أهل القرية كلها بمولده مجاملة لأبيه ولأمه التي لم تلد من قبله سوى الإناث، و، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودفعه ذكاؤه الحاد وطموحه الشديد ورغبته العارمة في التعلم إلى الخروج من بلدته ليلتحق بمدرسة الجهادية بالقصر العيني سنة (1251 هـ / 1835م) وهو في الثانية عشرة من عمره، وكانت المدرسة داخلية يحكمها النظام العسكري الصارم، وبعد عام ألغيت مدرسة الجهادية من القصر العيني، واختصت مدرسة الطب بهذا المكان، وانتقل علي مبارك مع زملائه إلى المدرسة التجهيزية بأبي زعبل، وكان نظام التعليم بها أحسن حالاً وأكثر تقدمًا من مدرسة القصر العيني. حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ أحمد أبي خضر عندما كان يذهب إلى الشيخ أحمد ابي خضر يراه كاشر الوجه قاسي الطبع بجوار عصا غليظة تهوى على جسد الأولاد لاتفه الأسباب ففزع (علي) فكره الشيخ مضى خمس سنوات اختُيِرَ مع مجموعة من المتفوقين للالتحاق بمدرسة المهندسخانة في بولاق سنة (1255 هـ / 1839 م)، وكان ناظرها مهندس فرنسي يسمى "يوسف لامبيز بك، ومكث علي مبارك في المدرسة خمس سنوات درس في أثنائها الجبر والهندسة والكيمياء والمعادن والجيولوجيا، والميكانيكا، والفلك، والأراضي وغيرها، حتى تخرج فيها سنة(1260 هـ / 1844 م)❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ علم الدين علي باشا مبارك ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الاول ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء الثاني ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء الثالث ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء الاول ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الثالث ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء الخامس ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الثاني ❝ ❞ الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة- الجزء السادس ❝ الناشرين : ❞ المطبعة الكبري الأميرية ❝ ❞ جريدة المحروسه بالاسكندرية ❝ ❱. المزيد..

كتب علي باشا مبارك
الناشر:
جريدة المحروسه بالاسكندرية
كتب جريدة المحروسه بالاسكندرية ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ علم الدين علي باشا مبارك ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الاول ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الثالث ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الثاني ❝ ❞ علم الدين علي باشا مبارك الجزء الرابع ❝ ❞ علم الدين (الجزء الأول) ❝ ❞ علم الدين (الجزءالرابع) ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ علي مبارك ❝ ❞ علي باشا مبارك ❝ ❱.المزيد.. كتب جريدة المحروسه بالاسكندرية